هل يزداد التوتر بين الصين وتايوان بعد فوز مؤيد للاستقلال بالرئاسة؟

time reading iconدقائق القراءة - 8
دبي-الشرق

غذى فوز لاي تشينح تي في الانتخابات الرئاسية في تايوان، المخاوف من المزيد من التصعيد في العلاقات بين تايبيه والصين التي ترى أن الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي، جزء لا يتجزأ من أراضيها، وتترك الباب مفتوحاً أمام الخيار العسكري لضمها، إلا أن محللين استبعدوا هذا السيناريو في حديث لـ"الشرق"، نظراً لعدم جدواه وغياب تحرك جدي من تايبيه في اتجاه الاستقلال.

وأشار المحللون والخبراء في هذا السياق، إلى تمسك واشنطن، حليفة تايبيه، بموقف ثابت يرفض أطروحة الانفصال ويكتفي بالمطالبة بالحفاظ على الوضع القائم دون استفزازات من الجانبين، وذلك في الوقت الذي تجمع الأطراف الثلاثة مصالح اقتصادية هائلة تأتي في مقدمتها تلك المتعلقة بتكنولوجيا أشباه الموصلات.

وتعهّد لاي تشينج-تي عقب إعلانه فوزه السبت، بمواجهة تهديدات الصين، وقال في كلمة أمام أنصاره "إننا مصممون على حماية تايوان من تهديدات الصين المستمرة وترهيبها"، مهنّئا الشعب بـ"نجاحه في مقاومة جهود قوى خارجية للتأثير على هذه الانتخابات".

"الانتخابات لن تحدد مصير تايوان"

وعن نتائج هذه الانتخابات، قال الصحافي والخبير التايواني فاوتسو تشو لـ"الشرق"، إن "أغلب التايوانيين كانوا يشعرون بهذه النتيجة مسبقاً"، مشيراً إلى أن أغلبهم مهتم بمصير الجزيرة التايوانية. وأرجع تشو انتصار لاي تشينج-تي، إلى خسارة حزب الكومينتانج المؤيد للصين الكثير من الأصوات، كما أن العديد من الناخبين المسنين فضلوا الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم.

واعتبر تشو أن الرئيس المنتخب سوف يُظهر استعداده للتعاون مع الكتل الأخرى والدخول في مفاوضات مع الأحزاب المعارضة في إطار "المزيد من التفاوض السياسي" والمحافظة على "القيم الديمقراطية".

من جهة أخرى، أشار نائب رئيس مركز الصين والعولمة في بكين فيكتور جاو، إلى أن "هذه الانتخابات شأن داخلي لجمهورية الصين الشعبية تتعلق بمحافظة تايوان"، مؤكداً أن هذه  الانتخابات المحلية "لن تحدد مصير تايوان ولن تملي مصير العلاقات في مضيق تايوان".

وتطالب الصين بالسيادة على تايوان، وتعتبرها جزءاً لا يتجزأ من أراضيها.

وقال جاو في حديثه لـ"الشرق"، إن "الشرط الأساسي سيتمثل في سياسة الصين الواحدة، وبما أن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين، فإن أي طرف أياً كان، لن يتجاوز هذا الخط، لأن الصين تعتبر أن انفصال تايوان شيء يناهض السلام في المنطقة"، وتابع "آمل في أن السلام والاستقرار سوف يصمدان في مضيق تايوان بدل السماح لأي طرف باللعب بالنار (..)، نحن نريد الحفاظ على السلام ولن نسمح لأي طرف بإغراق هذا الوضع في حالة الحرب".

وأضاف أن بكين سوف تراقب نشاط الرئيس المنتخب وليس أقواله، وأشار إلى أن لاي "حصل على أكثر بقليل من 40% من أصوات الناخبين، ما يعني أن هذه الحكومة لا تمثل الأغلبية الساحقة من مواطني تايوان (..) الانفصال عن الصين مهمة مستحيلة التنفيذ، كما أن الصين لن تسمح بذلك أيضاً".

وأكد جاو أن بكين "جاهزة تمام الجاهزية للدفاع عن سياسة الصين الواحدة"، وأوضح أنها "لم تعترف بما يسمى خط الوسط في بحر تايوان، لأن تلك بحار صينية داخلية".

وتابع "يجب أن نكون مستعدين، لأن السفن الصينية سوف تبقى قرب الجزيرة الصينية، يجب أن نكون مستعدين بالطائرات الصينية التي ستحلق فوق ما يسمى الأجواء التايوانية في حالة ما إذا توترت الأوضاع".

