قال مسؤولون أميركيون إن شحنات الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل "تباطأت منذ الأشهر الأولى من الحرب على غزة"، مرجعين ذلك إلى أن العديد منها تم شحنها، أو تسليمها بالفعل، كما لم تتقدم الحكومة الإسرائيلية إلا بعدد قليل من الطلبات الجديدة، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال".
وأدت مزاعم تباطؤ شحنات الأسلحة إلى زيادة التوترات بين تل أبيب والبيت الأبيض خلال الأسبوع الماضي، إذ وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وتيرة إرسال الأسلحة الحالية بأنها "هزيلة"، الأمر الذي اعترضت عليه بشدة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
واتفق مسؤولون أميركيون وإسرائيليون، تحدَّثوا إلى "وول ستريت جورنال"، على أن تغييراً وقع منذ مارس الماضي، وهو الوقت نفسه تقريباً الذي أتمَّت فيه الولايات المتحدة تلبية الطلبات التي كانت لديها.
وأشار مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إلى أن وتيرة تسليم الأسلحة الحالية "بطيئة مقارنة بالنقل الجوي الضخم لعشرات الآلاف من الأسلحة في الأشهر الأولى من الحرب"، لافتاً إلى أن الوتيرة الحالية "تكافئ، أو تزيد على ما تكون عليه وقت السّلْم".
وأوضح أن "هذه الوتيرة طبيعية، إن لم تكن متسارعة، ولكنها بطيئة قياساً على ما كانت عليه خلال الأشهر القليلة الأولى من الحرب".
"توقف دراماتيكي"
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، الاثنين، إن إسرائيل ربما طلبت أسلحة أقل في الآونة الأخيرة.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، قال نتنياهو لحكومته، إن إسرائيل شهدت "توقفاً دراماتيكياً" لشحنات الأسلحة منذ نحو 4 أشهر، في الوقت الذي كان فيه الجيش متجهاً إلى مدينة رفح بجنوب قطاع غزة.
وأضاف نتنياهو: "لم أفعل ذلك عن استخفاف" في إشارة إلى قراره بإعلان الأمر في محاولة لكسر الجمود.
من جانبها، قالت إدارة بايدن إنه لا يوجد تغيير في السياسة العامة لتسليح إسرائيل.
وقال مسؤول في البيت الأبيض في بيان: "أوضحنا موقفنا بهذا الشأن مراراً، ولن نواصل الرد على التصريحات السياسية لرئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو".
وجاءت تصريحات نتنياهو في الوقت الذي سافر فيه وزير دفاعه، ومناوئه يوآف جالانت إلى واشنطن هذا الأسبوع، حيث التقى بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ومدير الاستخبارات المركزية الأميركية CIA وليام بيرنز، ووزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، بالإضافة إلى مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي جيك سوليفان.
عملية معقدة
وذكرت "وول ستريت جورنال" أن تتبُّع عمليات تسليم الأسلحة إلى إسرئيل يُمثّل "عملاً معقداً"، مرجعة ذلك إلى أن طلبات الأسلحة غالباً ما يتم الإخطار عنها قبل سنوات، كما أن الحكومة الأميركية لا تعلن عن الشحنات.
ويتم إرسال العديد من الأسلحة، التي توفرها الولايات المتحدة إلى إسرائيل، دون الكشف عن ذلك بناءً على اعتماد مسبق لمبيعات الأسلحة، والمخزونات العسكرية الأميركية، وأمور أخرى لا تتطلب من الحكومة إخطار الكونجرس، أو الجمهور.
وأدّت هذه المقاربة إلى صعوبة تقييم حجم، ونوع الأسلحة التي لا تزال ترسلها الولايات المتحدة، بحسب الصحيفة الأميركية.
من جانبه، قال جوش بول، المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، الذي قدَّم استقالته في أكتوبر الماضي احتجاجاً على تعامل إدارة بلاده مع الحرب على غزة، إن "نقص الشفافية فيما يتعلق بمبيعات الأسلحة لإسرائيل جاء في صالح بايدن".
وأضاف بول: "ما لا يتعين عليهم التعامل معه هو الإيقاع اليومي الخاص بما يتم تسليمه. إنهم لا يريدون التحدث بشأن عمليات نقل الأسلحة".
