استقبل زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، الأربعاء، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالأحضان في مستهل "زيارة دولة" تهدف إلى تعزيز "العلاقات الدفاعية" بين الدولتين المسلّحَتين نووياً.
وقالت وسائل إعلام رسمية روسية، إن طائرة بوتين هبطت في العاصمة بيونج يانج قرابة الساعة 2:45 صباحاً بالتوقيت المحلي (الأربعاء)، بعد توقفها في أقصى شرق روسيا من أجل عقد سلسلة من الاجتماعات.
وأظهر مقطع مصور من الاستقبال تصافح وعناق الزعيمين كما تحدثا بجانب الطائرة. وبحسب وسائل إعلام روسية استقل كيم وبوتين سيارة واحدة، وسارا معاً إلى الفندق الذي سيقطنه الرئيس الروسي.
ووصفت قناة "RT" الروسية برنامج زيارة بوتين بـ"المكثف"، مشيرةً إلى أنه سيعقد الجزء الرئيسي من زيارة، في وقت لاحق الأربعاء، ومن المقرر أن تتم المباحثات على مستويات وأشكال مختلفة.
ويتضمن برنامج الزيارة كذلك حفلاً موسيقياً على شرف بوتين وحفل استقبال رسمي له وللوفد المرافق له، على رأسهم وزير الخارجية سيرجي لافروف، ووزير الدفاع أندريه بيلاوسوف، والنائب الأول لرئيس الوزراء دينيس مانتوروف، ونائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك.
وسيكون هناك أيضاً ممثلون عن الشركات الروسية الكبرى، بما في رئيس وكالة الفضاء الروسية (روسكوسموس) يوري بوريسوف، والسكك الحديد الروسية أوليج بيلوزيروف.
وقبيل وصول بوتين صباح الأربعاء، عُلّقت لافتات ضخمة على أعمدة إنارة في أنحاء بيونج يانج تحمل صورة الرئيس الروسي مبتسماً، وكتب عليها "ترحيب حار بالرئيس بوتين"، بالإضافة إلى أعلام روسيا.
"معاهدة شراكة استراتيجية شاملة"
وتسلط الزيارة الضوء على علاقة موسكو المتنامية مع كوريا الشمالية منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، وجاءت بناء على دعوة من الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، بحسب وكالة "رويترز".
وأصدر بوتين، الذي سيزور فيتنام أيضاً، أمراً رئاسياً عشية الزيارة، قال فيه إن موسكو تتطلع إلى توقيع "معاهدة شراكة استراتيجية شاملة" مع كوريا الشمالية، فيما ذكر مساعده في مجال السياسة الخارجية يوري أوشاكوف أنها ستشمل التعاون الأمني.
وبدأ تحالف موسكو وبيونج يانج منذ تأسيس كوريا الشمالية بعد الحرب العالمية الثانية، وتوثّقت علاقتهما بشكل أكبر منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، وتحرك الغرب لعزل بوتين على الساحة الدولية.
وبحسب الغرب، استخدمت بيونج يانج مخزونها الضخم من الذخائر لتزويد روسيا كميات كبيرة منها، واتهم "البنتاجون" موسكو الأسبوع الماضي، باستخدام صواريخ بالستية كورية شمالية في أوكرانيا.
وتقول واشنطن وسيول إن روسيا في المقابل زودت كوريا الشمالية الخبرة اللازمة لبرنامجها للأقمار الاصطناعية، وأرسلت مساعدات لمواجهة نقص الغذاء في البلاد.
وتنفي كوريا الشمالية إمداد روسيا بمعدات عسكرية أو دعمها في الحرب الأوكرانية.
وقال بوتين في مقال نشرته وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية، وأوردته وكالة "فرانس برس": "نحن نقدر عالياً دعم جمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية (كوريا الشمالية) القوي للعمليات العسكرية الخاصة التي تنفذها روسيا في أوكرانيا"، مضيفاً أن البلدين يعملان على توسيع "تعاونهما المتبادل وعلى قدم المساواة".
وتفرض الأمم المتحدة عقوبات على بيونج يانج منذ عام 2006، بسبب برامجها النووية والصواريخ البالستية المحظورة، وعلى موسكو بسبب غزوها أوكرانيا.
وأشاد بوتين بكوريا الشمالية لـ"دفاعها عن مصالح (البلدين) بشكل فعّال رغم الضغوط الاقتصادية والاستفزازات والابتزاز والتهديدات العسكرية الأميركية المستمرة منذ عقود". كذلك أشاد بموسكو وبيونج يانج لـ"حفاظهما على النهج المشترك ومواقفهما في الأمم المتحدة".
وقالت كوريا الشمالية إن الزيارة تظهر أن العلاقات الثنائية "تزداد قوة يوما بعد آخر"، واصفةً الاتهامات الغربية بتزويد روسيا أسلحة بأنها "سخيفة".
قلق أميركي
وأعربت الولايات المتحدة عن "قلقها"، الاثنين، بشأن زيارة بوتين بسبب التداعيات الأمنية على كوريا الجنوبية وأوكرانيا.
وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي لصحافيين: "ما يقلقنا هو تعمّق العلاقات بين هذين البلدين"، لافتاً إلى أن القلق لا يقتصر فقط على "الصواريخ البالستية الكورية الشمالية التي تستخدم في ضرب أهداف أوكرانية، بل أيضاً لأنه قد يحصل تبادل من شأنه أن يؤثر على أمن شبه الجزيرة الكورية".
وبقيت الكوريّتان في حالة حرب من الناحية التقنية منذ نزاع 1950-1953، وتعد الحدود التي تفصلهما واحدة من الأكثر تحصيناً في العالم.