عادةً ما يكون فصل الصيف هو الوقت المرتبط بصدور أهم الأفلام التي تحتفي بأمجاد الولايات المتحدة، بدءً من فيلم "Independence Day" إلى فيلم "Top Gun: Maverick"، إذ أنه غالباً ما يكون هذا الموسم الساخن بمثابة لحظة تكريم لأميركا، ولكن فيلم "أوبنهايمر- Oppenheimer"، وهو أحدث أعمال المخرج كريستوفر نولان، ليس كذلك، حسب "بلومبرغ".
وأوضحت الوكالة الأميركية، في تحليل نقدي كتبته الناقدة إستر زوكرمان، ونشرته الخميس على موقعها، أن الفيلم يحكي السيرة الذاتية لـ"جي روبرت أوبنهايمر"، عالم الفيزياء والذي يعرف بأنه "أبو القنبلة الذرية"، من خلال إظهار الممثل كيليان مورفي الذي أدى دور أوبنهايمر لمزيج من الغطرسة والشعور الندم.
وأضافت الوكالة "بجانب محاسبة الولايات المتحدة على عمليات القتل الجماعي في هيروشيما وناجازاكي خلال هذا الفيلم (تعرضتا لقصف ذري في الحرب العالمية الثانية)، قام نولان بإخراج عمل فني يتساءل فيه عن الولاء للوطن وكيف يمكن أن يصطدم مع الشعور بالذات ويؤدي إلى نتائج كارثية".
وميض القنبلة
وظهر "أوبنهايمر" في الفيلم متحدثاً بشكل أكبر مما قد يتوقعه الجمهور من مخرج فيلمي "دارك نايت" و"إنسيبشن" المعروفين بتركيزهم على الصورة البصرية.
ويبدو أن نولان قد وضع كل براعته الفنية في تصوير الدراما الموجودة في الأحداث، حيث تم تصوير الاختبار الأول للقنبلة النووية في "Los Alamos" بشكل مذهل إذ يغمر الضوء الأبيض الشاشة في صمت قبل أن يتردد الصوت من حولك في صالة العرض.
ويكمن جوهر الفيلم في مشاهد الاستجواب التي تتكرر على مدار 3 ساعات كاملة، حيث يتم تقديم صورة متعددة الأوجه لموضوع الفيلم من وجهات نظر مختلفة، وهو ما ساعد على ترسيخ فكرة نولان الأساسية بسرعة في الدقائق الأولى للفيلم.
ويظهر "أوبنهايمر" بشكل أقل تعقيداً من معظم أفلام نولان، إذ يتنقل المخرج بالكاميرا في الوقت اللازم فقط، مع عمل مكياج دقيق يشير إلى مرحلة الحياة التي يعيش فيها أبطاله.
ويقدم الفيلم أيضاً وصفاً واضحاً لكيفية صعود أوبنهايمر من طالب لامع إلى أكاديمي يغازل الحزب الشيوعي لزعيم البرنامج السري الذي يعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية والمعروف باسم مشروع مانهاتن، والذي تسابق فيه تحالف من العلماء اللامعين لبناء قنبلة ذات قدرات تدميرية غير مسبوقة من أجل التغلب على ألمانيا.
وبسبب كون نولان كاتباً أيضاً، فإنه يهتم كثيراً بالعواطف، وهو ما كان موجوداً في "أوبنهايمر"، إذ بدا الحوار عاطفياً للغاية خاصة في الأجزاء الأولى للفيلم، كما تكافح الشخصيات النسائية فيه لإيجاد مكان لها.
"أوبنهايمر"
واستطاعت الممثلتان إميلي بلانت وفلورنس بيو القيام بدوري زوجته كيتي وصديقته جان تاتلوك بأداء قوي، حيث يمكن للمشاهد أن يشعر أنهما تتقاتلان للعثور على الفروق الدقيقة التي لا يوفرها السيناريو دائماً طوال فترة عرض الفيلم، إذ يبدو استعراض مواهب الممثلين كإحدى ميزات فيلم "Oppenheimer" العديدة.
وتابعت الوكالة: "لقد ابتكر نولان ملحمة عن حدود البطولة الأميركية، ففي هذه الرواية، قام أوبنهايمر، مسترشداً بحبه للتجربة، وغطرسته، بجعل روحه ملعونة من أجل بلده".
وفي نهاية التحليل، قالت الوكالة إن نولان ومورفي سمحا لجمهورهما بالاقتراب قدر الإمكان من الدخول في رأس أوبنهايمر، الذي تتشابك فيه العبقرية والشعور بالذنب.
وأشارت إلى أن قضاء الوقت أثناء مشاهدة هذا الفيلم قد لا يكون ممتعاً بالضرورة، ولذا ففي حال كان المشاهد يبحث عن ترفيه بسيط يتعلق بالأمجاد الأميركية، فعليه تجنب مشاهدته، ولكن إذا كان يريد مشاهدة حياة الرجل الذي أصبح عنواناً للموت والدمار في العالم بشكل مفصل، فعليه مشاهدته.
اقرأ أيضاً: