في غياب "استراتيجية الخروج".. شكوك أميركية بشأن نجاح إسرائيل في غزة

مستقبل قطاع غزة بعد الحرب يؤرق واشنطن

time reading iconدقائق القراءة - 7
دبابات إسرائيلية على حدود قطاع غزة وسط حشد عسكري غير مسبوق استعداداً لاجتياح بري محتمل. 19 أكتوبر 2023 - Reuters
دبابات إسرائيلية على حدود قطاع غزة وسط حشد عسكري غير مسبوق استعداداً لاجتياح بري محتمل. 19 أكتوبر 2023 - Reuters
دبي/ واشنطن -رويترزالشرق

توعدت إسرائيل بالقضاء على حركة "حماس" من خلال هجوم لا هوادة فيه على قطاع غزة، لكن لا يبدو أن لديها تصوراً للنهاية، كما لا توجد خطة واضحة لشكل الحكم في القطاع الفلسطيني المنكوب، حال حققت النصر في ساحة القتال، بينما قال وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، إنه "في نهاية هذه الحرب، لن يتم القضاء على حماس في غزة فحسب، بل سيتم تقليص مساحة غزة أيضاً".

واعتبرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، بأن تصريحات كوهين لراديو الجيش الإسرائيلي، تشير إلى توقعات محللين بأن الجيش الإسرائيلي سيحاول إنشاء منطقة عازلة داخل غزة لتوفير غطاء أفضل للبلدات الإسرائيلية الواقعة في محيط القطاع.

واستدعت إسرائيل عدداً قياسياً من قوات الاحتياط بلغ 360 ألف جندي، ولم يتوقف قصفها للقطاع الصغير منذ هجوم "حماس" على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر الجاري، والذي أودى بحياة حوالي 1400 شخص. 

وقال 8 مسؤولين إقليميين وغربيين مطلعين على الصراع، طلبوا عدم كشف أسمائهم، إن "الحملة العسكرية الإسرائيلية التي أُطلق عليها اسم عملية (السيوف الحديدية) لا مثيل لها في ضراوتها، وستكون مختلفة عن أي شيء فعلته إسرائيل في غزة من قبل".

وأوضحوا بحكم اطلاعهم على المناقشات بين الولايات المتحدة وزعماء بالشرق الأوسط، أن الاستراتيجية الإسرائيلية الفورية هي "تدمير البنية التحتية في غزة، حتى لو سقط عدد كبير من الضحايا المدنيين، إلى جانب دفْع سكان القطاع نحو الحدود المصرية وملاحقة (حماس) بتفجير شبكة الأنفاق مترامية الأطراف تحت الأرض، والتي شقتها الجماعة لتنفيذ عملياتها".

ومع ذلك، قال مسؤولون إسرائيليون، إنه ليس "لديهم تصور واضح لما قد يكون عليه الوضع في المستقبل بعد الحرب".

وأفاد مصدر مطلع في واشنطن، بأن بعض مساعدي الرئيس الأميركي جو بايدن، يشعرون بـ"القلق" من أن إسرائيل، على الرغم من أنها قد تبرع في وضع خطة فعالة لإلحاق ضرر دائم بحركة "حماس"، إلا أنها "لم تضع بعد استراتيجية للخروج".

وأضاف المصدر، أن رحلات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، إلى إسرائيل "شددت على الحاجة إلى التركيز على خطة ما بعد الحرب في غزة".

وكان الرئيس جو بايدن أبلغ الإسرائيليين خلال زيارته إلى تل أبيب، الأربعاء، أنه "يجب القصاص من حماس"، لكنه حذر من تكرار أخطاء ارتكبتها الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، قائلاً إن "الغالبية العظمى من الفلسطينيين ليسوا حماس.. وحماس لا تمثل الشعب الفلسطيني".

خبير شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة "كارنيجي" للسلام الدولي، آرون ديفيد ميلر، قال إن زيارة بايدن كانت "فرصة سانحة بالنسبة له للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتفكير في قضايا مثل الاستخدام المتناسب للقوة، والخطط طويلة المدى لغزة قبل شن أي غزو.

وقال مصدر أمني إقليمي إن إسرائيل "ليس لديها نهاية للعبة في غزة. استراتيجيتهم هي إسقاط آلاف القنابل وتدمير كل شيء والدخول. ولكن ماذا بعد؟ ليس لديهم استراتيجية خروج لليوم التالي".

ويشعر المسؤولون العرب بالانزعاج من "عدم وضع إسرائيل خطة واضحة لمستقبل القطاع" الذي تحكمه "حماس" منذ عام 2007، ويبلغ عدد سكانه 2.3 مليون نسمة.

