أمير الكويت ينتقد السلطتين التشريعية والتنفيذية: اجتمعا على الإضرار بمصالح البلاد والعباد

time reading iconدقائق القراءة - 7
أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح يلقي كلمة عقب أدائه اليمين الدستورية في مقر مجلس الأمة. 20 ديسمبر 2023 - AFP
أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح يلقي كلمة عقب أدائه اليمين الدستورية في مقر مجلس الأمة. 20 ديسمبر 2023 - AFP
دبي -الشرق

في أول خطاب بعد أدائه اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة أميراً للكويت، الأربعاء، وجه الشيخ مشعل الأحمد الصباح انتقادات للمجلس والحكومة، فاستجابت الحكومة بتقديم استقالتها بعد الجلسة مباشرة.

وتعهد أمير الكويت الجديد بمكافحة الفساد، مؤكداً على أهمية "المتابعة والمراقبة المسؤولة والمساءلة الموضوعية والمحاسبة الجادة في إطار الدستور والقانون عن الإهمال والتقصير والعبث بمصالح المواطنين".

وقال أمير الكويت في كلمته عقب أداء اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة: "إخواني وأخواتي أبناء وطني العزيز، ما أثقل حمل الأمانة وما أعظم أداء القسم العظيم، وما أشد الوفاء بالعهد والوعد، وأنا اليوم وقد تسلمت زمام الحكم تكليفاً لا تشريفاً، فإني من خلال مجلسكم الموقر أعاهد الله سبحانه وتعالى، ثم أعاهد الشعب الكويتي الوفي كممثلين له، أن أكون المواطن المخلص لوطنه وشعبه، الحريص على رعاية مصالح البلاد والعباد، المحافظ على الوحدة الوطنية، الساعي إلى رفعة الوطن وتقدمه وازدهاره، المتمسك بالدين الحنيف والثوابت الوطنية والدستورية الراسخة".

مكافحة الفساد

وتعهد أمير الكويت بأن يكون "حاملاً لواء احترام القانون وتطبيقه، المحارب لكافة صور الفساد وأشكاله، مستذكراً ما تركه لنا الآباء والأجداد من أمانة الحفاظ على الوطن، ومنفذاً وصية حكامنا السابقين، طيب الله ثراهم، بأن الكويت هي البقاء والوجود، وأن أعمارنا إنما هي في أعمالنا".

وقال: "أود أن أؤكد لكم في خطابي هذا استمرار نهج ودور دولة الكويت الريادي مع الدول الشقيقة والصديقة في مختلف القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، محافظين على التزاماتنا الخليجية والإقليمية والدولية".

وأضاف: "أكدنا في خطاباتنا السابقة بأن هناك استحقاقات وطنية ينبغي القيام بها من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية لصالح الوطن والمواطنين؛ وبالتالي لم نلمس أي تغيير أو تصحيح للمسار، بل وصل الأمر إلى أبعد من ذلك عندما تعاونت السلطتان التشريعية والتنفيذية، واجتمعت كلمتهما على الإضرار بمصالح البلاد والعباد".

المناصب والوظائف

وتابع الأمير: "وما حصل من تعيينات ونقل في بعض الوظائف والمناصب، والتي لا تتفق مع أبسط معايير العدالة والإنصاف، وما حصل كذلك في ملف الجنسية من تغيير للهوية الكويتية، وما حصل في ملف العفو، وما ترتب عليه من تداعيات، وما حصل من تسابق لملف رد الاعتبار لإقراره، لهو خير شاهد ودليل على مدى الإضرار بمصالح البلاد ومكتسباته الوطنية".

وقال الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح: "ومما يزيد الحزن والألم سكوت أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية عن هذا العبث المبرمج لهذه الملفات وغيرها؛ مما أسبغ عليها صفة الشرعية، وكأن الأمر أصبح بهذا السكوت يمثل صفقة تبادل المصالح والمنافع بين السلطتين على حساب مصالح الوطن والمواطنين".

وأضاف: "لهذا جاء قرارنا السيادي مكتوباً بوقف جزء من هذا العبث من خلال وقف قرارات التعيين والترقية والنقل والندب لأجل مسمى، وسيتم إن شاء الله التعامل مع باقي الملفات الأخرى فيما بعد بما يحقق مصالح البلاد العليا".

