وصف وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، الثلاثاء، مبادرة المصالحة التي أطلقتها السلطات المالية كبديل لاتفاق الجزائر الذي ألغاه المجلس العسكري الحاكم، بأنها "حوار اقصائي"، مشيراً إلى أنها "لا تبعد شبح الحرب الأهلية في مالي".
وشكّل المجلس العسكري بمالي في يناير الماضي، لجنة لتنظيم حوار سلام وطني بعدما ألغى اتفاق السلام الرئيسي الموقع عام 2015 مع الجماعات الانفصالية في الشمال إثر أشهر من الأعمال العدائية.
واعتبر وزير الخارجية الجزائري في مؤتمر صحافي، أن "الحوار المنظم اليوم من طرف السلطات المالية حوار غير إدماجي وإنما إقصائي"، لافتاً إلى أن "هناك منظمات سياسية من شمال مالي تم إقصاؤها من الحوار المالي- المالي".
وأشار إلى أن "هذا الاقصاء لا يخدم المصالحة في مالي، وهذا تفادي لاندلاع انشقاق بين الأشقاء في مالي، ولا يبعد شبح الحرب الأهلية في البلاد".
وأكد الوزير على تمسك بلاده بـ"أمن مالي واستقرارها ورفاهيتها"، مشيراً إلى أن "الجزائر باقية على قناعتها القائمة على أن اتفاق الجزائر يبقى الإطار الأمثل لضمان وحدة مالي وحرمتها الترابية وسيادتها لأنه يجمع بين كل الفرقاء".
إنهاء اتفاق الجزائر
وكانت الجزائر الوسيط الرئيسي في جهود إعادة السلام إلى شمال مالي بعد الاتفاق الموقع في عاصمتها عام 2015 بين الحكومة الماليّة والجماعات المسلّحة التي يُهيمن عليها الطوارق.
واندلع خلاف بين باماكو والجزائر في بداية يناير الماضي، بعد احتجاج المجلس العسكري للجارة الشمالية على عقد "اجتماعات متكررة على أعلى المستويات دون أدنى علم أو تدخل من السلطات المالية، من جهة مع أشخاص معروفين بعدائهم للحكومة المالية، ومن جهة أخرى مع بعض الحركات الموقعة" على اتفاق 2015 والتي "اختارت المعسكر الإرهابي".
وازداد غضب القادة العسكريين الذين استولوا على السلطة في انقلاب 2020، بعد استقبال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في الجزائر العاصمة الإمام محمود ديكو، وهو شخصية دينية وسياسية مالية بارزة ومن القلائل الذين تجرأوا على التعبير علناً عن خلافه مع المجلس العسكري الحاكم.
وإثر ذلك استدعت وزارة الخارجية المالية سفيرها بالجزائر للتشاور، عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل ورداً على استدعاء الجزائر سفيرها بمالي.
وفي وقت لاحق من يناير، أنهى المجلس العسكري في مالي، "اتفاقية الجزائر للسلام" التي تجمعها مع الحركات الأزوادية، والجماعات الانفصالية في الشمال المالي، بسبب ما وصفته "بعدم التزام الموقعين الآخرين بتعهداتهم"، متهمة الجزائر بتنفيذ "أعمال عدائية".
ويهدف اتفاق الجزائر إلى منع انفصال إقليم أزواد عن مالي، وضمان تكفل باماكو بتنمية الإقليم المهمش، وإدماج مسلحيه في قوات الأمن والجيش، وأيضاً في المناصب المدنية مع إنشاء لجنة لمتابعة اتفاق السلام ترأسها الجزائر.
ويعتبر العديد من المحللين الاتفاق أساسياً لتحقيق الاستقرار في مالي، الدولة الفقيرة وغير الساحلية في غرب إفريقيا، بحسب وكالة "فرانس برس".
وأشارت الوكالة إلى أن الاتفاق بدأ فعلياً في الانهيار العام الماضي، عندما اندلع القتال بين الانفصاليين والقوات الحكومية المالية في أغسطس بعد 8 سنوات من الهدوء، إذ سارع الجانبان إلى سد الفراغ الذي خلفه انسحاب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
وكان المتمردون الانفصاليون المتكتلون تحت مظلة جبهة تنسيق حركات أزواد، قد اتهموا المجلس العسكري في يوليو 2022 بـ"التخلي" عن الاتفاق.
وكان القادة العسكريون في مالي أمروا بمغادرة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعدّدة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) في يونيو الماضي، واتهموا قواتها بـ"تأجيج التوترات المجتمعية".