"فرسان قريح".. كوميديا كروية بلمسة رومانسية

time reading iconدقائق القراءة - 6
الملصق الدعائي لمسلسل "فرسان قريح" - facebook/ShahidVOD
الملصق الدعائي لمسلسل "فرسان قريح" - facebook/ShahidVOD
القاهرة -عصام زكريا*

قليلة هي الأعمال الدرامية التي تتناول عالم الرياضة، وخاصة كرة القدم، بالرغم من الحضور الطاغي لكرة القدم في حياة الملايين، وبالرغم من الحكايات المثيرة والملهمة التي تشهدها الملاعب وما وراء الملاعب يومياً في كل أنحاء العالم تقريباً.

وفي السينما المصرية، مثلاً، يمكن أن يذكر المرء عدداً محدوداً من الأفلام التي تناولت اللعبة، منها "الحريف" لمحمد خان وبطولة عادل إمام، و"غريب في بيتي" لسمير سيف وبطولة نور الشريف، وهما فيلمان جادان يدور كل منهما حول أحلام وانكسارات لاعب كرة موهوب، وكذلك فيلم "4-2-4" لأحمد فؤاد، وبطولة عدد من نجوم الكوميديا منهم سمير غانم ويونس شلبي ووحيد سيف، والذي يعد من أيقونات الكوميديا المصرية.

فكرة مألوفة

يذكّرنا مسلسل "فرسان قريح" الذي بدأت منصة "شاهد" ببثه مؤخراً بفيلم "4- 2- 4"، من ناحية الفرضية الأساسية التي تقوم عليها القصة، وهي قيام رجل ثري بشراء نادي رياضي يقوم بتكليف مدير فاشل بتكوين فريق كرة ينقذ النادي، يستعين ببعض اللاعبين  الذين لا يصلحون لممارسة اللعبة، وفي كونه عملاً كوميديا، يعرض شخصيات فاشلة مثيرة للضحك بالرغم من كونه يدور في عالم الأبطال والبطولات.

يدور "فرسان قريح" الذي كتبه يوسف الدخيل (مشرفاً على ورشة كتابة تضم عدداً من الأسماء) وأخرجه عبد الله بامجبور، حول نادٍ مغمور في قرية صغيرة اسمها "قريح"، تشبه قرية "المزاريطة" في مسلسل "الكبير"، من حيث قلة حيلة وغرابة أطوار ساكنيها، مع طموحهم بتحقيق الانتصارات، التي تأتي دائما كمفاجأة غير متوقعة. 

شخصيات غريبة في مواقف أغرب

تبدأ أحداث المسلسل بهزيمة كبيرة يتعرض لها فريق نادي "فرسان قريح"، الذي يديره محسن العجيزي (أبو عثمان) في أداء كوميدي متمكن من عبد العزيز الشهري، يعتمد على رد الفعل على ما يراه حوله من شخصيات ومواقف لا تبشر بأي نجاح، في الوقت الذي يعاني فيه هو شخصياً من الفشل، والرغبة في إثبات نفسه بمعاملة الآخرين بتعالٍ وادعاء.

بجانب (أبي عثمان) يضم "فرسان قريح" عدداً من الشخصيات المكتوبة جيداً، منها أبو فهد، مالك النادي الجديد، الذي يمهل أبي عثمان فرصة ثانية وأخيرة للنهوض بالنادي، واللاعب السابق شافي (يؤديها يوسف الدخيل) الذي عانى من تجربة صادمة في الماضي، ويستعين به أبو عثمان كمدير فني للفريق، ويتعين عليه أن يخوض رحلة صعبة لاستعادة ثقته بالنفس، وكذلك شخصية لينا، الشابة التي يرسلها أبو فهد لتنظيم العمل في النادي، وتؤديها الممثلة الجديدة لمياء السيف، والتي تتمتع بموهبة طبيعية وخفة دم، دون أن تبذل أدنى محاولة للإضحاك.

ومن أطرف شخصيات العمل  مساعد أبو عثمان الذي يدعى حمدان،  ويؤديها عبد الله الرحيلي، الذي لا ينطق بكلمة واحدة طوال المسلسل، ولكن يعبر بملامحه فقط، مشيعاً نوعاً من الكوميديا المصحوبة بالغرابة المخيفة.

عناصر من الكوميديا

تعتمد كوميديا "فرسان قريح" على عدة عناصر، منها الشخصيات نفسها، المكتوبة جيداً، ومنها العزف على مواقف مستلهمة من واقع كرة القدم نفسه، مثل الإتيان بمدرب "برازيلي" يتبين أنه مزيف وليس له علاقة بالكرة، أو الإعلان عن شراء لاعب عالمي لضمه لفريق فرسان قريح، من باب الدعاية للفريق، دون أن يكون لذلك نصيب من الصحة، وأيضا فقرة البحث عن مذيع للمباراة النهائية، وأساليب إذاعة المباريات، وأداء نواف السليمان شديد الطرافة لإذاعة المباراة.

هناك أيضاً الإشارات إلى مجال الإعلام الرياضي، وما يتخلله من أساليب وعلاقات فاسدة، وكان يمكن استغلال فكرة "الواقع الموازي الساخر" هذه بطريقة أكثر عمقاً وبمزيد من التفاصيل، ولكن صنّاع العمل لم يولوها، على ما يبدو، الأولوية التي تستحقها.

وبشكل عام لا يلجأ المخرج عبد الله بامجبور إلى المبالغات سواء في توجيه أداء الممثلين أو في التقنيات السينمائية، معتمداً على أسلوب "واقعي" بسيط، مع قليل من التوظيف الموفق للموسيقى التصويرية والمونتاج. 

خطوط مبعثرة

يتكون "فرسان قريح" من 10 حلقات فقط، تحتل الكوميديا مساحة كبيرة من الحلقات الخمس الأولى، ثم يبدأ العمل في الشرود بعيداً، مضيفاً بعض الخطوط والفقرات المبعثرة، والتي تتراوح في قوتها ومدى ارتباطها بالخط الرئيسي، مثل مشروع لينا لتخصيص جائزة كبرى لإغراء الجمهور المحلي بحضور المباريات وتشجيع فريقه، وسيارة الجائزة التي تُسرق، أمام الآلاف من الحاضرين بطريقة ساذجة، ومباراة التايكوندو بين ممثلين عن فريق قريح والفريق المنافس، الذي يديره أبو سلطان، كنوع من إظهار حدة التنافس بين الفريقين.

وينتقل المسلسل من كوميديا الشخصيات والمواقف اللامنطقية (المبالغ فيها) التي تتخلل هذه الفقرات، إلى الوجه الرومانسي والجاد، الذي يسود الحلقات الثلاث الأخيرة، والتي يتم خلالها حل الفريق، ثم لم شمله مجدداً، ودخول المباراة النهائية التي تنتهي بموقف فوضوي عبثي، يعقبه دخول الأبطال السجن، ما يغير مزاج العمل ويبعد به عن البداية الكوميدية الصاخبة.

"فرسان قريح"عمل خفيف مبهج، يستخدم اللعبة الشعبية الأولى في العالم كخلفية، لإضحاك وامتاع مشاهديه، وإن كان يضع لنفسه أهدافاً رومانسية وتنموية قد تنال إعجاب بعض الجمهور، وقد يرى آخرون أنها تجني على المساحة الكوميدية.

* ناقد فني

تصنيفات

قصص قد تهمك