تتجه فرنسا نحو "برلمان معلق" في انتخابات مبكرة عالية المخاطر مقررة، الأحد، يُحتمل ألا يتمكن فيها اليمين المتطرف من تحقيق الأغلبية المطلقة اللازمة لتشكيل الحكومة، وذلك استناداً إلى استطلاع أجرته شركة "إبسوس"، وفق ما أوردته صحيفة "فاينانشيال تايمز".
ويحدث البرلمان المعلق في حكومة النظام البرلماني القائم على حزبين، عندما لا يحقق أي من الحزبين السياسيين الرئيسيين أو كتلة الأحزاب المتحالفة أغلبية مطلقة في مقاعد البرلمان.
وأظهر الاستطلاع، الذي نشر، الجمعة، أن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف وحلفائه، لن يحصلوا إلا على ما بين 175 و205 مقاعد في البرلمان المؤلف من 577 مقعداً.
ويظهر هذا التوقع، استناداً إلى عينة مكونة من 10 آلاف شخص، عجزاً أوسع مقارنة باستطلاعات الرأي الأخرى التي صدرت في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وأظهر الاستطلاع أيضاً، أن تحالف "الجبهة الشعبية الجديدة" اليساري، يقترب من أن يحل ثانياً خلف حزب "التجمع الوطني"، إذ يُتوقع أن يتراوح عدد المقاعد التي سيفوز بها بين 145 و175 مقعداً.
ومرت حملة حزب "التجمع الوطني" بفترة مضطربة في الأيام الأخيرة، وبدا بعض مرشحيها يفتقرون إلى المعلومات في المقابلات، وتبين أن مرشحين آخرين نشروا محتوى عنصري أو معادٍ للأجانب على الإنترنت.
وأظهر الاستطلاع أن تحالف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد يحصل على ما بين 118 إلى 148 مقعداً، وهو أقل بكثير من 250 صوتاً تقريباً، حصل عليها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
ورأت الصحيفة، أن موازين القوى في التيار اليساري تتغير، موضحة أن حزب "فرنسا الأبية" اليساري الراديكالي، الذي كان مهيمناً في السابق بزعامة جون لوك ميلانشون، قد يحصل في النهاية على ما بين 58 إلى 68 مقعداً، بينما تتراوح عدد المقاعد التي يُتوقع أن يحصل عليها الحزب الاشتراكي بين 51 إلى 61 مقعداً، فيما يشير منظمو استطلاعات الرأي، إلى أن التقديرات المتعلقة بعدد المقاعد "ليست علماً دقيقاً".
حكومة تكنوقراط
وقال ماتيو جالارد، الباحث لدى "إبسوس"، لـ"فاينانشيال تايمز"، إن "الاستراتيجية التي تبناها التحالف الوسطي للرئيس الفرنسي، والأحزاب اليسارية كانت ناجحة، إذ انسحب أكثر من 200 مرشح من التحالف واليسار في الدوائر التي يتنافس فيها ثلاثة أطراف؛ لتوحيد الأصوات المناهضة لحزب التجمع الوطني".
لكن جالارد أشار إلى وجود احتمال "واضح" بعدم تمكن أي حزب من تشكيل الحكومة، حال تأكدت هذه التوقعات في الجولة الثانية، موضحاً أن استراتيجية "الجبهة الجمهورية" تتطلب من الناخبين تنحية المشاعر جانباً والتصويت لأحزاب لا يدعمونها عادة، لعرقلة حزب "التجمع الوطني".
وقال جالارد: "الوضع سيكون معقداً للغاية بالنسبة للأحزاب، إذ أوضح أن أحد الاحتمالات هو محاولة التوصل إلى حل وسط بين التيارين اليساري الوسطي واليمين الوسطي لتشكيل حكومة، لكن ذلك قد يكون صعباً بسبب الخلافات السياسية المتزايدة بينهما.
ويرى بعض المحللين، أن تشكيل حكومة تكنوقراط يرأسها خبير مستقل، ربما يكون الحل الوحيد لسد الفجوة لحين إجراء انتخابات جديدة خلال عام، السيناريو الذي لم تشهده فرنسا قط منذ تأسيس الجمهورية الخامسة في عام 1958، وفقاً لـ"فاينانشال تايمز".
ومع احتمال التوصل إلى طريق مسدود، بدأ بعض رؤساء الأحزاب في التلميح إلى إمكانية العمل معاً. وفي وقت سابق، قال رئيس الوزراء جابرييل أتال، إن "وجود جمعية وطنية تتسم بالتعددية" من شأنه أن يؤدي إلى صياغة اتفاقيات لتمرير سياسات محددة، إذ بدأ بعض قادة "الجبهة الشعبية الجديدة" بالفعل في وضع شروط، مثل المطالبة بإلغاء الإصلاح الذي أقره ماكرون على نظام التقاعد.