اقترب اليمين المتطرف في فرنسا من فرصة تشكيل حكومة أكثر من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية، مع تقدم حزب التجمع الوطني المناهض للمهاجرين في استطلاعات الرأي قبيل الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية المبكرة التي انطلقت، الأحد.
وحل الرئيس إيمانويل ماكرون البرلمان، ودعا إلى إجراء انتخابات مبكرة بعد أن سحق حزب التجمع الوطني ائتلاف ماكرون (معاً) المنتمي لتيار الوسط في انتخابات البرلمان الأوروبي.
وسيظل ماكرون رئيساً بعد الانتخابات البرلمانية، التي ستجرى الجولة الثانية منها في 7 يوليو المقبل. لكن سيتعين عليه اختيار رئيس وزراء من الحزب أو التحالف الفائز بأكبر عدد من المقاعد في الجمعية الوطنية بغض النظر عن مدى الاختلاف معه في السياسات.
وفيما يلي لمحة عن بعض الشخصيات الحزبية الأهم في الانتخابات:
جوردان بارديلا
بارديلا المعروف بأناقته (28 عاماً) له أصول إيطالية. ربته والدته في منطقة لذوي الدخل المحدود بالضواحي الشمالية لباريس لكنه التحق بمدرسة كاثوليكية شبه خاصة.
وصار انتماؤه للطبقة العاملة ميزة يروج لها. وقال لصحيفة لو موند "دخلت عالم السياسة نتيجة لكل ما عشته هناك".
وانضم بارديلا إلى الحزب اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان عندما كان عمره 16 عاماً. وبعد ذلك بسبع سنوات، اختارته لوبان مرشحاً لحزبها في الانتخابات الأوروبية عام 2019. وانتخبه الأعضاء رئيساً للحزب في نوفمبر 2022.
وشكلت لوبان المتمرسة على المعارك السياسية وتلميذها الشاب حاد الذكاء بارديلا فريقاً سياسياً متكاملاً. واستخدم بارديلا حسابه على "تيك توك" الذي يتابعه 1.7 مليون شخص لجذب الناخبين الأصغر سناً.
وتمكن الاثنان من توسيع نطاق شعبية الحزب إلى ما هو أبعد من معاقله التاريخية على ساحل البحر المتوسط وما يعرف باسم "حزام الصدأ" الشمالي، حيث روجا للحزب على أنه مدافع عن دخل الأسر والوظائف والهوية الفرنسية.
ويقدم بارديلا نفسه على أنه "رئيس وزراء محتمل لتعزيز القوة الشرائية"، متعهداً بخفض ضريبة القيمة المضافة على الطاقة والوقود وإعفاء من تقل أعمارهم عن 30 عاماً من ضريبة الدخل. ويقول معارضوه إنه يفتقر إلى الخبرة المهنية نظراً لدخوله عالم السياسة في سن مبكرة، وإن خططه الاقتصادية غير واقعية.
جابرييل أتال
صار جابرييل أتال، البالغ من العمر 35 عاماً، رئيس الوزراء الأصغر سناً في تاريخ فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية عندما عينه ماكرون في يناير الماضي.
ويواجه أتال، الذي يطلق عليه أحيانا لقب "ماكرون الصغير"، مهمة شاقة تتمثل في إنقاذ رئاسة ماكرون وحركته السياسية.
ويحول الناخبون الساخطون في أنحاء فرنسا دعمهم إلى اليمين المتطرف وتحالف يساري جديد بسبب الغضب إزاء سياسات ماكرون وشخصيته، إذ يُنظر إلى الرئيس في كثير من الأحيان على أنه متعجرف ومنفصل عن المصاعب اليومية.
كما أن أتال هو أول رئيس وزراء فرنسي قال علانية إنه "مثلي".
وبزغ نجم أتال سريعاً في عهد ماكرون. وبعد انضمامه إلى الحزب الاشتراكي عندما كان عمره 17 عاماً، أصبح اسماً معروفاً في المشهد السياسي بعد تعيينه متحدثاً باسم الحكومة خلال جائحة كوفيد-19.
وتولى أتال منصب وزير الميزانية وظل عدة أشهر على رأس وزارة التعليم قبل أن يعينه ماكرون رئيسا للحكومة في محاولة لإبعاد اليمين المتطرف.
وكانت الخطوة الأولى التي اتخذها أتال عندما صار وزيراً للتعليم في عام 2023 هي حظر ارتداء الطالبات المسلمات "للعباءة" في المدارس الحكومية، مما عزز شعبيته بين الناخبين المحافظين على الرغم من انتمائه إلى اليسار.
شخصيات يسارية
لا يوجد منافس واضح على منصب رئيس الوزراء من اليسار الذي شكلت مجموعة واسعة من أحزابه تحالفاً يعرف باسم (الجبهة الشعبية الجديدة) في محاولة لتوحيد الصفوف في مواجهة حزب التجمع الوطني.
ولم يكشف التحالف عن مرشحه لرئاسة الوزراء. وفيما يلي بعض أشهر شخصياته:
جان لوك ميلانشون
ظل ميلانشون، لاعباً أساسياً في اليسار الفرنسي لعقود وشغل مناصب وزارية في الحكومات السابقة عندما كان عضواً في الحزب الاشتراكي.
ترشح للرئاسة في انتخابات الرئاسة في 2012 و2017 و2022 وكانت نسبة الأصوات التي يحصل عليها تزيد في كل مرة. وحل في المركز الثالث في انتخابات عام 2022 بعد زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان. وفاز ماكرون في تلك الانتخابات.
ويعد ميلانشون ذو التعليقات النارية من أكثر الشخصيات إثارة للانقسام في السياسة الفرنسية، إذ يثير حماسة وخوف الناخبين بمقترحاته الجامحة بشأن الضرائب والإنفاق وتعليقاته عن الصراع الطبقي ومواقفه المثيرة للجدل إزاء السياسة الخارجية خاصة فيما يتعلق بغزة. ويتهمه منتقدوه بمعاداة السامية، وهو ما ينفيه.
رافاييل جلوكسمان
تصدر جلوكسمان قائمة مرشحي الحزب الاشتراكي في الانتخابات الأوروبية هذا الشهر. وحصل الحزب على ما يقرب من 14 بالمئة من الأصوات، خلف ائتلاف (معا) بقيادة ماكرون. واعتُبر ذلك مؤشرا على انتعاش الحزب الذي حكم فرنسا في العقود الماضية لكنه سقط في الآونة الأخيرة في طي النسيان الانتخابي.
وتلقى جلوكسمان، الذي كان والده فيلسوفاً، التعليم في مدارس مرموقة وعمل بالصحافة والإذاعة قبل أن يتجه إلى مجموعة متنوعة من المجالات من بينها العمل مستشاراً لرئيس جورجيا السابق ميخائيل ساكاشفيلي.
ويدعو جلوكسمان إلى دعم أوروبي قوي لأوكرانيا في مقاومتها للغزو الروسي.
لوران بيرجر
شغل بيرجر سابقاً منصب السكرتير العام لنقابة CGDT العمالية الفرنسية المعتدلة. ولديه سجل حافل من المعارضة القوية لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف.
وقال بيرجر، إنه لا يريد أن يصبح رئيساً للوزراء، لكن آخرين في اليسار طرحوا اسمه قائلين إنه يمكن أن يكون شخصية توافقية وبديلاً أكثر شعبية لميلانشون.