اقترحت المملكة المتحدة خطة من 5 نقاط لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" الفلسطينية بقطاع غزة، في الوقت الذي يدفع حلفاء لندن الغربيين الذين يدعمون تل أبيب، من أجل وقف دائم لإطلاق النار، والتوصل لعملية سياسية تحدد مسار إقامة دولة فلسطينية، حسبما أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.
وقالت الصحيفة في تقرير نشرته السبت، إن المبادرة التي ناقشها وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، مع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين خلال جولة في المنطقة الأسبوع الماضي، تدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية.
ونقلت عن مسؤول بريطاني كبير لم تكشف عن هويته، قوله إن المبادرة تهدف لتأمين إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة، والتفاوض على وقف دائم لإطلاق النار.
وأضافت أن المبادرة البريطانية تقترح وضع أفق سياسي واضح لإقامة دولة فلسطينية، وتشكيل حكومة من التكنوقراط لإدارة الضفة الغربية وقطاع غزة بعد انتهاء الحرب، فيما يتعين على "حماس" إطلاق سراح جميع المحتجزين، والالتزام بوقف شن الهجمات ضد إسرائيل، وهو ما ستقوم دول المنطقة بضمان تنفيذه، وفقاً للمبادرة.
كما تتضمن المبادرة مقترحاً بأن يغادر كبار قادة "حماس" قطاع غزة إلى دولة أخرى، بما في ذلك يحيى السنوار الذي تعتقد إسرائيل أنه العقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر الماضي.
وقال المسؤول البريطاني لـ"فاينانشيال تايمز": "ما نحاول القيام به هو ترسيخ فكرة أنه عندما يتم التوصل لهدنة مؤقتة، يتعين علينا العمل بجد لتحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار، والتركيز على الأشياء الواقعية والقابلة للتحقيق التي يمكن أن تؤدي بالفعل إلى وقف دائم لإطلاق النار".
وتعد هذه المبادرة واحدة من عدة مبادرات تتم مناقشتها من قبل الدول الغربية والعربية مع تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل لإنهاء هجومها على غزة، الذي أودى بحياة أكثر من 26 ألف شخص، وفقاً للمسؤولين الفلسطينيين.
وأوردت الصحيفة البريطانية أن المملكة المتحدة تعتقد أن خطتها ستكون مُكمِلة لمبادرات أخرى، مشيرة إلى أنها أثارتها مع حكومات الولايات المتحدة ودول أوروبية وعربية.
"أفق سياسي أكثر وضوحاً"
وأضاف المسؤول البريطاني: "أعتقد أن هناك إجماعاً متزايداً في المجتمع الدولي على أن صفقة الرهائن والهدنة المؤقتة هما مفتاحا التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار".
وتابع: "يجب أن يكون لدينا أفق سياسي أكثر وضوحاً لإقامة دولة فلسطينية، والتي تتمثل في وجود حكومة جديدة في الضفة الغربية وقطاع غزة، كما يجب ألا تتمكن (حماس) من مهاجمة إسرائيل أبداً مرة أخرى".
وتقوم قطر، إلى جانب الولايات المتحدة ومصر، بالوساطة بين إسرائيل و"حماس" للتوصل إلى اتفاق يؤدي إلى توقف الحرب لمدة شهر تقوم الحركة خلاله بإطلاق سراح المحتجزين الـ 136 المتبقين، وفي المقابل، ستفرج تل أبيب عن السجناء الفلسطينيين، وتسمح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة.
لكن المحادثات تعثرت بسبب رفض إسرائيل طلب "حماس" بوقف دائم لإطلاق النار في نهاية أي ترتيب، وهو الأمر الذي يدفع الوسطاء أيضاً من أجل التوصل إليه، حسبما قال أشخاص مطلعون على المفاوضات.
ومن المتوقع أن يجري رئيسا وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA، وجهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية "الموساد"، محادثات مع رئيس الوزراء القطري، السبت، في باريس لكسر جمود المفاوضات، حسبما أفادت الصحيفة.
