تجدد الحديث بشأن جرائم "الإبادة الجماعية" بعد مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في اتهام جنوب إفريقيا لها بممارسة إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، عبر أفعالها في الحرب التي تشنها على قطاع غزة منذ أكتوبر الماضي.
ومع إدانة ناميبيا لقرار ألمانيا بالتدخل كطرف ثالث للدفاع عن إسرائيل ودعمها أمام محكمة لاهاي، وتذكيرها برلين بأنها ارتكبت على الأراضي الناميبية أول عملية إبادة جماعية في القرن العشرين، أثارت القضية تساؤلات بشأن أبرز الأحداث المشابهة التي شهدها التاريخ الحديث؛ لا سيما وأن إثبات هذا النوع من الجرائم يواجه تحديات وعقبات قانونية.
وحتى الوقت الراهن، لم تبت المحكمة الجنائية الدولية التابعة للأمم المتحدة (وهي تختلف عن محكمة العدل) إلا في عدد قليل من الوقائع، على أنها تشكل "إبادة جماعية".
وفي قضايا أخرى، وجهت المحكمة تهم "إبادة جماعية" بحق أفراد محددين، ولكن المحاكمة أو الحكم النهائي في القضايا المنظورة لا يزال معلقاً، وبالتالي لم تثبت التهم بحقهم. وهذه التهم وجهت، على سبيل المثال من قبل المحكمة في قضية "دارفور" (السودان)، بحسب مذكرة توجيهية أصدرها مكتب الأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية.
وتنصح المذكرة التوجيهية مسؤولي الأمم المتحدة بالحذر عند استخدام مصطلح الإبادة الجماعية، إذ أن التعريف القانوني للإبادة الجماعية دقيق جداً، يشمل عدة عناصر مثل النية، والإرادة، كما أن تحديد ما إذا ما كان حادث ما يشكل إبادة جماعية، هو أمر معقد قانونياً، ويجب استخدام المصطلح بعد فحص حذر ومتعمق للوقائع.
أصل مصطلح الإبادة الجماعية
عندما تكشفت الفظائع التي ارتكبتها ألمانيا النازية بعد الحرب العالمية الثانية، توافق المجتمع العالمي على أنَّ ميثاق الأمم المتحدة لم يذهب إلى حد كاف في تعريف الحقوق التي أشار إليها، وأنه ينبغي تعريف هذه الحقوق وتكريسها في هيكل جديد من القانون الدولي.
المحامي البولندي رافائيل ليمكين، هو أول من صاغ مصطلح "Genocide" (إبادة جماعية) في عام 1944 في كتابه "حكم المحور في أوروبا المحتلة" من خلال الجمع بين "geno"، من الكلمة اليونانية التي تعني عرقية أو قبيلة، مع كلمة "cide"، المشتقة من الكلمة اللاتينية التي تعني القتل.
وطوّر ليمكين مفهوم "الإبادة الجماعية" جزئياً استجابة للمحرقة اليهودية (الهولوكوست)، وكذلك استجابة لحالات سابقة اعتبر فيها أن دولاً بأسرها، ومجموعات عرقية ودينية، دُمرت.
وفي إطار الوفاء بالالتزام بعدم التكرار النهائي للجرائم المرعبة التي ارتكبت أثناء الحرب العالمية الثانية، اعتمدت الجمعية العامة، قبل يوم واحد من اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 9 ديسمبر 1948، "اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها".
صعوبة إثبات الإبادة الجماعية
ويصطدم اتهام "الإبادة الجماعية" بصعوبات في إثبات الجرائم، إذ أن تعريف الأمم المتحدة لتلك الجريمة استند بشكل أساسي إلى "وجود النية" وضرورة أن يثبت المدعون تصرف المتهم بـ"قصد محدد" للقضاء على مجموعة بأكملها.
