وافق مجلس صيانة الدستور في إيران، على خوض 6 مرشحين لانتخابات الرئاسة المقبلة المقرر إجراؤها في 28 يونيو، بينهم سعيد جليلي كبير المفاوضين النوويين السابق وعضو مجلس تشخيص مصلحة النظام، أعلى هيئة استشارية في البلاد.
وكان جليلي من أوائل الذين سجلوا ترشحهم للرئاسة في 30 مايو، بعد الإعلان عن الانتخابات المبكرة، في أعقاب وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحيته في 19 مايو. وهذه ثالث مرة يترشح فيها جليلي للرئاسة بعد محاولتين سابقتين في 2013 و2021.
وبعد انضمام جليلي إلى السباق الانتخابي، قال لوسائل الإعلام إن البلاد تواجه "فرصة تاريخية" لا ينبغي تجاهلها، مشدداً على أن الرئيس القادم "يجب أن يفهم عاصمة البلاد الغنية".
وينتمي جليلي، وهو حليف متشدد ومقرب من المرشد علي خامنئي، إلى "الفصيل الأصولي" في السياسة الإيرانية، والذي يؤكد على "مبادئ الثورة الإسلامية".
ورفع جليلي خلال جولة ترشح سابقة للرئاسة، شعار "الجهاد العظيم من أجل قفزة إيران إلى الأمام"، وفق "إيران إنترناشيونال".
ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية في 28 يونيو، بعد حملة انتخابية تستمر أسبوعين ومناظرات متلفزة ستستضيفها هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (IRIB).
وولد جليلي وهو سياسي وإداري مخضرم، تولى العديد من الأدوار المهمة طوال حياته العامة، في مدينة مشهد شمال شرق البلاد عام 1965. وأكمل جليلي تعليمه الابتدائي والثانوي في مسقط رأسه. وخدم خلال الحرب العراقية في الثمانينيات، في ساحات القتال، حيث أصيب بجروح خطيرة في عام 1986، مما أدى إلى فقدان جزء من ساقه اليمنى.
من الخارجية إلى مكتب المرشد
وبدأ جليلي مسيرته الدبلوماسية والسياسية رسمياً في عام 1989 بانضمامه إلى وزارة الخارجية. وترأس بين 1991 و1996، مكتب التفتيش بالوزارة، وفي عام 1998 تم تعيينه نائباً لمدير إدارة أميركا الشمالية والوسطى.
وفي عام 2001 عُين مديراً لتخطيط السياسات في مكتب المرشد، كما التحق بجامعة "الإمام الصادق" في طهران حيث أكمل أطروحته للدكتوراه بعنوان "نموذج الفكر السياسي للإسلام في القرآن الكريم"، والتي أصبحت فيما بعد كتاب "السياسة الخارجية لنبي الإسلام".
ولعدة سنوات، قام جليلي بتدريس العلوم السياسية في جامعة "الإمام الصادق". ومن عام 2007 إلى عام 2013، شغل منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، وكذلك كان هو مفاوض إيران الرئيسي مع الدول الغربية بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وكان جليلي من أشد المنتقدين للاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 مع القوى العالمية الست، معتقداً أن إيران "لا ينبغي أن تقدم تنازلات"، معتبراً أن التنمية الاقتصادية "لا ينبغي أن تعتمد على الإرادة الأجنبية".
وبعدما ترك جليلي منصبه في عام 2013، عينه خامنئي في مجلس تشخيص مصلحة النظام. وفي العام نفسه ترشح جليلي، لانتخابات الرئاسة وحصد فيها المركز الثالث، كما ترشح أيضاً في 2021، قبل أن ينسحب لصالح إبراهيم رئيسي.
تشدد في الملف النووي
وعرف جليلي بعدم المرونة في المفاوضات النووية بين إيران والغرب في الفترة التي تولى فيها المفاوضات بين 2007 و2013.
وأشار موقع "رويداد24" الإيراني إلى أن مقاومة جليلي لتقديم التنازلات ونهجه الصارم أديا إلى اتخاذ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية عدة قرارات ضد إيران، قادت إلى فرض عقوبات اقتصادية دولية قوضت الاستقرار النسبي للاقتصاد الإيراني المعتمد على النفط.
وخلال فترة توليه منصب نائب وزير الخارجية، وصف العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين جليلي لرويترز بأنه شخص يعبر عن آرائه بقوة وثبات. حتى أن أحد الدبلوماسيين أشار إلى أن جليلي "تخصص في المونولوج" بدلاً من الانخراط في النقاش.
ويشير موقع "رويداد 24" إلى أن مقاومته وسط المحادثات النووية ربما كانت جزءاً من استراتيجية أوسع ينتهجها النظام لتطوير قدرات إيران النووية - مع كسب الوقت.
ووصف مدير وكالة المخابرات المركزية بيل بيرنز جليلي في مذكراته بأنه "غامض إلى حد مذهل".
وأياً كان الأمر، فإن أسلوب جليلي الدبلوماسي دفع بعض الخبراء إلى استنتاج أنه لن يكون مرشحا مناسباً، إذا كان النظام يريد تعزيز حالة سياسته الخارجية الحالية وتحسين العلاقات مع الغرب، وفق "إيران إنترناشيونال".