لفتت المحامية عديلة حسيم، الأنظار خلال أولى جلسات الاستماع في الدعوى القضائية التي أقامتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، في مدينة لاهاي بهولندا، بشأن ارتكاب تل أبيب "جرائم إبادة جماعية" بحق الفلسطينيين في حربها على قطاع غزة التي اندلعت في 7 أكتوبر الماضي.
وقدَّمت حسيم، التي تُمثّل بلدها جنوب إفريقيا مع فريق آخر من المحامين، خلال مرافعتها التي استغرقت نحو 25 دقيقة، العديد من الحجج أمام المحكمة لإثبات ارتكاب إسرائيل "جرائم إبادة جماعية في غزة".
"حسيم" تعارض الاستيطان
وتمتد مسيرة عديلة حسيم القانونية لعقود، وركزت بشكل أساسي على قضايا الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وهي متخصصة في القانون الدستوري والإداري والصحي والمنافسة.
وعملت عديلة قاضية بالإنابة، وساهمت في العديد من الدوريات القانونية والصحية، كما شاركت في تأسيس منظمة Corruption Watch المعنية بمكافحة الفساد، ولديها العديد من المؤهلات الأكاديمية، تشمل بكالوريوس في الآداب والقانون، وماجستير في القانون، ودكتوراه في العلوم القضائية. كما تم قبولها في نقابة المحامين في جوهانسبرج في يونيو 2003.
وفي عام 2014، انضمت إلى وفد منظمة "افتحوا شارع الشهداء" من جنوب إفريقيا، التي تعارض الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، إذ حاولت الوصول إلى مدينة الخليل في الضفة الغربية، وذلك ضمن الاحتجاج الدولي السنوي الخامس تحت شعار "افتحوا شارع الشهداء"، وهو الشارع الذي تقيّد فيه إسرائيل الحركة، حيث تسمح فيه بمرور المستوطنين الإسرائيليين في مستوطنتي "كريات أربع، وأبراهام أفينو".
جوائز وتكريمات
وشاركت عديلة في تأليف كتاب بعنوان "الصحة والديمقراطية: دليل لحقوق الإنسان والقانون والسياسة الصحية في جنوب إفريقيا بعد الفصل العنصري"، وكانت المؤسسة المشاركة ومديرة التقاضي في منظمة Section27 المعنية بحقوق الإنسان حتى عام 2017.
وحصلت عديلة كذلك على جوائز وتكريمات، من بينها جائزة "حقوق الإنسان" من منظمة العفو الدولية في عام 2002، وجائزة "المرأة المتميزة" من جنوب إفريقيا، وجائزة "القانون والعدالة" من مؤسسة فورد عام 2010، وغيرها.
"مجزرة الحرم الإبراهيمي"
وتعود جذور علاقتها بالقضية الفلسطينية إلى النصف الأول من التسعينيات، وتحديداً في أعقاب ما يُعرف بـ"مجزرة الحرم الإبراهيمي" التي وقعت في عام 1994، حين فتح مستوطن إسرائيلي النار وبمساعدة آخرين، على مصلّين فلسطينيين داخل الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل بالضفة الغربية، وأودى الهجوم بحياة 29 فلسطينياً وإصابة 15 آخرين.
وفي تصريحات سابقة، وصفت عديلة "الفصل العنصري في فلسطين" أنه "أبشع من أبارتهايد جنوب إفريقيا"، وذلك في إشارة إلى نظام الفصل العنصري الذي كان معمولاً به في البلد الإفريقي.
ومثَّلت عديلة عائلات الضحايا في حادثة Life Esidimeni، التي راح ضحيتها 144 شخصاً ممن يعانون مشاكل في الصحة العقلية، وذلك بعد نقلهم إلى منشآت للعلاج غير مرخصة بإقليم جاوتينج في جنوب إفريقيا، بسبب الجوع والإهمال في عام 2016.
مرافعة تلفت الأنظار
وفي مرافعتها أمام محكمة العدل الدولية، قالت عديلة حسيم إن "ما يحدث في غزة اليوم قضية تؤكد جوهر إنسانيتنا المشتركة وفقاً لما تم التعبير عنه في الشعار السابق لاتفاقية الإبادة الجماعية، حيث تؤكد جنوب إفريقيا أن إسرائيل انتهكت المادة 2 من الاتفاقية بارتكابها أعمالاً تندرج ضمن تعريف الإبادة الجماعية. وتظهر هذه الإجراءات أنماطاً منهجية من السلوك يمكن الاستدلال منها على الإبادة الجماعية".
وبينما كانت تعرض صوراً للمقابر الجماعية التي دُفنت فيها جثث الضحايا في القطاع الفلسطيني المحاصر، تابعت حسيم قائلة: "أول عمل إبادة جماعية هو القتل الجماعي للفلسطينيين في غزة، وغالباً ما تكون الجثث غير محددة الهوية".
وأضافت: "استخدمت إسرائيل 6 آلاف قنبلة في الأسبوع. وقنابل تزن ما يزيد على 900 كيلوجرام مرة على الأقل في جنوب غزة الذي صنفته بأنه آمن. لا أحد بمنأى عن ذلك. ولا حتى الأطفال حديثي الولادة. وقد وصفها قادة الأمم المتحدة بأنها مقبرة للأطفال".
وأشارت حسيم إلى أن "الهجمات الإسرائيلية خلّفت ما يقرب من 60 ألف جريح ومشوّهاً مرة أخرى، معظمهم من النساء والأطفال، وذلك في ظروف انهار فيها نظام الرعاية الصحية تقريباً".
وأردفت بقولها: "يُعتقل عدد كبير من المدنيين الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، وتُعصب أعينهم، ويجبرون على خلع ملابسهم، ويُحملون على شاحنات، وينقلون إلى أماكن مجهولة. إن معاناة الشعب الفلسطيني، جسدياً وعقلياً، لا يمكن إنكارها".