"واشنطن قلقة من التهديدات الصينية"

وأشار مسؤول ملف الصين في مجلس الأمن القومي الأميركي سابقاً دينيس وايدلر، إلى أن واشنطن سترسل وفداً غير رسمي إلى تايوان للقاء الرئيس المنتخب بقيادة جيمس شتاينبرج، نائب وزير الخارجية الديمقراطي السابق، وستيفن هادلي، مستشار الأمن القومي الجمهوري السابق، وأوضح أن الرسالة التي يحملونها هي أن "الأمر الواقع في مضيق تايوان لا يجب أن يتم تعديله"، وأكد أن الولايات المتحدة لا تدعم التوترات والتحركات باتجاه استقلال تايوان.

وأضاف وايلدر في حديثه لـ"الشرق" أن واشنطن قلقة بشأن "الإجبار والتهديدات العسكرية الصينية"، وتابع "بما أن الطائرات الصينية تحلق بالقرب من تايوان، بالإضافة إلى إرسال السفن الحربية بالقرب من الجزيرة، فيبدو أنه هناك محاولة واضحة لترهيب السكان في تايوان"،

وقال إن "هذا النهج غير بناء، نحن نريد أن يتم فتح الحوار بين بكين  والرئيس الجديد، فهو تحدث اليوم عن ضرورة حوار بناء مع السلطات الصينية، نحن نعتبر أن ذلك فكرة جيدة".

ويرى الصحافي الخبير في الشؤون التايوانية فاوتسو تشو، أن الرئيس الجديد "سوف يحافظ على النهج الدبلوماسي المتواجد حالياً، وسوف يحترم الدستور"، واعتبر أن "الخطاب الذي نسمعه من الصين نتيجة لهذه الانتخابات وحالة الغضب، ليست حلاً للخلافات المتراكمة بين الطرفين"، وأوضح من جهة أخرى أنه "يجب أن نعترف بكون الشعب في تايوان لا يزال يحافظ على نفس الموقف من حيث عدم رغبته في أن يكون جزءًا من الصين"، وأن انتخاب ثالث رئيس من الحزب نفسه "رسالة واضحة يجب توجيهها للصين بشأن ضرورة فتح حوار".

تبادلات تجارية ضخمة

وعلى المستوى الاقتصادي، أشار نائب رئيس مركز الصين والعولمة في بكين فكتور جاو، إلى أن التبادلات التجارية بين الصين وتايوان تتجاوز 300 مليار دولار، وأن تايبيه تتمتع بفائض تجاري في هذا الجانب، في حين أن التبادل التجاري بينها وباقي دول العالم يسجل عجزاً كبيراً، معتبراً أن "الصين في غاية الأهمية بالنسبة لتايوان بالمقاييس المعيشة والتجارة البينية".

وطرح جاو إمكانية اعتبار تايوان منطقة تجارة حرة تابعة للدولة الصينية بعد عملية التوحيد التي تسعى إليها بكين، واعتبر أن هذه المقاربة ستمنح "الوصول الشامل والمتاح لجميع المستثمرين في هذه التكنولوجيات بما في ذلك المصانع وأشباه الموصلات"، دون حواجز بين الشركات التايوانية وباقي دول العالم، مشدداً على أن "التركيز على أشباه الموصلات أمر مضلل" من قبل الولايات المتحدة التي ترى أن هذا القطاع مهم بالنسبة لها.

وأوضح جاو أن بكين تنتظر "الأفعال الحقيقة من جانب الإدارة الأميركية وليس الأقوال"، وأكد أنه لا يجب إشراك "أي طرف ثالث" في عملية إعادة التوحيد بشكل سلمي، داعياً واشنطن إلى التوقف عن وضع العراقيل في طريق هذه العملية.

ومن جانب آخر، يرى الصحافي الخبير في الشؤون التايوانية فاوتسو تشو، أن استراتيجية وسياسات الحكومة السابقة سوف تستمر مع الرئيس الجديد أيضاً في الجانب الاقتصادي، وقال في هذا الصدد أن "المصادر تقول إن الرئيس لاي تشينج-تي سوف يتوجه إلى الإدارة الأميركية وأيضا سوف يطور قنوات الاتصال مع السلطات الأميركية"، وتحدث عن "بعض الغموض" حول ماهية هذه القنوات وما إذا كانت سوف تكون رسمية.

وأضاف "في ما يتعلق بالاقتصاد، طبعاً سيتم تعزيز التعاون خصوصاً في ما يخص التكنولوجيات الإلكترونية، سوف نحافظ على الأمر الواقع من حيث الصلات التجارية مع الولايات المتحدة، وسوف نعتمد نفس الاستراتيجية الاقتصادية".

تصنيفات

قصص قد تهمك