يستضيف الرئيس الأميركي جو بايدن، الشهر المقبل، زعيمي اليابان والفلبين، في قمة ثلاثية تعقد لأول مرة، وفق ما أعلن البيت الأبيض، في وقت تعزز فيه الولايات المتحدة تحالفاتها ضد الصين.
جاء الإعلان عن القمة الثلاثية خلال رحلة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى مانيلا، في رحلة قالت الوزارة إنها تعيد التأكيد على "التزام أميركا الثابت" تجاه الفلبين.
وقال بلينكن، الثلاثاء، إن بلاده متمسكة بالتزاماتها "الحازمة" بالدفاع عن حليفتها مانيلا في مواجهة أي هجوم مسلح في بحر الصين الجنوبي.
وأضاف، في مؤتمر صحافي مع نظيره الفلبيني إنريكي مانالو: "هذه الممرات المائية ضرورية للفلبين وأمنها واقتصادها، لكنها مهمة أيضاً لمصالح المنطقة والولايات المتحدة والعالم".
وتابع: "لهذا السبب نقف مع الفلبين، ونتمسك بالتزاماتنا الدفاعية الحازمة، بما في ذلك بموجب معاهدة الدفاع المشترك".
ومؤخراً، اتهمت الفلبين خفر السواحل الصيني بإطلاق خراطيم المياه على إحدى سفنها المشاركة في مهمة إعادة إمداد في المنطقة، ما أدى إلى إصابة 4 من أفراد البحرية.
والاجتماع الذي يعقده بايدن مع الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس، ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، في 11 أبريل، هو الأحدث ضمن سلسلة اجتماعات مع الحلفاء في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
ويأتي أيضاً على خلفية الصدامات بين السفن العسكرية الفلبينية، والصينية في بحر الصين الجنوبي الذي تتنازع الدولتان السيادة عليه.
وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار إن "الزعماء سيعملون على تعزيز الشراكة الثلاثية المبنية على روابط الصداقة التاريخية العميقة" بما في ذلك "رؤية مشتركة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، حرة، ومفتوحة".
وأضافت أن بايدن سيعقد، في وقت لاحق، اجتماعاً ثنائياً منفصلاً مع ماركوس "لإعادة تأكيد التحالف القوي" مع الفلبين. وسيكون كيشيدا في البيت الأبيض قبل يوم في زيارة دولة أعلن عنها في وقت سابق.
وقال المتحدث باسم الحكومة اليابانية يوشيماسا هاياشي إن بلاده تعتقد أن المحادثات ستعزز "نظاماً دولياً حراً ومفتوحاً يقوم على قواعد القانون".
وأضاف للصحافيين: "مع كون التحالف الياباني الأميركي هو المحور الأساسي، نعتقد أن تعميق التعاون مع دول ذات تفكير مشابه مثل الفلبين في مجالات واسعة سيكون ضرورياً للحفاظ على السلام والازدهار في هذه المنطقة".
بكين: لا يحق لأميركا التدخل
ورداً على تصريحات بلينكن، قالت الصين، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة "لا يحق لها" التدخل في بحر الصين الجنوبي.
وصرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان، في مؤتمر صحافي، بأن "الولايات المتحدة ليست طرفاً في مسألة بحر الصين الجنوبي، ولا يحق لها التدخل في قضايا بحرية بين الصين والفلبين".
وتتهم بكين واشنطن باستخدام الفلبين كـ"بيدق" في النزاع حول بحر الصين الجنوبي.
ومنذ عام 2022، تصاعد التوتر في بحر الصين الجنوبي عندما سعى ماركوس إلى إقامة علاقات أكثر تقارباً مع الولايات المتحدة، وهو ما يخالف موقف سلفه المؤيد لبكين.
وانتهت المحادثات بشأن التنقيب المشترك عن الطاقة في المنطقة الاقتصادية الخالصة للفلبين، في عام 2022، بعد أربع سنوات من التزام البلدين بالعمل معاً، مع إشارة وزارة الخارجية الفلبينية إلى "قيود دستورية وقضايا السيادة".
