فريق بحثي يكشف نشاطاً "خفياً" للحياة تحت الأرض

time reading iconدقائق القراءة - 4
فريق مختبر بيجلو الأميركي لعلوم المحيطات يستخرج عينات من حفرة وادي الموت - Desert Research Institute
فريق مختبر بيجلو الأميركي لعلوم المحيطات يستخرج عينات من حفرة وادي الموت - Desert Research Institute
القاهرة -محمد منصور

استخدم فريق بحثي من مختبر "بيجلو" الأميركي لعلوم المحيطات، طريقة مبتكرة لاكتشاف نشاط "خفي" للحياة تحت الأرض.

وطوّر الفريق، طريقة مبتكرة لربط الجينات ووظيفة الميكروبات الفردية التي تعيش بدون أكسجين في أعماق سطح الأرض.

وباستخدام هاتين السمتين اكتشف الفريق أن أحد أنواع البكتيريا التي تستهلك الكبريتات لم يكن الأكثر وفرة فحسب، بل كان أيضاً الكائن الأكثر نشاطاً في طبقة المياه الجوفية أسفل وادي الموت بولاية كاليفورنيا الأميركية، على عمق نحو 900 متر من سطح الأرض.

المسافر الجريء

وأكدت النتائج أن تلك البكتيريا، وهي من نوع "كانديداتوس ديسولفوروديس أوديكسفايت" ويُطلق عليها اسم بكتيريا "المسافر الجريء"، لم تكن فقط الميكروب الأكثر وفرة في هذه البيئة، ولكنها أيضاً الأكثر نشاطاً، إذ تعمل على تقليل الكبريتات للحصول على الطاقة.

وهذا النوع من البكتيريا، فريد من نوعه، لأنها قادرة على العيش في عزلة تامة عن ضوء الشمس والأكسجين، وتعتمد بدلاً من ذلك على التفاعلات الكيميائية للحصول على الطاقة.

وتُصنّف تلك البكتيريا من الكائنات ذاتية التغذية الكيميائية، ما يعني أنها تحصل على الطاقة عن طريق أكسدة المركبات غير العضوية مثل الهيدروجين والكبريتات، وتقوم بتثبيت ثاني أكسيد الكربون من بيئتها للحفاظ على نفسها.

وتلك القدرة على توليد الطاقة من مصادر غير عضوية، تجعلها منتجاً أساسياً في نظامها البيئي، وتُشكل قاعدة السلسلة الغذائية في البيئات التي لا يمكن لأي شكل آخر من أشكال الحياة البقاء فيها.

وتُظهر النتائج، التي نشرت في دورية وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم، كيف يمكن أن تكون هذه الطريقة أداة قوية لقياس مدى نشاط الكائنات الحية المختلفة في هذه البيئات القاسية.

ويُمثّل فهم المجتمعات الميكروبية في البيئات القاسية، مثل أعماق سطح الأرض، تحدياً كبيراً في علم الأحياء الدقيقة. وتفتقر هذه البيئات إلى الأكسجين، ما يجعل الطرق التقليدية لقياس الجينات ووظائف الميكروبات الفردية غير فعالة.

نهج جديد

ومع ذلك، طوّر الفريق طريقة تسمح بالربط بين علم الوراثة والوظيفة في الميكروبات الفردية، ما يوفر رؤى مهمة حول دور المجتمعات الميكروبية في العمليات العالمية مثل دورة الكربون.

ويُمثّل النهج الجديد، نقلة نوعية في البحوث الميكروبيولوجية. فمن خلال الجمع بين التقنيات الجينومية المتقدمة والتحليل الوظيفي، تَمكّن الباحثون من التعمق في التركيب الجيني للميكروبات الفردية وتقييم مستويات نشاطها في الوقت نفسه.

وتُمثّل هذه المنهجية خروجاً عن أساليب التحليل التقليدية، التي تفشل في تقديم نظرة ثاقبة لعمل الأنواع الميكروبية الفردية في البيئات المحرومة من الأكسجين.

وتفتح الطريقة الجديدة الباب لفهم مرونة النظام البيئي، وإمكانات المعالجة البيولوجية، وحتى البحث عن الحياة خارج الأرض.

وسمحت الطريقة للباحثين بفرز الميكروبات الحية في عينات مياه طبقة المياه الجوفية بسرعة. وبعد ذلك، صبغ الباحثون تلك الميكروبات بمركب مصمم خصيصًا يضيء تحت ليزر قياس التدفق الخلوي عند حدوث تفاعلات كيميائية معينة داخل الخلية.

وتم تحديد العلاقة بين مدى تألق الخلية تحت الليزر، ومعدل تلك التفاعلات بشكل تجريبي باستخدام مزارع الخلايا المزروعة في المختبر من قِبَل الطلاب المتدربين في "مختبر بيجلو"، ثم تم تطبيقها على عينات وادي الموت.

وبمجرد قياس الخلايا النشطة وعزلها، قام الفريق بعمل تسلسل جينوماتها الفردية.

واستخدم الباحثون أيضاً، طريقة جديدة لتحديد الجينات التي يتم التعبير عنها بشكل نشط، وتتبع النظائر المشعة، وهي طريقة أكثر تقليدية لقياس النشاط داخل المجتمع الميكروبي.

ويعمل فريق البحث الآن على تطبيق طريقتهم لقياس التفاعلات اللاهوائية الأخرى، مثل اختزال النترات، وعلى بيئات جديدة، بما في ذلك الرواسب على طول ساحل ولايات أميركية أخرى.

تصنيفات

قصص قد تهمك