مبادرة عربية
كما تعمل الدول العربية بشكل منفصل، على مبادرة تدعمها الولايات المتحدة لتأمين وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن كجزء من خطة أوسع يمكن أن تقدم تطبيعاً للعلاقات مع إسرائيل في حال وافقت على تبني خطوات "لا رجعة فيها" نحو إقامة دولة فلسطينية، وفقاً لـ"فاينانشيال تايمز".
وعلى الرغم من الإجماع الدولي على الحاجة إلى وقف دائم لإطلاق النار وتجدد التركيز على التوصل إلى تسوية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي الذي طال أمده، فإن هناك تحديات كبيرة أمام إنهاء الحرب الجارية وإطلاق عملية سلام جديدة.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد استبعد أي تحركات نحو إقامة دولة فلسطينية، أو العمل مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، كما رفض أي وقف دائم لإطلاق النار في إطار صفقة الرهائن.
ويصر نتنياهو بدلاً من ذلك على أن إسرائيل ستواصل هجومها على غزة للقضاء على "حماس"، وتحقيق "النصر الكامل" بعد الهجوم الذي نفذته الحركة في 7 أكتوبر.
وعلى الرغم من العقبات التي تواجه الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، إلا أن المسؤولين الغربيين والعرب يناقشون تشكيل حكومة فلسطينية جديدة مع القادة الفلسطينيين لتكون لديهم هيئة ذات مصداقية لإدارة قطاع غزة، الذي تحكمه حماس منذ عام 2007، والضفة الغربية، ويقول المسؤولون إن الفكرة هي أن تكون هناك إدارة مكونة من التكنوقراط مع رئيس وزراء متمكن.
مشاركة مشروطة لـ"حماس"
ونقلت "فاينانشيال تايمز" عن مسؤولين عرب لم تكشف عن هويتهم، قولهم إن الجناح السياسي لـ"حماس"، سيشارك في عملية تشكيل الحكومة الجديدة طالما قبل بوجود إسرائيل على حدود ما قبل حرب عام 1967.
وأشارت الصحيفة إلى أنه تجري مناقشة أسماء مختلفة لرئاسة الحكومة الجديدة، ويُعتقَد أن المرشحين الأوفر حظاً هما سلام فياض، رئيس الوزراء السابق للسلطة الفلسطينية، ومحمد مصطفى، رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني.
الخطة البريطانية لإنهاء حرب غزة:
- وضع أفق سياسي واضح لإقامة دولة فلسطينية
- تشكيل حكومة من التكنوقراط لإدارة الضفة الغربية وقطاع غزة بعد انتهاء الحرب
- إطلاق "حماس" سراح جميع المحتجزين مقابل إفراج إسرائيل عن الأسرى الفلسطينيين
- الالتزام بوقف شن الهجمات ضد إسرائيل وهو ما ستقوم دول المنطقة بضمان تنفيذه
- مغادرة كبار قادة "حماس" قطاع غزة إلى دولة أخرى
ويصر الدبلوماسيون العرب على أن الأمر سيكون متروكاً للفلسطينيين لاختيار تشكيلة الإدارة الجديدة التي ستركز على إعادة إعمار غزة، وإدارة الضفة الغربية، وتشرف على إجراء الانتخابات بعد فترة انتقالية ربما تستمر لعامين.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي عربي، لم تكشف عن هويته، قوله إن القادة الفلسطينيين لا يعترضون على تشكيل حكومة تكنوقراط، لكنهم يقولون إنهم بحاجة إلى ضمانات سياسية من أجل إقامة دولة فلسطينية لضمان حصولهم على الشرعية في نظر الفلسطينيين.
وأضاف الدبلوماسي أن هناك تنسيقاً بين الدول الغربية ودول المنطقة، ولكن في نهاية المطاف، سيكون الأمر متروكاً للقوى العربية للقيام بالعبء الأكبر الخاص بتقديم خطة شاملة يمكن بعد ذلك أن تتبناها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، إذ تتمتع الولايات المتحدة بأكبر قدر من النفوذ على إسرائيل.
وتابع: "يجب أن يبدو الأمر وكأنه رؤية بايدن للسلام".