يختلف المحللون الاستراتيجيون الديمقراطيون بشأن تراجع أرقام الرئيس الأميركي جو بايدن في استطلاعات الرأي، ومدى قدرته على الفوز مجدداً في "مباراة العودة المحتملة" ضد الرئيس السابق دونالد ترمب في الانتخابات المقررة في 2024، رغم تفاقم المشاكل القانونية التي تواجه الرئيس السابق، وفق صحيفة "فاينانشيال تايمز".
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، قرع ديفيد أكسلرود، الذي عمل خبيراً استراتيجياً في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، ناقوس الخطر بشأن إمكانية إعادة انتخاب بايدن، واقترح أنه "يجب عليه التفكير في التخلي عن حملته الانتخابية لولاية ثانية".
وقال أكسلرود عبر منصة إكس أن "مخاطر سوء التقدير هنا كبيرة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ويبقى القرار بيد جو بايدن وحده".
وجاءت تعليقات أكسلورد بعد الاستطلاع الذي أجرته صحيفة "نيويورك تايمز"، و"معهد أبحاث كلية سيينا" في الولايات المتأرجحة، والذي أظهر تفوق ترمب على بايدن في المنافسة المحتملة في 5 ولايات من أصل 6.
رغم ذلك، لا يزال العديد من الديمقراطيين يقاومون هذه النبرة المتشائمة بشأن بايدن. وقال جيم ميسينا، أحد كبار الاستراتيجيين في حملة الانتخابية لأوباما في تصريحات لـ"فاينانشال تايمز" إنه "من المعروف أن استطلاعات الرأي عادة ما تكون سيئة وغير دقيقة في هذا الوقت المبكر".
وأضاف ميسينا: "سيكون الاختيار بين مرشحين بعد عام من الآن، وعليهما الفوز بأصوات الناخبين في نوفمبر 2024، وليس بأصوات الأشخاص الذين أدلوا بأصواتهم في استطلاع الرأي في نوفمبر 2023".
"نقاط ضعف مثيرة للقلق"
ووصف العديد من الديمقراطيين اقتراح أكسلرود بشأن "انسحاب بايدن" بأنه "غير واقعي"، مضيفين أن الخبير السياسي المقيم في شيكاغو كان مخطئاً من قبل بشأن بايدن عندما استبعد فرصة فوزه بالانتخابات الرئاسية قبل 4 سنوات.
ورد رون كلين، كبير موظفي البيت الأبيض السابق في إدارة بايدن، عبر منصة إكس، على أكسلرود قائلاً إن "الرجل الذي أطلق على بايدن لقب السيد ماجو في أغسطس 2019، لا يزال يفعل ذلك"، في إشارة إلى شخصية كرتونية مسنّة وعنيدة تعاني من مشاكل في الرؤية.
ومع ذلك، كشفت استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخراً عن "نقاط ضعف" مثيرة للقلق لدى بايدن، إذ لا يزال الناخبون "قلقين للغاية" بشأن عمره، إذ سيبلغ 81 عاماً في 20 نوفمبر، كما يصنفونه في مرتبة "أدنى من ترمب" في العديد من الملفات، بما في ذلك تعامله مع الاقتصاد.
في غضون ذلك، هناك مؤشرات على استمرار نزيف دعم بايدن في أوساط شرائح مهمة من القاعدة الانتخابية للحزب الديمقراطي، وخاصة بين الناخبين ذوي الأصول الإفريقية واللاتينية.
وحذَّر أنتوني كولي، أحد كبار مسؤولي وزارة العدل السابقين في عهد بايدن، عبر منصة إكس من أن "الأضواء الصفراء تومض. والأكثر إثارة للقلق أنها ليست حالة لمرة واحدة، وإنما جزء من توجه عام".
وحثَّ كولي حزبه على "عدم رفض نتائج الاستطلاعات وتداعياتها تلقائياً، باعتبارها حالة تبول لا إرادي ديمقراطية معتادة".
الانقسام بشأن حرب غزة
وتزامنت أرقام استطلاعات الرأي الضعيفة لبايدن مع حالة الانقسام التي ضربت الحزب الديمقراطي على خلفية تعامل الرئيس الأميركي مع أزمة الشرق الأوسط، إذ اتهمه التقدميون بالمبالغة في مساندة إسرائيل في حربها ضد حركة "حماس"، وعدم القيام بما يكفي للحد من الخسائر في صفوف المدنيين.
وفي لقاء متلفز مع موظفين سابقين، اتخذ أوباما موقفاً أكثر حيادية من الحرب، إذ قال: "إذا كنت تريد حل المشكلة، فعليك أن تأخذ الحقيقة كاملة، وعليك أن تعترف بأن لا أحد نظيف اليد".
الإجهاض قضية هامة
وقالت ماري آن مارش، الخبيرة الاستراتيجية الديمقراطية المقيمة في ماساتشوستس إن بايدن حافظ على تقدمه في ملف الإجهاض، ما سيدفع الناخبين إلى صناديق الاقتراع.
وأضافت: "بالنسبة للنساء اللائي يعرفن أنهن سُلبن حقوق الإجهاض، فإن القضايا الأخرى تصبح غير مهمة، فما قيمة الاقتصاد إذا لم يكن لديك الحق في الحصول على الرعاية الصحية التي تحتاج إليها؟".
ويأمل الديمقراطيون في أن تصبح المقارنة مع ترمب، والتي جاءت في مصلحة بايدن بدرجة كبيرة في عام 2020، أكثر وضوحاً في العام المقبل.
وقال كفين مونوز، المتحدث باسم حملة بايدن، إن "حملة الرئيس بايدن تعمل جاهدة للوصول إلى تحالف ناخبينا الفائز بمختلف أطيافه وحشدهم بعد عام على الاختيار بين أجندتنا الشعبية الفائزة وأجندة الجمهوريين المتطرفة التي تحمل شعار"لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، في إشارة إلى أحدث استطلاعات الرأي.
فيما قال مات بينيت، المستشار السابق للرئيس الأميركي بيل كلينتون، والذي يعمل حالياً في مؤسسة "Third Way" البحثية، إن "جو بايدن كان ظاهراً في حياة معظم الناس على مدى السنوات الثلاث الماضية، فيما لم يكن ترمب كذلك. وبحلول الوقت الذي سيصوتون فيه، سيعود ترمب إلى حياتهم بدرجة كبيرة".