وقبل أيام، قال الرئيس الفلبيني، فرديناند ماركوس، إن سيادة البلاد وولايتها الإقليمية "مبدآن أساسيان" في حالة استئناف محادثات الاستكشاف المشتركة مع الصين بشأن بحر الصين الجنوبي.
وأضاف للصحافيين في العاصمة التشيكية براج: "لا يمكننا بأي حال من الأحوال المساس بوحدة أراضي الفلبين".
وقال ماركوس، إن الفلبين لم تحرض لفظياً أو عسكرياً أو دبلوماسياً على أي توتر في بحر الصين الجنوبي. وأضاف: "لم نكن نحن من بدأ كل هذه المشكلات. كل هذه الاضطرابات لم تكن بسبب الفلبين".
فوائد اقتصادية
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قال سفير الفلبين لدى الولايات المتحدة، خوسيه مانويل روموالديز، إن بلاده تسعى إلى استغلال علاقاتها الأمنية العميقة مع واشنطن، لتحقيق فوائد اقتصادية أوسع.
وكشف، في مقابلة مع "بلومبرغ"، أن مانيلا تعول على واشنطن وحلفائها، للعب دور حاسم في خططها، لاستكشاف موارد الطاقة في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه.
وتابع: "عندما يحين الوقت الذي سنبدأ فيه عمليات التنقيب ستكون لدينا عدة خيارات لتأمينها.. فنحن نعمل بشكل وثيق مع حلفائنا، ليس مع الولايات المتحدة فحسب، ولكن مع اليابان وأستراليا أيضاً"، وذلك تصاعد للتوترات بين مانيلا وبكين.
وتستكشف الفلبين عدة خيارات في سعيها للاستفادة من بحر الصين الجنوبي الغني بالموارد، وهي المياه التي تطالب الصين بالسيادة عليها بالكامل تقريباً، وتشير التقديرات إلى أن هذا المسطح المائي يحتوي على كميات كبيرة من النفط والغاز، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.
ووقعت الفلبين وأستراليا، في أواخر فبراير، اتفاقاً لتعزيز التعاون في مجال الأمن البحري، و3 مذكرات تفاهم، في وقت تكثف فيه الصين حضورها العسكري في المنطقة.
ودعا الرئيس الفلبيني، في خطابه أمام البرلمان الأسترالي، كانبيرا إلى المساعدة في "حماية حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي"، مؤكداً أن سلامة ممر الشحن الحيوي "ضرورية وحاسمة للحفاظ على السلام الإقليمي".
اليابان والفلبين
في الوقت نفسه، قالت اليابان والفلبين إنهما ستبدآن خلال زيارة كيشيدا إلى مانيلا في نوفمبر، مفاوضات للتوصل إلى اتفاق دفاعي يسمح لهما بنشر قوات على أراضي بعضهما البعض.
وغزت اليابان الفلبين، واحتلتها خلال الحرب العالمية الثانية، لكن البلدين أصبحا أكثر تقارباً منذ ذلك الحين بسبب التبادلات التجارية والاستثمارات، ومؤخراً في مواجهة الصين في المنطقة.
ولجأ بايدن بشكل متزايد إلى صيغ القمم الثلاثية لبناء تحالفات.
ففي أغسطس، استضاف الرئيس الأميركي، رئيس الوزراء الياباني كيشيدا، ورئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول، في منتجع كامب ديفيد الرئاسي للتقريب بين الزعيمين الحليفين بعد سنوات من التوتر الذي شاب العلاقات بين بلديهما.
وعقد بايدن قمة تاريخية مع الرئيس الصيني شي جينبينج في كاليفورنيا في نوفمبر، في محاولة لمنع اندلاع نزاع بين القوتين العظميين، لكن العلاقات بينهما لا تزال متوترة.