وتعرّف "اتفاقية الإبادة الجماعية" المعتمدة من الأمم المتحدة في 9 ديسمبر 1948 جريمة الإبادة الجماعية، بأنها "الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو دينية".
ولم تطبق اتفاقية الإبادة الجماعية للمرة الأولى إلا خلال أوائل التسعينيات، بعد أكثر من أربعة عقود من اعتمادها، خلال العمليات القضائية التي أعقبت صراعات رواندا والبلقان.
وهناك عدد من الوقائع التي أثير بشأنها اتهام "الإبادة الجماعية"، بعضها أقرتها أحكام دولية، وأخرى مازال أطرافها يطلبون اعترافاً بها.
وقائع إبادة جماعية صدرت فيها أحكام
الهولوكوست.. محرقة اليهود في ألمانيا
أثيرت أول محاكمة بشأن جرائم الإبادة الجماعية في 20 نوفمبر 1945، حين اتفق الحلفاء الأربعة المنتصرون في الحرب العالمية الثانية على تنصيب محكمة في مدينة نورمبرج الألمانية، التي استضافت المؤتمرات النازية في الثلاثينيات، حيث طُبقت قوانين عنصرية ضد اليهود.
وباشرت المحكمة نظر اتهام كبار المسؤولين في نظام الزعيم النازي أدولف هتلر، بالتورط في إقامة المحرقة اليهودية "الهولوكوست"، فضلاً عن ارتكاب "جرائم ضد السلام" و"جرائم ضد الإنسانية"، وهما مفهومان جديدان في القانون الدولي آنذاك.
وبعد 10 أشهر، أصدرت المحكمة 12 حكماً بالإعدام، و7 أحكام بالسجن المؤبد، و3 أحكام بالبراءة.
وأودت "الهولوكوست" بحياة ما يقرب من 4.8 مليون شخص، بحسب موقع الأمم المتحدة، فيما يذكر "متحف ذكرى الهولوكوست بالولايات المتحدة" USHMM أن عدد الضحايا بلغ 6 ملايين شخص.
الإبادة الجماعية في البوسنة والهرسك
في بداية التسعينيات، قاد الرئيس الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش، هجوماً مدمراً على البوسنة بعد إعلان استقلالها، وأسفرت الحرب عن قتل قرابة 100 ألف شخص، غالبيتهم من المسلمين، كما شهدت عمليات إعدام جماعية للرجال واغتصاب جماعي للنساء عام 1995 في بلدة سيربرينيتسا (شرق البوسنة والهرسك)، وفق ما نقلته مذكرات الأمم المتحدة.
وفي 25 مايو 1993، وبينما كان الصراع لا يزال مستمراً، أنشأت الأمم المتحدة المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، في لاهاي بهولندا، لمحاكمة مرتكبي الفظائع.
وكانت هذه ثاني محكمة دولية بعد المحكمة العسكرية الدولية في نورمبرج بعد الحرب العالمية الثانية، وأول محاكمة تنظر جريمة "الإبادة الجماعية" بصفة محددة.
بالإضافة إلى ذلك، كانت هذه هي المرة الأولى التي تبدأ فيها المحكمة عملياتها أثناء حدوث نزاع، بهدف توفير قدر من الردع ضد العنف.
واجه الاتهام 161 شخصاً، من بينهم الصرب والبوشناق والكروات، وأُدين 90 شخصاً، كان أبرزهم رادوفان كاراديتش، رئيس جمهورية "صرب البوسنة" السابق، وسلوبودان ميلوسيفيتش، رئيس صربيا السابق، وراتكو ملاديتش، قائد جيش جمهورية صرب البوسنة السابق.
وفي فبراير عام 2007، قضت المحكمة الجنائية في لاهاي باعتبار ما حدث في سيربرنيتسا "إبادة جماعية"، وشكلت المحكمة ليوغوسلافيا السابقة خطوة في بناء العدالة الجنائية الدولية.
