توفي الموسيقار السوداني محمد الأمين حمد النيل، فجر الاثنين، في فرجينيا بالولايات المتحدة عن 80 عاماً، بعد صراع قصير مع المرض، تاركاً حزناً كبيراً خيم على جمهوره.
بزغ نجم محمد الأمين، الذي يُعرف وسط جمهوره بألقاب منها "ود الأمين" و"الباشكاتب"، في عام 1962 في برنامج "مع الأقاليم" على الإذاعة السودانية، إذ عمل على تجديد الموسيقى السودانية باستحداث ألوان متفردة على مستوى الأداء والألحان.
وقدم محمد الأمين، الذي ولد في 20 فبراير 1943 في ضواحي مدينة ود مدني بوسط السودان، عدداً كبيراً من الأغاني والألحان الوطنية، وأخرى عابرة للحدود أبرزها "طائشة الضفائر" للشاعر نزار قباني.
وقال علم الدين حمد النيل، شقيق الموسيقار الراحل، لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) بنبرة حزينة قبل أن ينفجر باكياً: "نبأ رحيل محمد الأمين كان مفجعاً ووقع كالصاعقة".
وأضاف: "لولا الأحداث التي تمر بها البلاد لكنا في هذا الوقت في مطار الخرطوم ننتظر الجثمان لدفنه في ود مدني لكنها الأقدار"، لافتاً إلى أن جثمان الموسيقار سيوارى الثرى، الثلاثاء، في فرجينيا.
واعتبر أسامة بيكلو، أحد أعضاء فرقة محمد الأمين الموسيقية، أن وفاته "يوم أسود"، قائلاً إنه أصبح يتيماً بعد رحيل رفيق دربه.
وأضاف بيكلو الذي عمل مع محمد الأمين منذ ما يزيد على 30 عاماً: "تحدى السلم الخماسي المرتبط بالشخصية السودانية، وأدخل السلم السباعي القريب من الموسيقى العربية، ولاقى قبولاً كبيراً من الجمهور".
ونعى مجلس السيادة السوداني وقوى سياسية وجماعات دينية الموسيقار الراحل، وقال القيادي في قوى الحرية والتغيير عمر الدقير في حسابه على منصة إكس: "منذ بواكير ظهوره في ساحة الإبداع في بلادنا قبل حوالي 7 عقود، ظل الأستاذ محمد الأمين كما نخلة سامقة في تلك الساحة، ينثر فيها ثمار منجزه الإبداعي المعبر عن آلام شعبه وآماله والمساهم في الوصل الوجداني بين مكوناته وتعزيز الشعور الوطني".
وجدان السودانيين
وتابع الدقير أنه برحيل الباشكاتب "ينفصل الجمر عن صندل الغناء، ويحزن الثوار والعشاق والصاعدين لقيم النبل والجمال، ويبكي الكمان وينتحب العود، فقد كان صوتاً للحرية في مناخات الاستبداد والقهر، وكان مغنياً للحب دافعاً به إلى معناهُ الأسمى ومحتفياً بقيم النبل والجمال".
ويرى الصحافي والناقد الفني السوداني ياسر عركي، أحد المقربين من محمد الأمين، أن اتجاه الموسيقار الراحل إلى الموسيقى واهتمامه بآلة العود ومحاولة تطبيق السلالم عليها، بالإضافة إلى موهبته الفطرية واستماعه للموسيقى العربية، خاصة أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، زاد ثقافته وصقل موهبته، وأصبح من أكثر العازفين براعة على العود.
وأضاف عركي: "هذه المهارة أنتجت ألحاناً ظلت راسخة في وجدان الشعب السوداني".
من جانبه، قال الناقد السر السيد إن محمد الأمين أحد البنى التحتية للموسيقى السودانية الحديثة "وشكل نقلات كبيرة ومهمة وتواصلاً بين الأجيال المختلفة".
وأبلغ وكالة أنباء العالم العربي: "محمد الأمين يمتلك ثقافة موسيقية كبيرة، ومعظم أغانيه طويلة، كما ارتبط بالأغنية الوطنية، وتغنى للحب والحرية والجمال".
وأضاف: "رحيل محمد الأمين سيترك فراغاً كبيراً، ويعتبر خسارة كبيرة في خضم الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي اقتربت من إكمال شهرها السابع، باعتباره أحد المؤثرين في البلاد".
وتابع: "كان فناناً عابراً للأجيال، وغنى في حقب سياسية مختلفة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، واستطاع أن يستمر في العطاء حتى وفاته... على الرغم من أنه بدأ مسيرته في وقت مبكر".