ينتظر محبو "يوروفيجن"، أحد أكثر المواعيد الموسيقية السنوية استقطاباً للمشاهدين في العالم، بشغف الحفلة الختامية للمسابقة الغنائية الأوروبية الشهيرة في مدينة مالمو السويدية، السبت، في حدث طغت عليه هذا العام الانتقادات لمشاركة إسرائيل والتظاهرات الرافضة للحرب على غزة.
وتُعتبر كرواتيا، وسويسرا، وأوكرانيا، الأوفر حظاً بين الدول الـ26 التي تشارك في المرحلة النهائية من هذه المسابقة، التي تابعها 162 مليون مشاهد عام 2023.
لكن في مقابل البهرجة وأضواء النيون والأزياء المتلألئة والإيقاعات الجذابة في مجمع "مالمو أرينا"، حيث يقام الحدث، ثمة جانب آخر يتمثل في الدوريات المستمرة لعناصر الشرطة المدججين بالسلاح في شوارع المدينة السويدية.
وفي جميع أنحاء مالمو، يمكن رؤية رايات ذات ألوان زاهية احتفالاً باستضافة يوروفيجن، بجانب أعلام فلسطينية متدلية من النوافذ والشرفات.
ومن المتوقع أن يتظاهر ما يصل إلى 30 ألف شخص، الخميس، ضد مشاركة إسرائيل التي ستحاول في مساء اليوم عينه حجز موقع لها في المنافسة النهائية، السبت.
داخل "مالمو أرينا"، منع المنظمون على جري عادتهم أي علم غير أعلام البلدان المشاركة في المسابقة، وكذلك أي لافتة تحمل رسالة سياسية.
وفي العام الماضي، منع اتحاد البث الأوروبي، وهي الجهة المشرفة على المسابقة، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من إلقاء كلمة عبر الفيديو خلال الحفلة الختامية.
لكن مبدأ الحياد هذا تزعزع، الثلاثاء، خلال الحفلة نصف النهائية الأولى، مع وضع المغني السويدي إريك سعادة الكوفية الفلسطينية حول ذراعه في افتتاح المسابقة.
وقد أبدى اتحاد البث الأوروبي والتلفزيون السويدي العام "اس في تي" أسفهما لهذه الخطوة، مؤكدين على الطبيعة غير السياسية لهذه المسابقة الموسيقية.
وفيما يُنتظر أن تستقطب مالمو ما يصل إلى 100 ألف زائر لهذه المناسبة، يؤكد أستاذ تاريخ الأفكار أندرياس أونرفورس، المتخصص في "يوروفيجن"، أن المهم بالنسبة للجمهور "هو ما يُعرض على المسرح: المشاركات والفنانون والموسيقى، وليس السياسة".
ويلفت إلى أن مسابقة "يوروفيجن" التي مضى على انطلاقها ما يقرب من سبعين عاماً، هي "دليل على التسامح الأوروبي الذي لا نجده في أشكال أو أماكن أخرى".
"السياسة في كل مكان"
ومع ذلك، بالنسبة للفنانين الأوكرانيين، "السياسة في كل مكان".
وهذا العام، تطغى الحرب في غزة على الصراع في أوكرانيا، وأكد ماجنوس بورمارك الذي يمثل النروج مع فرقته "جوته"، والذي دعا علناً، مثل 8 مشاركين آخرين، إلى وقف طويل الأمد لإطلاق النار "يجب أن تكون هناك مظاهرات، ويجب على الناس التعبير عن آرائهم، ويجب على الناس المقاطعة".
وكان ممثلو بعض الدول قد درسوا في مرحلة معينة فكرة مقاطعة المسابقة احتجاجاً على مشاركة إسرائيل، لكنهم لم يمضوا قدماً في هذه الخطوة.
ويقول المتحدث باسم الشرطة جيمي مودين "كانت الأيام الأولى من أسبوع (يوروفيجن) هادئة، ونحن نحقق في قضية تحريض مزعوم على الكراهية العنصرية".
ورغم أن السويد رفعت مستوى التأهب العام الماضي بعد أعمال تدنيس القرآن على أراضيها، إلا أنها تؤكد أن "من الواضح أننا لا نستطيع أن نستبعد احتمال حدوث شيء ما، ولكن لا يوجد تهديد موجه ضد (يوروفيجن)".
ويشارك شرطيون من جميع أنحاء السويد في مهمة حفظ الأمن، لكن ثمة أيضاً تعزيزات من الدنمارك والنروج لمؤازرة العناصر المحليين.
ويخطط البعض من أفراد الجالية اليهودية لمغادرة مدينة مالمو خلال عطلة نهاية الأسبوع.
ويوضح فريدريك سيرادزكي، وهو من الناطقين باسم اليهود في المدينة، أن "(يوروفيجن) تؤجج نوعاً ما الوضع، وقد زاد الشعور بعدم الأمان بعد 7 أكتوبر، ويشعر العديد من اليهود بالقلق".
ويضيف "لا أستطيع حقاً أن أُسعد بـ(يوروفيجن)، رغم أننا، من حيث المبدأ، نعتقد، كمجموعة، أن من الجيد الترحيب بالجميع هنا في مالمو، بما في ذلك إسرائيل"، "ولكننا فضلنا ألا يعرّضنا ذلك لأي شيء".
ويشير سيرادزكي إلى إن المظاهرات المتعددة المؤيدة للفلسطينيين لم تثر دعوات تستهدف يهود المدينة بشكل مباشر.
ومع ذلك، جرى تعزيز الأمن حول الكنيس اليهودي في المدينة.
ووُجّهت تهديدات على مواقع التواصل الاجتماعي للمغنية عيدن غولان التي تمثل إسرائيل في "يوروفيجن" هذا العام.
وتشارك جولان في نصف النهائي الثاني، الخميس، على أمل حجز مقعد لبلدها في الحفلة النهائية، التي تقام، السبت، وبالتوازي، سينظم ناشطون النسخة الأولى من مسابقة موسيقية تضامنية مع الفلسطينيين أطلقوا عليها تسمية Falastinvision "فلسطين فيجن".