حرب الهوتو والتوتسي.. الإبادة الجماعية في رواندا
في 6 أبريل 1994، اندلعت أسابيع من المذابح الكثيفة والممنهجة إثر مصرع رئيس رواندا، الذي ينتمي إلى قبيلة الهوتو، جوفينال هابياريمانا، جرّاء إسقاط طائرته بهجوم صاروخي.
وصدمت عمليات القتل في رواندا المجتمع الدولي، إذ يقدر أن أكثر من مليون شخص لقوا حتفهم في حرب أهلية طاحنة، أغلبهم من قبيلة التوتسي.
وأنشأ مجلس الأمن الدولي في 8 نوفمبر 1994 المحكمة الجنائية الدولية لرواندا التي يقع مقرها حالياً في أروشا بتنزانيا.
وبدأت التحقيقات في مايو 1995، واختصت بالنظر في جميع انتهاكات حقوق الإنسان الدولية المرتكبة في رواندا خلال الفترة بين يناير وديسمبر 1994، ولها القدرة على محاكمة كبار أعضاء الحكومة والقوات المسلحة الذين ربما يكونون قد هربوا إلى خارج البلد، وفق الأمم المتحدة.
وفي 2 سبتمبر من عام 1998، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا حكماً بإدانة جان بول أكاسيو بالإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية عن الأعمال التي شارك فيها، وأشرف عليها كعمدة لبلدة تابا في رواندا.
وكانت أيضاً أول محكمة دولية تدين أحد المشتبه فيهم بارتكاب تهمة الاغتصاب باعتباره جريمة ضد الإنسانية، كما أنها لاحقت 3 من أصحاب وسائل الإعلام بتهمة استخدام وسائل الإعلام الخاصة بهم للتحريض على الكراهية العرقية والقتل الجماعي.
وبحلول أبريل 2007، كانت المحكمة قد أصدرت 27 حكماً على 33 متهماً.
نظام الخمير الحمر.. محاكمات كمبوديا
وفي كمبوديا، يعتقد أن ما يقرب من مليوني شخص لقوا حتفهم من خلال التجويع والتعذيب والعمل القسري والإعدامات الجماعية في فترة حكم "الخمير الحمر"، التي امتدت بين 1975 و1979، واضطهدت أقلية الفيتناميين العرقية، الذين اعتبر الخمير الحمر أفرادها "أعداء خونة من الداخل".
وشكلت المحكمة المعروفة رسمياً باسم "الدوائر الاستثنائية في المحاكم الكمبودية"، عام 2003 بموجب اتفاق بين الأمم المتحدة وكمبوديا، لمحاكمة كبار القادة والمسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت خلال فترة حكم نظام "الخمير الحمر".
وفي 22 سبتمبر 2022، أعلنت المحكمة الخاصة المدعومة من الأمم المتحدة قرارها النهائي، وثبتت حكم السجن مدى الحياة الصادر بحق آخر شخصية بارزة في النظام على قيد الحياة.
كما نظرت المحكمة في طلب استئناف قدمه خيو سامفان، رئيس النظام الشيوعي الديكتاتوري الذي قتل نحو ربع سكان البلاد في السبعينيات،
كما ثبتت المحكمة إدانات بالإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية صدرت في 2018 بحق المسؤول السابق الذي يبلغ 92 عاماً حالياً، ومنها القتل والتعذيب والاستعباد، على قاعدة "العمل الإجرامي المشترك"، حتى وإن لم يكن شارك شخصياً في جميع تلك الجرائم. وأيدت الحكم السابق الذي اعتبر أن خيو سامفان لديه "معرفة آنية مباشرة بارتكاب جرائم، وشارك النية في ارتكابها"، بحسب موقع الأمم المتحدة.
وأُدين ثلاثة من زعماء الخمير الحمر، بدءاً بالرفيق دوتش الذي كان يدير مركزاً للتعذيب سيئ السمعة في العاصمة بنوم بنه، حيث لقي جميع نزلاء المركز البالغ عددهم 20 ألف سجين حتفهم باستثناء 12 شخصاً.
