حذّر رئيس وزراء منغوليا لوفسانامسراي أويون إردين، من احتمال تأخر بناء خط الأنابيب "باور أوف سيبيريا 2" الضخم الذي خطط له الكرملين منذ فترة طويلة، والذي يربط حقول الغاز الغربية الروسية مع الصين، مما يمثّل ضربة لخطط موسكو لتأمين سوق جديدة للغاز الذي كانت تبيعه في السابق إلى أوروبا، وفق صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.
ويعتبر خط الغاز "باور أوف سيبيريا 2"، الذي سيعبر الأراضي المنغولية، أولوية بالنسبة لموسكو لأكثر من عقد من الزمن، لكنه اكتسب أهمية أكبر منذ خفض أوروبا لوارداتها من الغاز الروسي، رداً على الغزو الشامل لأوكرانيا، في فبراير 2022.
وكان لوفسانامسراي، توقع في يوليو 2022، خلال مقابلة مع "فاينانشيال تايمز"، أن تبدأ روسيا في بناء خط الغاز "باور أوف سيبيريا 2"، في عام 2024. وعندما سئل عما إذا كان الشركاء سيلتزمون بهذا الجدول الزمني، قال إن روسيا والصين، لم يتفقا بعد على التفاصيل المهمة لمشروع البنية التحتية الضخم.
وقال: "تحتاج الصين وروسيا إلى مزيد من الوقت لإجراء أبحاث تفصيلية بشأن الدراسات الاقتصادية"، مضيفاً أن أسعار الغاز العالمية القياسية خلال العامين الماضيين أدت إلى تعقيد المفاوضات.
وأضاف: "لا يزال الجانبان الصيني والروسي يجريان الحسابات والتقديرات، ويعملان على تحديد المنافع الاقتصادية".
وكتب نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك في مجلة Energy Policy المدعومة من الدولة، الخميس، أن تاريخ بدء تشييد "قوة سيبيريا 2" سيُحَدَّد بعد توقيع اتفاقيات ملزمة مع الشركاء الصينيين.
تردد صيني
والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره الصيني شي جين بينج مرتين على الأقل في العام الماضي، ولكن في حين أكدت روسيا مراراً وتكراراً استعدادها لإطلاق خط الأنابيب، كانت بكين صامتة بشكل واضح، وفق "فاينانشيال تايمز".
وتستقبل الصين، الغاز من شرق روسيا عبر "باور أوف سيبيريا 1"، والذي بدأ تشغيله في عام 2019. وقد حمل ما يقرب من 23 مليار متر مكعب من الغاز العام الماضي، ومن المتوقع أن يصل إلى طاقته الكاملة البالغة 38 مليار متر مكعب في عام 2025.
ومن المتوقع أن يجلب خط أنابيب "باور أوف سيبيريا 2"، 50 مليار متر مكعب إضافية من الغاز إلى الصين من الحقول في شبه جزيرة يامال في غرب سيبيريا، والتي كانت تخدم أوروبا سابقاً.
وبدأت شركة "غازبروم" المملوكة للدولة في روسيا، دراسة جدوى للمشروع في عام 2020، وتريد أن يتم تشغيل خط الأنابيب بحلول عام 2030. وتأمل أن تحل الصين محل أوروبا كأكبر سوق لتصدير غازها. واعتادت أوروبا على شراء أكثر من 150 مليار متر مكعب من الغاز الروسي سنوياً، لكن التدفقات تضاءلت منذ فبراير 2022.
وقال سيرجي فاكولينكو، مدير الاستراتيجية السابق لشركة "غازبروم"، وزميل مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إنه من المرجح أن تسعى روسيا إلى الحصول على شروط مالية أفضل من الصين، مقارنة بما حققته في عقد "باور أوف سيبيريا 1"، الذي تم توقيعه في عام 2014، وكانت أسعار الغاز أقل بكثير.
وأظهر تحليل فاكولينكو لبيانات الدفع الحكومية الصينية، أن روسيا تحصل على مقابل مادي أقل بكثير من تركمانستان أو أوزبكستان، اللتين تزودان الصين أيضاً بالغاز.
ولم تعلق وزارة الخارجية الصينية بشكل مباشر على المفاوضات، لكنها قالت إن الغاز الطبيعي، جانب مهم من التعاون الصيني الروسي في مجال الطاقة.
وقالت الوزارة في بيان نشرته "فايننشال تايمز": "لقد أجرى الجانبان تعاوناً مستمراً في مجال الغاز الطبيعي على أساس مبادئ الاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة".
وقال وي شيونج، أحد كبار المحللين في شركة Rystad Energy في بكين، إن الصناعة المحلية في الصين تراهن على "باور أوف سيبيريا 2" لتلبية الطلب الصيني المتزايد.
وأضاف: "على الرغم من ارتفاع أسعار الغاز عبر الأنابيب في العامين الماضيين، إلا أنها لا تزال أقل بكثير من واردات الغاز الطبيعي المسال"، في إشارة إلى الغاز الطبيعي المسال الذي يصل إلى الصين عن طريق القوارب من دول مثل أستراليا وقطر.
وتابع قوله: "على المدى الطويل، تحتاج الصين إلى الحفاظ على تنويع إمدادات الغاز، وهذا جزء مهم للغاية".
وتعمل منغوليا، وهي دولة غير ساحلية، تقع بين الصين وروسيا، على تشجيع الاستثمار من الدول الأخرى لتنويع اقتصادها. وفي يونيو، وقعت اتفاقية ثلاثية مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية للتعاون في مجالات تشمل التعدين وأمن الطاقة.
وتدير شركة "ريو تينتو" المدرجة في بريطانيا، منجم أويو تولجوي للنحاس، وهو أكبر استثمار أجنبي مباشر في البلاد، في حين تهدف شركة أورانو الفرنسية المدعومة من الدولة، إلى تطوير أول منجم لليورانيوم في منغوليا.
وقال رئيس الوزراء منغوليا، الذي قام بزيارات رسمية إلى كل من بكين وواشنطن في عام 2023: "إننا ندافع دائماً عن التعاون مع الدول الأخرى".