وتمر مبيعات الأسلحة الأميركية الكبرى إلى دول أجنبية عبر إخطار الكونجرس، وتضمنت الزيادة الأولية في الأسلحة بعد اندلاع الحرب الإسرائلية على غزة، 600 عملية مبيعات أسلحة محتملة بقيمة تتجاوز 23 مليار دولار بين واشنطن وتل أبيب، حسبما أفادت "وول ستريت جورنال" في وقت سابق.
وقال المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، إنه في وقت سابق من العام الجاري، شارفت الولايات المتحدة على إتمام تلبية الطلبات التي كانت لديها، ما تطلب من الإدارة التواصل مع الكونجرس بشأن طلبات أسلحة جديدة.
وفي السياق ذاته، نوّه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق جيورا إيلاند، بأنه في بداية الحرب على غزة، سرَّعت إدارة بايدن إرسال شحنات ذخيرة إلى إسرائيل كانت مقررة خلال عامين تقريباً، لتتم في غضون شهرين فقط.
وأضاف إيلاند أن الشحنات تباطأت بعد ذلك، ولكن ليس بالضرورة لأسباب سياسية، مشيراً إلى أن "نتنياهو قال شيئاً صحيحاً من ناحية، ولكنه قدَّم هذا التفسير الدراماتيكي الذي لا أساس له من الناحية الأخرى".
الحرب مع لبنان
ومع تباطؤ العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، ما يتبعه الحصول على شحنات أسلحة أقل، يستعد الجيش الإسرائيلي لخوض صراع محتمل على الحدود الشمالية (مع لبنان)، حيث وافق الجيش الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، على القيام بعملية ضد جماعة "حزب الله"، وهو ما حذَّرت منه إدارة بايدن.
ويحتفظ الجيش الإسرائيلي بمخزون احتياطي من الأسلحة حال اندلعت الحرب ضد لبنان، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين حاليين وسابقين تحدّثوا إلى "وول ستريت جورنال".
ولفت مسؤولون عسكريون إسرائيليون إلى أنه نتيجة تباطؤ شحنات الأسلحة دون تفسير، فإن شن عمليات مستقبلية محتملة على لبنان ربما صار وشيكاً.
وبيّن المسوؤولون الأميركيون أن الخارجية الأميركية أرجأت، منذ مايو الماضي، المضي قُدماً في بيع مقاتلات F-15 جديدة، وأسلحة دقيقة، وقذائف هاون، ومركبات عسكرية، وذخائر دبابات بقيمة مليار دولار لإسرائيل.
وفي مايو الماضي، أعلنت إدارة بايدن أنها علَّقت إرسال قنابل تزن 2000 باوند (ما يزيد على 900 كيلوجرام)، و500 باوند (نحو 227 كيلوجراماً) إلى إسرائيل على خلفية مخاوف تتعلق بسقوط المزيد من الضحايا المدنيين الفلسطينيين.
واندلع الخلاف بشأن الأسلحة الأسبوع الماضي، عندما اتهم نتنياهو في مقطع فيديو باللغة الإنجليزية، إدارة بايدن بحرمان إسرائيل من الأسلحة.
"أغراض سياسية"
وردد رئيس وزراء إسرائيل المزاعم نفسها في مقابلة مع التليفزيون الإسرائيلي، تم بثها الأحد، ومرة أخرى أمام مجلس وزرائه.
وينطوي هذا الخلاف على مخاطر كثيرة لكلا الطرفين، حيث يُتوقع أن يُلقي نتنياهو خطاباً أمام الكونجرس الأميركي في 24 يوليو المقبل بناء على الدعوة التي تلقّاها من رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون.
وقال بعض المحللين السياسيين الإسرائيليين لـ"وول ستريت جورنال" إن تصريحات نتنياهو تبدو "محاولة لكسب ميزة سياسية داخل إسرائيل"، حيث يواجه تساؤلات بشأن تعامله مع الحرب، إضافة إلى تصاعد الصدام بينه وبين القيادة العسكرية الإسرائيلية بشأن العمليات في غزة.
وقال النائب السابق لمستشار الأمن القومي في إسرائيل تشاك فريليتش: "أعتقد أن نتنياهو يفعل ذلك لأغراض سياسية خاصة به".