نهاية أغسطس عام 1945، لم يتبق من مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين سوى حطام وبقايا لهب وآلاف القتلى، ذلك بعد إلقاء الولايات المتحدة قنبلتين نوويتين على المدينتين؛ بغية التعجيل بإنهاء الحرب العالمية الثانية.
وبالرغم من تبدد ملامح المدينتين، لا تزال الطائرات الأميركية المسؤولة عن الهجوم الشهير محفوظة تجذب أعين زوار المتاحف، وتنقلهم مباشرة إلى مجريات أول هجوم نووي في التاريخ يومي 6 و9 أغسطس قبل 76 عاماً.
في صيف عام 1945، أُسند الهجوم النووي الأول إلى طائرات من طراز B-29 Superfortress والتي صُممت عام 1940 بغرض أن تصبح في المستقبل بديلاً لطائرات B-17 وB-24، ولكنها لم تطأ المدرج ولم تخُض رحلتها الأولى إلا بحلول سبتمبر من عام 1942، وفقاً لموقع المتحف القومي للقوات الجوية للولايات المتحدة.
في الأصل جاءت طائرات B-29 مزودة بـ 8 مدافع رشاشة عيار 50 مع أبراج يمكن التحكم بها عن بعد، إضافة إلى مدفعي رشاش آخرين عيار 50 ملم، ومدفع عيار 20 ملم مع برج خاص في ذيل الطائرة، وأخيراً حمولة من القنابل تصل إلى 9 آلاف كيلو جرام.
كانت المهمة النووية تتطلب تعديلات خاصة على الطائرات الحديثة كي تُصبح أخف وزناً، ما أدى إلى إنتاج طراز معدل من الطائرة ذاتها عُرف باسم silverplate والتي خُصصت للمهام النووية فقط بعد أن أُزيلت منها أبراج المدافع الرشاشة ذات خاصية التحكم عن بعد، وكذلك الدروع المخصصة لحماية الطاقم، فيما تبقى مدفع وحيد في ذيل الطائرة لحمايتها، وفقاً لموقع وزارة الدفاع الأميركية.
تميمة الحظ
ليلة السادس من أغسطس، قبل ساعات قلائل من هجوم هيروشيما، وعلى جزيرة تينيان في المحيط الهادئ التي انطلق منها الهجوم، انشغل قائد المجموعة المنفذة للهجوم والمُسماة Composite Group 509th، الطيار بول تيبيتس الابن، بإضفاء لمسته الخاصة على الطائرة التي ستحمله من الغد في مهمة تاريخية، إذ أضاف إلى مقدمتها اسم والدته "إينولا جاي" بواسطة الطلاء، وذلك كما ورد في موقع وزارة الدفاع الأميركية، وهو الاسم الذي باتت تُعرف به الطائرة منذ ذلك الحين.
أما B-29 الأخرى التي حلّقت في سماء مدينة ناجازاكي صباح التاسع من أغسطس، بعد 3 أيام فقط من الهجوم الأول، فلطالما عُرفت باسم Bockscar أو Bock’s Car (سيارة بوك)، تيمناً بقائدها الطيار الأميركي فريدريك بوك، أحد أعضاء المهمة النووية، إلا أن المصادفة حالت بينه وفريقه وبين قيادة طائرته المشهورة باسمه أثناء تنفيذها الهجوم الثاني، وتولى الأمر بدلاً منه فريق الرائد تشارلز سويني، وذلك وفقاً لموقع متحف Bradbury للعلوم.
عرض متحفي
بالرغم من توقف الحياة في كل من هيروشيما وناجازاكي بعد الهجوم النووي، ظلت الطائرة "إينولا جاي" المستخدمة في الهجوم الأول بحالة جيدة، بل إنها حلّقت مجدداً واستُخدمت في اختبارات نووية من قبل القوات الجوية الأميركية، ثم مرت بمرحلة حفظ وانتقلت من موقع إلى آخر، وفقاً لتقرير أعدته مجلة تايم الأميركية. وبعدها قامت برحلتها الجوية الأخيرة عام 1953 وحطت في قاعدة أندروز الجوية بولاية مريلاند، ولاحقاً في عام 1960 ثم تفكيكها وتخزينها بواسطة مسؤولي متحف سميثسونيان.
في عام 1984 بدأت عملية تجميع الطائرة مرة أخرى، كما عُرضت أجزاء منها في معرض المتحف الوطني للطيران والفضاء التابع لمعهد سميثسونيان وجذبت نحو 4 ملايين زائر حتى عام 1998 عندما أُغلق المعرض، أما الآن ومنذ عام 2003 تُعرض الطائرة كاملة بشكل دائم في مركز Steven F. Udvar-Hazy التابع للمتحف الوطني للطيران والفضاء بولاية فيرجينيا.
أما عن نظيرتها Bockscar فتعرض أيضاً في ولاية أوهايو الأميركية، إذ تستقر في المتحف القومي للقوات الجوية للولايات المتحدة منذ سبتمبر 1961 وفقاً لموقعه.