هل يرى النفق البحري بين إسبانيا والمغرب النور؟

time reading iconدقائق القراءة - 5
نفق بمنطقة كاتالونيا الإسبانية. 6 أكتوبر 2023 - REUTERS
نفق بمنطقة كاتالونيا الإسبانية. 6 أكتوبر 2023 - REUTERS
مدريد-أ ف ب

أعيد مؤخراً طرح مشروع النفق البحري الرابط بين إسبانيا والمغرب رسمياً، بعدما ظل طي الأدراج لسنوات طويلة.

فقد كان من ضمن الملفات التي تم التطرق إليها خلال الاجتماع رفيع المستوى بين حكومتي البلدين الأسبوع الماضي في الرباط، في ظل عزمهما تقوية شراكتهما. لكن المشروع يواجه عدة عقبات تجعل مصيره غير مؤكد.

وأطلق المشروع العام 1979 من طرف ملك المغرب الراحل الحسن الثاني ونظيره الإسباني خوان كارلوس الأول، وهو عبارة عن نفق بحري يربط إفريقيا بأوروبا بواسطة القطار، عبر مضيق جبل طارق.

أنشئت شركتان عامتان إحداهما مغربية "الشركة الوطنية لدراسة مضيق جبل طارق" والأخرى إسبانية "Secegsa"، تشرف عليهما لجنة مشتركة، من أجل إجراء دراسات تقنية بشأن مدى قابلية إنجاز المشروع. وقد أجريت لهذا الغرض عدة عمليات تنقيب ودراسات وتجارب منذ 40 عاماً.

بعدما طرحت عدة خيارات، استقر قرار الشركتين نهاية التسعينات على بناء نفق بحري، على شاكلة نفق المانش بين فرنسا وبريطانيا، على أن يكون مدخله بين حي مالاباطا في مدينة طنجة ومنطقة بونتا بالوما قرب مدينة طريفة الإسبانية.

يفترض أن يشتمل المشروع الذي يعد من بين الأضخم في العالم، على سكتين حديديتين ورواق للخدمات والإغاثة. ويقدر طوله بـ38.5 كيلومتراً، بينها 28 كيلومتراً تحت الماء، بعمق أقصاه 475 متراً.

أهداف المشروع

من خلال ربط شبكتي السكك الحديدية في البلدين، سيكون النفق بمثابة "محفز للاقتصاد الأوروبي والإفريقي"، كما أكد لوكالة "فرانس برس" كلاوديو أولالا، المهندس والأستاذ الفخري في "جامعة البوليتكنيك" في مدريد الذي عمل في هذا المشروع لبعض الوقت.

وقالت شركة "Secegsa" الإسبانية إن المشروع سيسمح بمرور أكثر من 13 مليون طن من البضائع و12.8 مليون مسافر سنوياً على المدى المتوسط، وهو ما "يمكن أن يساهم بشكل كبير في التنمية الاقتصادية" لغرب البحر الأبيض المتوسط.

وإسبانيا هي بالفعل الشريك التجاري الأول للمغرب الذي يصدر جزءاً كبيراً من إنتاجه، وخاصة الإنتاج الزراعي، إلى الاتحاد الأوروبي. لكن مضيق جبل طارق الذي تعبره 100 ألف سفينة كل عام مزدحم، مما يقيد عبور البضائع بين البلدين. 

موعد الإطلاق

وبقي المشروع يراوح مكانه خلال السنوات الماضية، بسبب اقتطاعات مالية في إسبانيا على إثر الأزمة المالية للعام 2008، وأيضاً بسبب توترات دبلوماسية متكررة بين الرباط ومدريد.

لكن البلدين طبعا علاقاتهما منذ أن وافقت مدريد العام الماضي على تأييد مقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب حلاً للنزاع في الصحراء المتنازع عليها مع "جبهة البوليساريو"، وهو ما دفع حكومتيهما إلى إعادة طرح عدة ملفات مشتركة.

وقد خصصت الحكومة الإسبانية مبلغاً مالياً ضمن ميزانية عام 2023 لتمويل دراسة جديدة "ضرورية" حول "إطلاق إجراءات تشييد" المشروع، كما تم التطرق للموضوع خلال الاجتماع رفيع المستوى بين حكومتي البلدين في الرباط في 2 فبراير.

وقالت وزيرة النقل الاسبانية راكيل سانشيز في بيان أثناء هذا الاجتماع: "سوف نعطي دفعة لتسريع الدراسات"، معلنة أيضاً استئناف اجتماعات اللجنة المشتركة بين الشركتين المكلفتين بالمشروع.

أبرز العوائق

يواجه المشروع بالأساس مشكلة تقنية تتمثل في أن مضيق جبل طارق يقع على حدود الصفيحتين التكتونيتين الأوروبية والإفريقية، وهي منطقة جيولوجية معقدة، تتخللها مقاطع طينية غير مستقرة فضلاً عن تيارات بحرية عنيفة.

ورأى الباحث كلاوديو أولالا أن "نوعية التربة سيئة، لا علاقة لها بالأحجار الكلسية التي توجد تحت بحر المانش"، معتبراً أن "الظروف التقنية لا تلائم إطلاقاً إقامة هذا النفق".

ومن شأن هذا أن يرفع كلفة المشروع التي لم يتم تحديدها حتى الآن بدقة. وأضاف أولالا: "على المستوى التقني، يمكن تجاوز هذه العقبات، لكن السؤال المطروح يتعلق بمدى نجاعته الاقتصادية".

إلى ذلك يمكن إضافة العوائق السياسية المرتبطة بالتوترات الدورية بين مدريد والرباط. فضلاً عن احتمال إبداء تردد من جانب الاتحاد الأوروبي، بسبب المخاوف من أن يستغل المشروع في الهجرة غير النظامية، وهي مخاوف يقول رعاة المشروع إنه لا أساس لها.

تجعل هذه العقبات احتمال إطلاق المشروع ضعيفاً على المديين القصير والمتوسط. لكن أولالا قال "أعتقد أنه سيرى النور في النهاية، لكن ليس بالضرورة غداً".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات