"استياء وانعدام أمل".. مشكلات إيران الاقتصادية تؤجج الاحتجاجات

time reading iconدقائق القراءة - 7
امرأة تلوح بعد تعليق لافتة عليها رسم كاريكاتوري للمرشد الإيراني علي خامنئي فوق جسر بالعاصمة طهران. 8 يناير 2023 - AFP
امرأة تلوح بعد تعليق لافتة عليها رسم كاريكاتوري للمرشد الإيراني علي خامنئي فوق جسر بالعاصمة طهران. 8 يناير 2023 - AFP
دبي -الشرق

تؤجج المشكلات الاقتصادية، التي تعاني منها إيران، احتجاجات لا تتوقف منذ قرابة 4 أشهر في أنحاء البلاد، تحوّلت إلى حراك شعبي مناهض للنظام، وفق صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

وتشهد إيران منذ 16 سبتمبر الماضي احتجاجات مستمرة، أشعل فتيلها وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاماً) بعد 3 أيام من توقيفها من جانب "شرطة الأخلاق"، لعدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة، وسط موجة تنديد دولي ومظاهرات في الخارج ترفع شعارات معارضة للنظام.

وقالت الصحيفة إنه في ظل نقص المواد الغذائية الأساسية، واستمرار ارتفاع تكاليف المعيشة في طهران، ازداد الوضع الاقتصادي سوءاً بالنسبة للكثير من الإيرانيين، الذين قال أحدهم مشترطاً مثل غيره عدم الكشف عن هويته، خوفاً من الانتقام: "أشعر بالغضب والاستياء وانعدام الأمل".

وأضاف الإيراني الذي يعمل في مجال البرمجيات في مقابلة عبر الهاتف: "وإذا خرجنا للاحتجاج، يتخذون إجراءات صارمة للقمع بأسوأ وأشنع السبل.. نحن حقا لا نعرف ماذا نفعل.. لا يمكننا الاحتجاج.. لا يمكننا تحسين وضعنا".

وأشارت الصحيفة إلى أن الاحتجاجات، التي كانت تركز على حقوق المرأة، سرعان ما تحولت إلى حراك أوسع نطاقاً ضد قيود حكومة طهران، حيث يطالب المتظاهرون بمزيد من الحرية الثقافية والسياسية، ووضع حد لانتهاكات الدولة الأمنية.

وفي غضون ذلك، يقول مراقبون ومحتجون إن المشكلات الاقتصادية تؤجج الاضطرابات أيضاً، إذ تفاقم الاستياء الشعبي بشكل حاد منذ الربيع الماضي، عندما بدأت التكاليف في الارتفاع وانهارت قيمة العملة مقابل الدولار، مسجلة أدنى مستوى قياسي في ديسمبر. وتجاوز معدل التضخم 48% الشهر الماضي، وفقاً لأرقام حكومية، مسجلاً أعلى مستوى له منذ عام 1995.

ويجد معظم الإيرانيين أنفسهم مضطرين لتدبير أمورهم بالقليل من الموارد. وبالنسبة للعديد من الأسر، أصبحت المواد الغذائية الأساسية مثل اللحوم والبيض من الكماليات.

"فساد وسوء إدارة"

ونقلت الصحيفة عن سعيد ليلاز، الخبير الاقتصادي والمحلل السياسي المقيم في طهران، في مقابلة عبر الهاتف، قوله: "التأثير الأول لهذا التضخم هو على معيشة الناس، فالحكومة ليست قادرة على فعل أي شيء لخفض التضخم حتى الآن بسبب الفساد".

ويقول محللون إن إيران تعاني منذ فترة طويلة من سوء الإدارة الاقتصادية؛ لكن الوضع ازداد سوءاً بشكل كبير بعد انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي الإيراني في مايو 2018، وأعاد فرض عقوبات قاسية على البلاد. 

ووفقاً للصحيفة، تعاني إيران للعثور على مشترين لنفطها، منتج التصدير الرئيسي للبلاد. وفي أواخر عام 2019، أثار ارتفاعاً في أسعار الوقود احتجاجات واسعة النطاق، قابلتها الحكومة بحملة "قمع وحشية".

