تمكنت أوكرانيا من وقف الهجوم الروسي شرقي البلاد، مع استلامها أسلحة جديدة بمليارات الدولارات من حلفائها الغربيين، ما يمثل تحدياً متزايداً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يسعى لإقامة منطقة عازلة على طول الحدود، وتراجعاً للأفضلية التي كان يتمتع بها جيشه سابقاً، بحسب محللين عسكريين.
ووفقاً لـ "بلومبرغ"، لم يحقق الجيش الروسي سوى مكاسب محدودة على مدى الأشهر الماضية، في ساحة المعركة ضد القوات الأوكرانية التي تعاني نقصاً بالأسلحة والذخيرة، لكن مع استلام كييف أسلحة جديدة من حلفائها الأميركيين والأوروبيين، تضاءلت فرص روسيا في تحقيق تقدم، حتى مع استمرارها بإطلاق الصواريخ على المدن الأوكرانية والبنى التحتية للطاقة.
وأوضحت الوكالة أن "محاولة روسيا فتح جبهة جديدة في منطقة خاركيف، تعثرت بالفعل دون تحقيق هدف بوتين المتمثل في إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود، خصوصاً أن كييف تزعم إلحاقها خسائر فادحة بالقوات الروسية في المعارك الجارية حول بلدة فوفشانسك قرب خاركيف".
بحسب "بلومبرغ"، لم تحرز القوات الروسية سوى تقدم طفيف منذ سيطرتها على مدينة أفدييفكا الاستراتيجية بشرق أوكرانيا، في فبراير، بعد تكبدها خسائر هائلة في صفوفها خلال قتال استمر لأشهر، وتحاول القوات منذ أسابيع الاستيلاء على مدينة تشاسيف يار الهامة في منطقة دونيتسك الشرقية.
فرص روسية ضئيلة
وقال مدير مركز "تحليل الاستراتيجيات والتقنية" في موسكو، رسلان بوخوف، إن "استراتيجية الاستنزاف الروسية التي تهدف إلى إنهاك القوات الأوكرانية مكلفة ودموية للغاية بالنسبة للجيش الروسي ذاته".
وأضاف أن هذه الاستراتيجية "قد تؤدي إلى إنهاك القوات بشكل مفرط على الجانب الروسي، والذي بدوره يمنح الأوكرانيين فرصة لشن هجوم مضاد".
بدوره، يرى بن باري، وهو زميل بارز في دراسات الحرب البرية من مؤسسة "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" البحثية البريطانية، أن "فرص روسيا في تحقيق النصر هذا العام تقلصت بشكل كبير نتيجة لاستئناف إمدادات الأسلحة والمساعدات".
وقال باري: "روسيا ربما يكون لديها أكبر عدد من الجنود، لكن الكثير من أفضل مركباتها المدرعة دُمرت"، مضيفاً أن إعادة بناء الجيش ووصوله إلى المستوى الذي كان عليه في عام 2022 "سيستغرق سنوات".
وكان القائد العام للقوات الأوكرانية ألكسندر سيرسكي قال، الأربعاء، عبر تطبيق "تليجرام"، إن أوكرانيا "لديها فرص لتغيير الوضع لصالحها، على الرغم من أن روسيا تصعد هجماتها في عدة نقاط على طول خط المواجهة".
لكن بوتين يؤكد أن أهدافه من الحرب "لم تتغير"، وأن روسيا ستقاتل طالما كان ذلك ضرورياً لتحقيق النصر، مهما تزايدت الخسائر البشرية في الحرب التي تدخل عامها الثالث دون نهاية تلوح في الأفق.
وقرر، الشهر الماضي، تعيين أندريه بيلوسوف، وهو خبير اقتصادي، وزيراً للدفاع بدلاً من سيرجي شويجو، ما يدل على حاجة روسيا إلى الاستفادة بشكل أكبر من الموارد المحدودة لاقتصاد البلاد المنهك.
وأضافت أن نسبة الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي تقترب من مستويات لم تشهدها منذ ذروة الحرب الباردة في عهد الاتحاد السوفيتي ثمانينات القرن الماضي، ما يقيد قدرة روسيا على مواصلة زيادة الإنتاج العسكري.
ميزان القوة النارية
وتواجه أوكرانيا وحلفاؤها تحدياً متمثلاً في استمرار المقاومة في حرب وصلت إلى طريق مسدود إلى حد كبير، إذ بدأ ميزان القوة النارية في التغير، بعد موافقة الكونجرس الأميركي على تقديم مساعدات بقيمة 61 مليار دولار لأوكرانيا في أبريل الماضي.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية، الثلاثاء، إن "أوكرانيا كانت في موقف صعب للغاية؛ بسبب تأخير إرسال الأسلحة الأميركية".
كما يتعين على بوتين أن يتعامل مع التحول في موقف حلفاء أوكرانيا، مع انضمام الولايات المتحدة وألمانيا إلى دول، من بينها بريطانيا، في السماح لكييف باستخدام أسلحتها لضرب أهداف في المناطق الحدودية داخل روسيا.
وبالإضافة إلى ذلك، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الخميس، إنه يعمل على إرسال تحالف من المدربين لتدريب آلاف الجنود في أوكرانيا، رغم تهديدات موسكو بالانتقام.
ومن المُقرر أن يجتمع زعماء مجموعة السبع الأسبوع المقبل في إيطاليا، لدراسة خطط تقديم قروض لأوكرانيا باستخدام أرباح الأصول المجمدة للبنك المركزي الروسي، والتي تقدر بنحو 280 مليار دولار، كما تعمل دول الاتحاد الأوروبي على زيادة المساعدات وإمدادات الأسلحة لدعم كييف، رغم عرقلة المجر تقديم مساعدات عسكرية بالمليارات.