6 عناوين يراهن عليها "العمال البريطاني" في الانتخابات المقبلة

التخلي عن خطة ترحيل اللاجئين إلى رواندا أول وعود زعيم حزب العمال

time reading iconدقائق القراءة - 9
كير ستارمر زعيم حزب العمال البريطاني خلال جلسة في مجلس العموم بالعاصمة لندن- 15 مايو 2024 - Reuters
كير ستارمر زعيم حزب العمال البريطاني خلال جلسة في مجلس العموم بالعاصمة لندن- 15 مايو 2024 - Reuters
لندن-بهاء جهاد

أطلق حزب العمال البريطاني قبل بضعة أيام أبرز عناوين منافسته في الانتخابات البرلمانية المقبلة، والتي تتضمن 6 نقاط أراد منها رسم ملامح التغيير الذي ينتظر البلاد داخلياً إذا فاز بالسلطة بعد أشهر من الآن، لكن الحكم على فعالية برنامج الحزب شعبياً لا يزال قيد تحليلات المختصين، وسجالات وسائل الإعلام المحلية المنقسمة بين مؤيد ومعارض.

وبشّر زعيم الحزب كير ستارمر وفريقه في حكومة الظل، المواطنين البريطانيين باقتصاد أقوى وأمن أكبر وطاقة أرخص وخدمات صحية في متناول اليد، لكن على أن يحدث هذا خلال ولايتين تمتدان 10 سنوات، ذلك لأن "الفوضى" التي تسبب بها حزب المحافظين منذ العام 2014، لن تزول بين ليلة وضحاها، و"لن يَعِد العمال بأكثر مما يستطيعون".

كما لم تتضمن وعود ستارمر تفاصيل بشأن العلاقات الدولية، غير أن السياسة الخارجية للعمال لخّصها وزير الخارجية في حكومة الظل ديفيد لامي خلال زيارته الأخيرة لواشنطن.

ورغم أن الأمر لا يزال يحتمل تأويلاً هنا وتغييراً هناك حتى تفتح صناديق الاقتراع، إلا أن قادة الحزب يحرصون على تجنب أخطاء الماضي في الشؤون المحلية والخارجية.

6 مجالات رئيسية

التخلي عن خطة ترحيل اللاجئين إلى دولة رواندا الإفريقية، هو أول وعود ستارمر الانتخابية الصريحة، أما البديل عنها فهو المزيد من التعاون مع الاتحاد الأوروبي لوقف "هجرة القوارب" أو وأدها بتعبير أدق، فحزب العمال يستهدف العصابات المنظمة لتهريب البشر، ويحلم بتعاون أوروبي لم يحظَ به "المحافظون" في هذا الصدد.

ومن بين وعود المعارضة أيضاً تقليص قوائم الانتظار على خدمات الصحة الوطنية، لا سيما أن الحزب الحاكم فشل في تحقيق ذلك حتى الآن، ولذلك يحاول "العمال" إنجازه من خلال توسيع الكوادر، وزيادة ساعات العمل اليومية لعيادات الصحة العامة في سبيل توفير 40 ألف موعد إضافي أسبوعياً خلال فترات المساء وأيام العطل الأسبوعية.

كما وعد العمال بتأسيس شركة حكومية للطاقة، ولديهم خطة لتعيين 6 آلاف و500 معلم جديد في مدارس المملكة المتحدة، وأخرى لزيادة أفراد الشرطة من أجل تعزيز الأمن ومنع أي أنشطة معادية للمجتمع، وخاصة للنساء.

وكل هذه الخطط تُنفذ ضمن سياسة صارمة لترشيد الإنفاق، وتجنب فخ الإسراف الذي وقع به الحزب قبل 15 عاماً.

ووصف ستارمر الخطوات الست بأنها تُمثل مرحلة "إعادة الاستقرار" إلى بريطانيا، ليبدأ منها العمل على خطط طموحة أكثر، لكن "لحظة وصول العمال إلى السلطة بعد أشهر، تختلف عن تلك التي عرفتها البلاد عام 1997، والمعارضة اليوم ليس لديها أوهام بشأن ما يمكن أن تفعله، وهي واثقة تماماً بقدرتها على التغيير المنشود".

واقعية بنود العمال

ثمة سؤال طرحه وزير الخزانة المحافظ جيرمي هنت، وتردد في عدد من وسائل الإعلام المحلية، يقول من أين ستأتي المعارضة بالأموال لتنفيذ ما تتعهد به؟

وقال هنت إن "حزب العمال سيقود البلاد خلال السنوات الـ5 المقبلة نحو عجز في الميزانية يقارب 39 مليار جنيه إسترليني إذا نفذ وعوده، كما أن بعض خطط الحزب لم تعرف تفاصيلها بعد".

وأجرت هيئة الإذاعة البريطانية BBC دراسة مالية تحليلية بشأن بنود برنامج "العمال" المعلن، أشارت فيها إلى أن خطة إنفاق الحزب في مجال البيئة تبدو دقيقة، لكن آلية تأميم بعض خدمات القطاع الخاص ليست واضحة كفاية، في حين تُقدّر الحكومة كلفة هذا التأميم بنحو 6.5 مليار جنيه تزيد من أعباء الخزينة من دون توفير موارد مقابلة لها.

ويرى تحليل الهيئة البريطانية أيضاً أن كلفة دعم القطاع الصحي "تقنياً" تشوبها عدة تساؤلات، أما كيفية تغطية نفقات توظيف وتدريب كوادر جديدة في المؤسسات الطبية فلم يعلنها الحزب. كذلك لم يضع "العمال" مدة محددة لتعيين الموظفين الجدد في مرافق الصحة، وهذا "يُعزز من فرضية عدم دقة الأرقام المقدمة في المجال".