وكان العديد من الإيرانيين العاديين يأملون في أن تعيد الإدارة الأميركية الجديدة إحياء الاتفاق النووي، وتُخفف العقوبات، لكن الاحتجاجات الحالية، ورد فعل الدولة القاسي زاد من تعقيد المفاوضات.

في هذا السياق، قال جواد صالحي أصفهاني، أستاذ الاقتصاد في جامعة "فرجينيا للتكنولوجيا": "في رأيي إنه (الاتفاق النووي) ليس ميتاً تماماً. إذا أراد الجانبان ذلك، فلن يتغير شيء أساسي. ما تغير هو المشهد، وهذا المشهد قابل للإصلاح"، في إشارة إلى الحراك الشعبي.

ولفتت الصحيفة إلى أن حكام إيران من رجال الدين المؤسسة الدينية، لم يبدوا أي مؤشرات على استعدادهم للتفكير في إدخال إصلاحات، ربما تهدئ الاضطرابات، على الرغم من الضغوط الدولية. 

قمع أمني واعتقالات

وأوضحت الصحيفة أنه في ظل تعمق حملة القمع الأمني والاعتقالات، يعاني الإيرانيون لتلبية أبسط احتياجاتهم، كما يقول شاب في طهران يعمل سائقا عبر تطبيق لخدمات نقل الركاب، إن الأعمال التجارية تراجعت بشكل حاد منذ بدء الاحتجاجات، لأن الحكومة فرضت قيوداً على الوصول إلى الإنترنت.

وأضاف الشاب: "عندما انقطع الإنترنت ولم يكن هناك إمكانية للوصول إلى التطبيقات، انخفض الدخل بشكل كبير. الوضع لم يتحسن، على الأقل بالنسبة لي".

وأوضح أن عمله تعرض لضربة إضافية، لأن بعض المتظاهرين توقفوا عن استخدام خدمات نقل الركاب، للاشتباه في أن السائقين "يبلغون عنهم الأجهزة الأمنية".

من جانه، قال علي واعظ، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، إن "القمع مكلف. وكذلك الأضرار الذاتية جراء إغلاق الإنترنت، الذي دفع مئات الآلاف إلى الخروج من سوق العمل".

ونوهت الصحيفة بأن مناطق الأقليات العرقية في إيران، مثل المنطقة الكردية في الغرب، ومنطقة البلوش في الجنوب الشرقي، تضررت بشكل أكبر.

وفي أواخر ديسمبر الماضي، عينت الحكومة رئيساً جديداً للمصرف المركزي، في محاولة على ما يبدو لتجنب السقوط الحر للعملة، لكن من غير المرجح أن يكون لذلك تأثير كبير على المدى القصير، كما يقول مراقبون.

وبالنسبة للعديد من الإيرانيين، لم يتبق سوى حل واحد، كما يعتقد المبرمج الذي يقطن بلدة قريبة من طهران، الذي قال إنه "بعد 44 عاماً، يرى الناس أنه لا يوجد حتى أقل قدر من العقلانية في السلطات، وليس هناك أدنى أمل في الإصلاح. الأمر الوحيد الذي قيد النقاش الآن هو الإطاحة بالحكومة".

وتقول منظمة "حقوق الإنسان في إيران" (IHR) ومقرها أوسلو، إن 109 محتجين معتقلين الآن حكم عليهم بالإعدام أو وجهت إليهم تهم يواجهون فيها احتمال الحكم عليهم بالإعدام.

وأعلنت منظمة "حقوق الإنسان في إيران" في حصيلة جديدة أن 481 متظاهرا قتلوا، بينهم 64 قاصرا، منذ اندلاع الاحتجاجات.

في المقابل، تتهم إيران قوى أجنبية معادية بتأجيج الاحتجاجات، واعتبر المرشد الإيراني علي خامنئي أن سلطات طهران تتعامل مع المسؤولين عن "أعمال الشغب" بطريقة عادلة. وتقول إن مئات الأشخاص لقوا حتفهم بينهم عناصر في قوات الأمن.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات