قال مسؤولون في حركة "حماس" الفلسطينية، لـ "الشرق"، الأربعاء، إن الورقة الأخيرة التي قُدمت لهم في مفاوضات القاهرة، وأعلنوا عن قبولها في السادس من مايو الجاري، تمثل الحد الأدنى المقبول لدى الحركة، وأنها أبلغت الوسطاء بأنها "غير مستعدة" للعودة إلى المفاوضات على الطريقة السابقة، لكنها منفتحة على أي اقتراحات بنّاءة.
وأضاف أحد المسؤولين: "قدمنا تنازلات كبيرة من أجل التوصل إلى اتفاق يقود إلى انسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة، وأبدينا مرونة في مختلف المراحل من أجل تحقيق هذا الهدف".
وتابع: "قال لنا الوسطاء إن إسرائيل بحاجة إلى تعبير غامض بعض الشيء بشأن وقف الحرب، لأن رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو لا يمكنه تسويق اتفاق ينص على وقف تام لإطلاق النار، فوافقنا على تعبير (الهدوء المستدام)، وجرى توضيحه بين مزدوجين بـ(وقف العمليات العسكرية والعدائية) من قبل الطرفين".
وأكد المسؤول الفلسطيني أن "الهدف الرئيسي أمامنا هو وقف الحرب، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة"، وقال: "لذلك أبدينا مرونة كبيرة فيما يتعلق بشروط تبادل الأسرى، ومراحل الانسحاب الإسرائيلي من أجل تحقيق هذين الهدفين، فوافقنا على إطلاق سراح 50 أسيراً فلسطينياً مقابل كل أسير إسرائيلي، في المرحلة الأولى التي شملت فئتين من المحتجزين الإسرائيليين، هما المدنيين والمجندات، ووافقنا على انسحاب إسرائيلي تدريجي من المناطق السكانية المكتظة إلى مناطق قريبة من الحدود أولاً، ثم في المرحلة النهائية الانسحاب الكامل إلى الحدود".
بدوره، قال مسؤول ثانٍ من الحركة، على صلة وثيقة بالمفاوضات، إن الوسطاء أبلغوهم في الجولة التفاوضية الأخيرة، في الأسبوع الأول من مايو الجاري، أن الجانب الأميركي "وافق على تعديلات طفيفة طالبنا بإدخالها على الورقة، الأول يلغي طلب إسرائيل أن يكون لها حق الاعتراض على إطلاق سراح 150 أسيراً فلسطينياً، والثاني ينص على إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين من المدنيين والمجندات في المرحلة الأولى، الأحياء منهم والموتى، بدلاً من 33 شخصاً على قيد الحياة، كما كانت تطالب إسرائيل، إذ ليس كل المدنيين والمجندات على قيد الحياة، ولا يمكننا إطلاق سراح جنود وضباط بدلاً من المدنيين، إذ أن هؤلاء فئة مختلفة ولدينا شروط مختلفة بشأنها".
وقال إن "الحركة لا يمكنها، تحت أي ظرف من الظروف، أن تقبل أن تحتفظ إسرائيل بحق رفض إطلاق أي أسير فلسطيني، لأنها سترفض إطلاق قادة الأسرى الذين لا معنى لأي عملية تبادل أسرى أن تتم من دونهم مثل مروان البرغوثي وأحمد سعدات وإبراهيم حامد وعبد الله البرغوثي وعباس السيد وحسن سلامة وعبد الله البرغوثي وغيرهم ممن رفضت إسرائيل إطلاق سراحهم في صفقة الجندي شاليط عام 2011".
وأشار المسؤول في "حماس" إلى أن ما عرضته إسرائيل في ورقتها الأخيرة هو "استسلام، ونحن مستعدون للقتال حتى النفس الأخير ولن نستسلم، والمعارك الأخيرة في غزة تثبت ذلك للجميع".
وقال إن الحركة كانت خففت عملياتها القتالية في فترة المفاوضات للمساعدة على التوصل إلى اتفاق، لكن بعد انهيار المحادثات استأنفت العمليات القتالية بشكل لافت، فليس لدينا من خيار سوى القتال".
ومن المقرر أن يجتمع مجلس الحرب الإسرائيلي، مساء الأربعاء، لدارسة سبل استئناف مفاوضات تبادل الأسرى، لكن المسؤولين في "حماس" يقولون إنهم لن يعودوا إلى الأسلوب التفاوضي السابق، غير أنهم منفتحين على أي اقتراحات بناءة تتلاءم مع الورقة الأخيرة التي وافقوا عليها.
تعديلات مصرية
وكانت إسرائيل رفضت الورقة التي وافقت عليها "حماس"، معلنة إجراء تعديلات عليها دون معرفتها بها، وأن هذه التعديلات غير مقبولة لديها خاصة فيما يتعلق بوقف الحرب وإطلاق سراح الجثث في المرحلة الأولى.
وزار المبعوث الأميركي الخاص للمنطقة بريت ماكجورك العاصمة القطرية الدوحة، الأسبوع الماضي، وأجرى محادثات مع رئيس الحكومة القطرية بشأن فرص استئناف مفاوضات تبادل الأسرى.
وقال مسؤولون في حركة "حماس" إنهم أبلغوا الوسيط القطري بأنهم على استعداد لبحث أي اقتراح جدي للتوصل إلى اتفاق، لكن هناك خطوطاً حمراء لدى الحركة، خاصة في موضوع وقف الحرب والانسحاب ورفض أي اعتراض إسرائيلي على أي من الأسرى الفلسطينيين".
وأضاف: "الهدف المركزي بالنسبة لنا هو الانسحاب الإسرائيلي التام من قطاع غزة ووقف الحرب، رغم معرفتنا أن إسرائيل ستجد دائماً الأعذار لملاحقة الحركة وقادتها في قطاع غزة وفي الخارج، لكن ما يهمنا هو تحرير غزة، وعودة أهالي القطاع لبيوتهم والشروع في إعادة إعمارها، وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين الذين يموتون تباعاً في السجون الإسرائيلية".
يشار إلى أن المفاوضات غير المباشرة بين "حماس" وإسرائيل توقف قبل نحو أسبوعين، لدى رفض الجانب الإسرائيلي ورقة قدمها الوسطاء، ووافقت عليها الحركة.