وتلفُّ الضبابية أيضاً البند الخاص بـ"نوادي الوجبات المجانية" في المدارس الابتدائية.

ويُطالب تحليل BBC لهذا البند، الذي أعلن الحزب عن تمويله عبر ضرائب المدارس الخاصة، بتفاصيل أكثر عن خدمات هذه النوادي. خاصة وأن الحكومة تقول "إن كلفة التشغيل ستُقلص عدد المستفيدين منها إلى أقل من النصف".

الاستطلاعات والمخاوف

قبل أسبوع واحد فقط من إعلان الحزب لبرنامجه الانتخابي، نشرت مؤسسة "يوجوف" نتائج أحدث استطلاعاتها لشعبية "العمال" وفرص فوزه في الانتخابات المقبلة، لافتةًإلى أنهم يتربعون على أكبر فارق بينهم وبين المحافظين منذ عهد رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس، إذ يتقدم الحزب المعارض على خصمه الأزرق بـ30 نقطة.

ويقول الاستطلاع إن واحداً من كل 4 صوتوا للمحافظين عام 2019 قرروا انتخاب "العمال" في الاستحقاق المقبل. ورغم ذلك يقول الأكاديمي والخبير في شؤون الانتخابات مات جودين، إن "الحزب الأحمر يجب أن يحذر، ولا يفرط بإيمانه في تحقيق فوز ساحق لا مثيل له عندما تُفتح صناديق الاقتراع لاختيار البرلمان البريطاني المقبل".

وشدد جودين في حديث مع إذاعة "أخبار بريطانيا" على أن 29% فقط من الناخبين يؤمنون بقدرة "العمال" على إدارة البلاد، أما البقية، بمن فيهم المؤيدين للمعارضة لا زالت لديهم شكوكاً في هذا الأمر، وهذا يعكس على حد تعبيره، كثيراً من الحماسة الشعبية للحزب، وقليلاً من التقدم للزعيم ستارمر وفريقه الحكومي المرتقب في السلطة.

ورأى الكاتب والصحافي مايكل بنيون، أن البرنامج الانتخابي المعلن لحزب العمال لم يقلص من الشك في قدرتهم على إدارة البلاد، إنما زاده في بعض المجالات، لافتاً إلى أن نتيجة الانتخابات المقبلة تبدو محسومة إلى حد بعيد لصالح المعارضة، لكن النصر من دون أكثرية كبيرة في البرلمان الجديد لن يكون مفيداً.

وأوضح بنيون لـ"الشرق"، أن الفوز الضعيف للعمال في الاستحقاق المقبل سيأخذ البلاد إلى حكومة ائتلافية يصعب عليها التعامل مع الملفات المهمة، مشدداً على ضرورة تقديم ستارمر وفريقه المزيد من التطمينات للبريطانيين بشأن قضايا مختلفة، من بينها مكافحة الهجرة غير الشرعية، والتخطيط الجيد للإنفاق على بنود البرنامج الانتخابي.

السياسة الخارجية للعمال

في العلاقات الدولية، يتصدر المشهد وزير الخارجية في حكومة الظل ديفيد لامي، ولعل أبرز خطواته التي أظهرت توجهات العمال في هذا المجال، هي زيارته للعاصمة الأميركية واشنطن مؤخراً، واجتماعه مع نواب جمهوريين وديمقراطيين.

كما التقى لامي مع مدير حملة الرئيس السابق دونالد ترمب.

واللافت أكثر هو تبريره لتصريحات ترمب الناقدة لـ"الناتو"، والإشادة بنواياه الإيجابية تجاه الحلف، فقد رأى الوزير في حكومة الظل أن ما قاله ترمب بشأن احتمال تخليه عن الدول الأعضاء كان بغرض التحريض على الإنفاق العسكري، وهو الذي عرف "الناتو" في عهده ارتفاعاً في عدد الدول الملتزمة بإنفاق 2% من ناتجها الإجمالي على الدفاع، من 4 إلى 8 دول.

ودعا لامي إلى فهم تصريحات الرئيس الأميركي السابق "من دون تأويلها"، فتداعت وسائل إعلام محلية لتذكيره بمعارضته زيارة ترمب إلى لندن عام 2017 بسبب "نازيته وعنصريته".

كما استدعت المفارقة بين قبول "العمال" اليوم بتعزيز الترسانة النووية للبلاد، وتصريحات لامي أمام البرلمان قبل 8 سنوات عندما قال "إنه كمسيحي يدعو للتخلي عن السلاح النووي".

وقالت صحيفة "التايمز" إن لامي مرر لترمب رسالة تُثنيه عن خطط إنهاء حرب أوكرانيا على مزاج الروس. كما ربط أيضاً بين تعاون بلاده مع حلفائها ضد موسكو وتعاونها في مواجهة تهديدات بكين، لكنه استخدم طريقة رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي في الترغيب والترهيب، على حد تعبير الصحيفة.

وبحسب ما سربته وسائل الإعلام البريطانية، أبدى مدير حملة ترمب كريس لاسيفيتا، إعجابه بوزير الخارجية في حكومة الظل البريطانية، وقال إن لامي أقرب للجمهوريين من وزير الخارجية ديفيد كاميرون.

كما استدعت التقارير مقارنة بين رحلة لامي "الموفقة" وما جرى مع سلفه إميلي ثورنبيري في عهد الزعيم السابق للعمال جيرمي كوربين، عندما اضطرت إلى إلغاء رحلتها لواشنطن قبل أعوام بعد رفض إدارة ترمب استقبالها.

تصنيفات

قصص قد تهمك