تحذير وتحديات

وتابع أمير الكويت: "حذرنا في مناسبات عديدة بأن الأزمات والتحديات والأخطار محيطة بنا، وأن الحكمة تقتضي منا إدراك عظم وحجم المسؤولية والتمسك بالوحدة الوطنية التي هي ضمانة البقاء بعد الله؛ مما يتعين علينا اليوم ونحن نمر بمرحلة تاريخية دقيقة ضرورة مراجعة واقعنا الحالي من كافة جوانبه، خصوصاً الجوانب الأمنية والاقتصادية والمعيشية، والتي هي وصية أميرنا الراحل طيب الله ثراه، وأن نتحاور، وأن نتبادل الرأي والمشورة والنصيحة، وأن نسعى جميعاً لإشاعة أجواء التفاؤل وبث روح الأمل لتحقيق الطموح المنشود، وضرورة التأني والتريث في إصدار القوانين والقرارات التي لها تأثير على المكتسبات الوطنية، حفاظاً على الهوية الكويتية، وتعزيزاً للمواطنة الحقة للكويتيين الذين يؤمنون بأن الكويت هي البقاء والوجود وأن الولاء لها".

واختتم أمير الكويت كلمته قائلاً: "انطلاقاً من مسؤولية وأمانة الحكم، فإنه يتوجب علينا كقيادة سياسية أن نكون قريبين من الجميع، نسمع ونرى ونتابع كل ما يحدث من مجريات الأمور والأحداث، مؤكدين على أهمية المتابعة والمراقبة المسؤولة والمساءلة الموضوعية والمحاسبة الجادة في إطار الدستور والقانون عن الإهمال والتقصير والعبث بمصالح الوطن والمواطنين.. فسيروا على بركة الله وتوفيقه، ونحن دائماً معكم على الوعد والعهد الذي قطعناه على أنفسنا باقين، وبالقسم العظيم بارين، أوفياء للوطن والمواطنين".

وبعد وقت قصير من كلمة الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمام مجلس الأمة، قدمت الحكومة الكويتية استقالتها، وتبع ذلك صدور "أمر أميري بقبول استقالة رئيس مجلس الوزراء والوزراء"، على أن "يستمر كل منهم بتصريف العاجل من شؤون منصبه لحين تشكيل الوزارة الجديدة".

"لا تراجع عن تصحيح المسار"

من جانبه، اعتبر رئيس تحرير صحيفة الرأي الكويتية وليد الجاسم، أن خطاب الأمير مشعل الأحمد يتسق مع خطاباته خلال السنوات الثلاث الماضية، والتي تتبع "منهجاً واحداً"، وتعكس اهتمامه بـ"الانضباط الشديد وحبه لترسيخ قواعد العدالة في التعامل" وعدم قبوله لأوجه "التقصير"، مشيراً إلى أن من يعرف الأمير يعرف أنه "ثابت وواضح ولا يتغير".

وأضاف الجاسم في حديثه لـ"الشرق"، أن "خطاب اليوم يعكس حالة عدم رضا كبيرة عن أداء السلطتين (التنفيذية والتشريعية)،" وأن الأمير "تعامل مع كل السلطات على قدم المساواة وبدون تمييز وبدون انحياز"، مؤكداً أن "كل سلطة من السلطتين أخذت حقها من اللوم، وستأخذ حقها في المحاسبة".

وأشار إلى أن الواقع السياسي في الكويت "كان مثيراً للجدل"، حيث أن "بعض القرارات صدرت على عجالة وكنوع من التسويات السياسية بين السلطتين، البرلمان والحكومة"، وأكد أن "طبيعة الشيخ مشعل يحب أن تكون الأمور واضحة، ولا يقبل التسويات السياسية".

ويرى رئيس صحيفة "الرأي" أن الكويتيين "مقبلون على مرحلة فرض تصحيح مسار" وأن الشيخ مشعل "لن يتراجع عن تصحيح المسار، وسيفرضه فرضاً في المرحلة القادمة"، واعتبر أنه "مع حاكم مثل الشيخ مشعل الأحمد، الواقع السياسي يجب أن يتأقلم مع هذا الحاكم"، مؤكداً أنه "لن يقبل أنصاف الحلول".

وقال إن القرارات التي صدرت في السابق رافقها "جدل اجتماعي، وحديث اجتماعي وسياسي عن مدى استحقاقها"، وتابع "كان هناك تيار تعاطف معها، وهناك تيار يرى أن فيها تفريطاً بجوانب من أمن الكويت"، مؤكداً في هذا الصدد، أنه بالنسبة للأمير مشعل، فإن "الأمن خط أحمر، لا يقبل فيه أنصاف الحلول" ولا أي نوع من التقصير.
 
وعن ما يمكن توقعه خلال المرحلة القادمة، اعتبر الجاسم أنه "لا يمكن التنبؤ بما سيقدم عليه"، وأضاف "المؤكد هو أن الأمير يحكم وفق الدستور عبر وزرائه، ويجب أن يعبر هؤلاء الوزراء عن رؤية الأمير وقادرين على تحقيقها"، مؤكداً في ختام حديثه لـ"الشرق" أن "مسألة القدرة على تحقيقها (الرؤية) هي المحك في الاختيارات القادمة"، وأنها "مسؤولية مشتركة مع السلطة التشريعية أيضاً".

تصنيفات

قصص قد تهمك