حقق علماء أميركيون تقدماً في تجارب الحصول على طاقة غير محدودة وخالية من الكربون عبر تفاعلات الاندماج النووي، لأول مرة.
وقالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية إن الفيزيائيين ظلوا منذ خمسينيات القرن الماضي، يسعون إلى تسخير تفاعل الاندماج النووي لإنتاج الطاقة، ولكن لم تكن أي مجموعة قادرة على إنتاج طاقة من التفاعل أكثر مما تستهلكه العملية، الأمر الذي سيوفر في حال الوصول إليه بديلاً موثوقاً به وفيراً للوقود الأحفوري والطاقة النووية التقليدية.
ونقلت الصحيفة في تقرير نشرته، الأحد، عن 3 أشخاص اطلعوا على النتائج الأولية لتجربة أجريت حديثاً، قولهم إن مختبر "لورانس ليفرمور الوطني" الفيدرالي في كاليفورنيا، والذي يستخدم عملية تسمى "اندماج الحبس بالقصور الذاتي" والتي تتمثل في توجيه 192 حزمة من ليزر "إن آي إف"، الأكبر في العالم، نحو كبسولة صغيرة تحتوي على الديوتيريوم والتريتيوم، وهما شكلان مختلفان من عنصر الهيدروجين، أديا إلى خلق الطاقة المرغوبة في تجربة اندماج نووي في الأسبوعين الماضيين.
وعلى الرغم من أن العديد من العلماء يعتقدون أنه لا يزال أمام العالم عقود من الزمن لإنشاء محطات الطاقة الاندماجية، إلا أنه من الصعب تجاهل إمكانات هذه التكنولوجيا، لأن تفاعلات الاندماج لا تصدر أي كربون، ولا تنتج أي نفايات مشعة طويلة الأجل، ويمكن نظرياً لكوب صغير من وقود الهيدروجين تزويد المنزل بالطاقة لمئات السنين، بحسب الصحيفة.
تأتي هذه الخطوة في الوقت الذي يتصارع فيه العالم مع ارتفاع أسعار الطاقة والحاجة إلى الابتعاد بسرعة عن حرق الوقود الأحفوري لمنع ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى مستويات خطيرة.
وقال الأشخاص المطلعون على النتائج إن تفاعل الاندماج في المنشأة الحكومية الأميركية أنتج حوالي 2.5 ميجا جول من الطاقة، وهو ما يمثل حوالي 120% من 2.1 ميجا جول من الطاقة الموجودة في أجهزة الليزر، موضحين أن بيانات التجربة لا تزال قيد التحليل.
ونقلت الصحيفة عن وزارة الطاقة الأميركية قولها إن وزيرة الطاقة جينيفر جرانهولم، ووكيل إدارة الأمن النووي الأميركي جيل هروبي سيعلنان "اختراقاً علمياً كبيراً" في مختبر "لورانس ليفرمور الوطني"، الثلاثاء.
وأكد المختبر أنه أجريت تجربة ناجحة أخيراً في مرفق الإشعال الوطني التابع له، لكنه قال إن عملية تحليل النتائج لا تزال مستمرة.
وتابع: "تشير البيانات الأولية إلى إجراء تجربة ناجحة في مرفق الإشعال الوطني، ومع ذلك، فإنه لا يزال يتم تحديد النتائج بشكل دقيق لأن عملية تحليل النتائج لا تزال جارية، ولذا فإن نشر المعلومات قبل اكتمال هذه العملية سيكون غير دقيق".
وقال اثنان من المطلعين على النتائج إن إنتاج الطاقة خلال هذه التجربة كان أكبر من المتوقع، ما أدى إلى إتلاف بعض المعدات وهو ما سيؤدي إلى تعقيد عملية تحليل النتائج نفسها.
وأضافا أن هذا الاختراق قيد المناقشة بالفعل على نطاق واسع من قبل العلماء.
وقال آرثر توريل، وهو عالِم فيزياء البلازما الذي يوضح كتابه "ذا ستار بيلذرز" الجهود المبذولة لتحقيق طاقة الاندماج: "إذا تم تأكيد هذه النتائج، فإننا سنشهد لحظة تاريخية، إذ كافح العلماء منذ الخمسينيات لإثبات أن الاندماج يمكن أن يؤدي لإنتاج طاقة نظيفة بكميات هائلة، ويبدو أن الباحثين في (لورانس ليفرمور) قد حققوا أخيراً هذا الهدف الذي مضى عليه عقود".
وأشارت الصحيفة إلى أنه قد تم تصميم منشأة الإشعال الوطنية، التي تبلغ تكلفتها 3.5 مليار دولار، في الأساس لاختبار الأسلحة النووية عن طريق محاكاة الانفجارات، ولكن يتم استخدامها منذ ذلك الحين لتعزيز أبحاث طاقة الاندماج.