وفي القضية المرفوعة بحق خيو سامفان في 2018، حُكم على نوون شيا المعروف بالأخ رقم 2" في التسلسل الهرمي للحزب الشيوعي للنظام، بالسجن مدى الحياة بتهمة الإبادة الجماعية وجرائم أخرى، بما في ذلك التزويج القسري والاغتصاب. وتوفي شيا في السجن عام 2019.
وقضت المحكمة بالسجن مدى الحياة للرجلين في 2014 بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في قضية أخرى تتعلق بالإخلاء القسري العنيف لبنوم بنه في أبريل 1975، عندما دفعت قوات الخمير الحمر سكان العاصمة إلى معسكرات عمل ريفية.
والمتهم الآخر الذي دانته المحكمة الخاصة هو كاينج جويك إياف المعروف بـ"دوتش" مدير سجن إس-21 سيء السمعة.
وفي ظل حكمهم، مات ما يقدر بنحو 1.7 مليون كمبودي بسبب الإعدام والتعذيب والمجاعة والإهمال، في شكل أمراض تركت دون علاج، في سعيهم لتحويل الدولة التي مزقتها الحرب إلى "مدينة فاضلة ريفية".
وربما يكون ما يصل إلى ثلاثة ملايين قد لقوا حتفهم بشكل عام خلال ما بات يعرف بـ"عهد الإرهاب"، وفقًا لموقع المحكمة ECCC.
ورحب الناجون بالحكم، الذي كان آخر حكم تنطق به المحكمة التي ضمت قضاة كمبوديين ودوليين، وأنهى أكثر من 13 عاماً من جلسات الاستماع التي عقدتها المحكمة المختلطة، والتي بلغت كلفتها أكثر من 330 مليون دولار، ولم تحاكم سوى خمسة مسؤولين من الخمير الحمر، توفي اثنان منهم خلال إجراءات المحاكمة.
ولم يمثل الأمين العام للحزب الشيوعي بول بوت المعروف أيضا باسم "الأخ رقم واحد" وكان الحاكم الفعلي لكمبوديا، أبداً أمام العدالة، إذ توفي في 1998 قبل إنشاء المحكمة.
قضية إبادة جماعية لا تزال أمام المحاكم
نزاع دارفور
كان إقليم دارفور ساحة لحرب أهلية مريرة عام 2003 بين متمردي الأقليات العرقية الإفريقية، وحكومة الرئيس السوداني السابق عمر البشير التي كان غالبية أعضائها من العرب. وأوقع النزاع نحو 300 ألف ضحية وشرّد 2.5 مليون شخص، بحسب الأمم المتحدة.
وترجع تسمية دارفور بهذا الاسم إلى أن الإقليم كان موطناً لشعب الفور قديماً، وبتواتر الأجيال أصبحت المنطقة تضم بين سكانها مجموعات قبلية بينها العرب مثل قبائل "الرزيقات"، ومجموعات عرقية إفريقية مثل "الزغاوة" و"المساليت".
وأثناء حرب 2003، استعان البشير لمساندة قواته بمليشيات "الجنجويد" التي شكّلت بعد ذلك نواة قوات الدعم السريع التي أنشئت رسمياً في عام 2013.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق البشير وبعض مساعديه لاتهامهم بارتكاب "إبادة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
وقائع لم ينظرها القضاء
"مذابح الأرمن"
بدأ العنف ضد الأرمن في فترة انفراط عقد الإمبراطورية العثمانية، التي امتدت على مساحة واسعة شملت عدة دول من بينها أرمينيا، الدولة غير الساحلية التي تحيط بها تركيا، وجورجيا، وأذربيجان، وإيران.
وبدءاً من عام 1915، سعى العثمانيون المتحالفون مع ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، إلى منع الأرمن من التعاون مع روسيا، وأصدروا بحقهم قرارات بالترحيل الجماعي.