وعلى الرغم من حشد إسرائيل قواتها تمهيداً لغزو بري، إلا أنها لم تبدأ اجتياحاً بعد، لكن السلطات الفلسطينية، تشير إلى أن 3500 فلسطيني لقوا حتفهم بالفعل جراء القصف الجوي، ثلثهم تقريباً من الأطفال، وهو عدد أكبر من ضحايا أي صراع سابق بين الجانبين.

تفاؤل أميركي ضعيف بشأن القضاء على حماس

رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنجبي، قال، الثلاثاء: "نحن بالطبع نفكر ونتدبر في هذا الأمر، بما يتضمن تقييمات، ويشمل (مشاركة) مجلس الأمن القومي والجيش وآخرين بشأن الوضع النهائي. لا نعرف على وجه اليقين كيف سيكون". 

وأضاف: "لكن ما نعرفه هو ما الذي لن يكون"، في إشارة إلى هدف إسرائيل المعلن المتمثل في القضاء على "حماس"، لكن الكلام شيء والأفعال شيء آخر.

وقال خبيران عسكريان إقليميان لـ"رويترز"، إن كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، تحشد القوات للتصدي للاجتياح، وتزرع الألغام المضادة للدبابات، وتنصب أكمنة للقوات.

لكن مصدراً أميركياً قال إن "التفاؤل في واشنطن أقل تجاه قدرة إسرائيل على القضاء تماماً على (حماس)، وإن المسؤولين الأميركيين يرون احتمالاً ضئيلاً لرغبة إسرائيل في التمسك بأي أراض في غزة أو إعادة احتلالها".

وذكر المصدر أن السيناريو المرجح هو أن "تقتل القوات الإسرائيلية أكبر عدد ممكن من أفراد (حماس)، أو تأسرهم، وتفجر أنفاقاً وورشاً لتصنيع الصواريخ، ثم بعد تزايد القتلى والجرحى الإسرائيليين، ستبحث عن سبيل لإعلان النصر والخروج".

وستكون عملية إسرائيل القادمة أكبر بكثير من سابقاتها التي أشار مسؤولون إسرائيليون إليها على أنها مجرد "تقليم للعشب"، إذ قللت من قدرات "حماس" العسكرية، لكنها لم تستأصلها.

مخاوف من اتساع حرب غزة

وتخيم حالة من الخوف في أنحاء المنطقة من احتمال اتساع نطاق الحرب إلى خارج حدود غزة، أو أن يفتح "حزب الله" وإيران الداعمة له جبهات جديدة رئيسية دعماً لـ"حماس".

وحذر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، من احتمال اتخاذ "إجراء استباقي" ضد إسرائيل، حال مضيها في اجتياح غزة، وقال إن إيران"لن تتخذ موقف المتفرج إذا لم تكبح الولايات المتحدة جماح إسرائيل".

وأرسلت واشنطن مجموعة حاملة طائرات هجومية إلى منطقة شرق البحر المتوسط، وتخشى انضمام "حزب الله" للمعركة عبر الحدود الشمالية لإسرائيل، لكن لم تكن ثمة إشارة إلى أن الجيش الأميركي سيتحرك من موقف الردع إلى موقف الانخراط المباشر.

وقالت مصادر إقليمية، إن واشنطن تعتزم إعطاء دفعة للسلطة الفلسطينية التي فقدت السيطرة على غزة في 2007، على الرغم من وجود شكوك كبيرة بشأن ما إذا كانت السلطة الفلسطينية أو أي سلطة أخرى تستطيع حكم القطاع الساحلي في حالة إبعاد "حماس".

وأثارت دعوات لإقامة ممرات إنسانية في غزة وفتح طرق لهروب المدنيين الفلسطينيين ردود فعل قوية من الدول العربية المجاورة، ويثير هذا الأمر مخاوف من أن يؤدي الاجتياح الإسرائيلي إلى موجة تهجير جماعي جديدة في تكرار لنكبة عام 1948 وحرب 1967. 

وخاضت إسرائيل 3 مواجهات سابقة مع "حماس" في 2008/2009 و2012 و 2014، ونفذت اجتياحين بريين محدودين خلال اثنتين منها، لكن بخلاف هذه المرة، لم يتوعد زعماء إسرائيل قبل ذلك بالقضاء على "حماس" نهائياً، وفي المواجهات الثلاث، لقي 4 آلاف فلسطيني حتفهم مقابل أقل من 100 إسرائيلي.

وتمثل قضية القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967 ثم ضمتها إلى أراضيها، إلى جانب التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في أنحاء الأراضي المحتلة، لُب الصراع مع الفلسطينيين، إذ يتعهد نتنياهو بضم المزيد من الأراضي ليستوطنها اليهود.

ولقي المئات من الفلسطينيين حتفهم في الضفة الغربية منذ بداية العام الجاري، خلال اشتباكات متكررة مع جنود ومستوطنين إسرائيليين، وسط مخاوف واسعة من تفشي العنف في المنطقة في ظل الوضع المأساوي في غزة.

تصنيفات

قصص قد تهمك