وعلى إثر ذلك، لقي 1.5 مليون أرميني حتفهم بسبب الجوع، أو القتل على أيدي الجنود الأتراك العثمانيين والشرطة، أو الإجلاء القسري صوب الجنوب إلى ما هو الآن سوريا وأماكن أخرى في الشرق الأوسط، بحسب الموسوعة البريطانية "Britannica".
ونجا قرابة 500 ألف أرميني، وتفرقت بهم السبل في نهاية المطاف بين روسيا والولايات المتحدة وغيرهما فيما بات أحد أقسى صور الشتات في العالم.
وفي أبريل 2021، قرر الرئيس الأميركي جو بايدن الاعتراف رسمياً بأن "مذابح الأرمن" من أعمال "الإبادة الجماعية" التي قامت بها الدولة العثمانية، إبان الحرب العالمية الأولى، فيما ندد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بما سماه "تسييس" الجدل بشأن الإبادة بحق الأرمن.
ويعتبر مؤرخون كثر في الوقت الحالي، موت الأرمن "أول جريمة إبادة جماعية" في القرن العشرين، فيما يرى الكثير من الأرمن أن ذلك بمثابة ندبة في الجسد الأرميني انتقلت عبر الأجيال.
وتشدد تركيا على أن عمليات قتل وطرد الأرمن خلال ما كان يعرف آنذاك بالسلطنة العثمانية، لم تكن "إبادة جماعية"، ولكنها كانت نتيجة لصراع أوسع خلال الحرب العالمية الأولى.
ولا يذكر الموقع الإلكتروني لـ"مكتب الأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية والمسؤولية عن الحماية"، في وصفه لأصل مصطلح الإبادة الجماعية قضية أرمينيا، وتجنب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، التطرق لهذه القضية.
ناميبيا.. أول إبادة جماعية في القرن الـ20
وقعت الإبادة الجماعية بحق شعب "الهيريرو" بين عامي 1904-1908 في ناميبيا الحالية. كان الهيريرو رعاة هاجروا إلى المنطقة في القرنين 17 و18. بعد ترسيخ الوجود الألماني في المنطقة في أواخر القرن الثامن عشر، ضُمت أراضي الهيريرو (عام 1885) إلى الأراضي الألمانية.
وقتلت القوات الألمانية ما بين 24 ألفاً إلى 100 ألف في ناميبيا خلال مذبحة هيريرو وناما، التي شنتها حينها ألمانيا القيصرية، في جنوب غرب إفريقيا الألمانية حينها (ناميبيا حالياً).
وتعد هذه الحادثة، أول جريمة إبادة جماعية في القرن العشرين. ووقعت الإبادة عقب تمرد شعب الهيريرو الذين كان يقودهم سامويل ماهيريرون، وشعب الناما، ضد الحكم الاستعماري الألماني، إذ قتلوا نحو 100 جندي ألماني، وهو ما ردت عليه القوات الألمانية المحتلة بعنف شديد.
وخلال المرحلة الأولى من الإبادة، وقعت أغلب الوفيات جراء الجوع والجفاف، بعدما منعت القوات الألمانية الهيريرو من مغادرة صحراء ناميب، واعتقلت القوات الألمانية الآلاف من الهيريرو والناما في مراكز اعتقال، حيث توفي أغلبهم جراء الأمراض، والإساءة الجسدية، والإرهاق.
وفي عام 1985، صنفت الأمم المتحدة تلك الحوادث على أنها محاولة لإبادة الهيريرو والناما من جنوب غرب إفريقيا، وفي 2004، اعترفت الحكومة الألمانية بالأحداث، ولكنها رفضت تقديم تعويضات مالية للمتحدرين من نسل الضحايا. وفي عام 2015 صوّت البرلمان الألماني على مشروع قرار يعترف بـ"الإبادة الجماعية".