قالت وزارة الداخلية الفرنسية، الأحد، إن نسبة المشاركة في الجولة الثانية للانتخابات البرلمانية ارتفعت كثيراً مقارنة بالانتخابات السابقة في عام 2022، في اقتراع قد يشهد صعود حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف.
وتشهد فرنسا، الأحد، الجولة الثانية من انتخابات برلمانية حاسمة ستعيد تشكيل المشهد السياسي، وسط مخاوف أوروبية من تداعيات النتائج على اتجاه الاتحاد الأوروبي وخطط مكافحة الهجرة، نظراً لدور باريس الفاعل.
وقالت وزارة الداخلية الفرنسية إن نسبة الإقبال على التصويت بلغت 26.3% بحلول الظهر (1000 بتوقيت جرينتش)، ارتفاعاً من 18.99% خلال الجولة الثانية من التصويت في عام 2022، مما يسلط الضوء على اهتمام الفرنسيين الشديد بالانتخابات التي سلطت الضوء على الاستقطاب بوجهات النظر في فرنسا.
وذكرت تقديرات كل من "هاريس إنتراكتيف" و"إيبسوس" لاستطلاعات الرأي أن هذا هو أعلى مستوى إقبال حتى منتصف النهار منذ عام 1981.
وتتوقع استطلاعات الرأي أن يفوز حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بأكبر عدد من الأصوات، لكنه من المرجح أن لا يتمكن من تحقيق الأغلبية.
وقد تؤدي مثل هذه النتيجة إلى برلمان معلق وفوضوي، ما من شأنه أن يؤثر بشدة على سلطة الرئيس إيمانويل ماكرون. وبالمثل، إذا فاز حزب التجمع الوطني القومي المتشكك في الاتحاد الأوروبي بأغلبية، فقد يجد الرئيس نفسه مجبراً على "تعايش" صعب.
وحقق حزب التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان مكاسب تاريخية ليفوز في الجولة الأولى من الانتخابات، الأحد، مما أثار شبح تشكيل أول حكومة يمينية متطرفة في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية.
ولكن بعد أن وحدت أحزاب الوسط واليسار قواها خلال الأسبوع الماضي في محاولة لتشكيل حاجز مناهض لحزب التجمع الوطني، تبدو آمال لوبان في فوز حزب التجمع الوطني بالأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية المكونة من 577 مقعداً أقل تأكيداً.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب التجمع الوطني سيصبح القوة التشريعية المهيمنة، لكنه سيفشل في الوصول إلى الأغلبية البالغة 289 مقعداً التي تعتقد لوبان وتلميذها جوردان بارديلا، البالغ من العمر 28 عاماً، أنها ستسمح لهما بالمطالبة بمنصب رئيس الوزراء وجر فرنسا بشكل حاد نحو اليمين.
وتفتح مراكز التصويت أبوابها في الثامنة صباحاً (0600 بتوقيت جرينتش) وتغلق السادسة مساء في البلدات والمدن الصغيرة وفي الثامنة مساء (1800 بتوقيت جرينتش) في المدن الكبرى، وتعلن التوقعات الأولية عند انتهاء التصويت، بناء على إحصاء جزئي لعينة من مراكز التصويت.
وسوف يعتمد الكثير على ما إذا كان الناخبون سيتبعون دعوات التحالفات الرائدة المناهضة لحزب التجمع الوطني لمنع اليمين المتطرف من الوصول إلى السلطة، أو دعم المتنافسين من اليمين المتطرف.
"حافة الهاوية"
وقال رافائيل جلوكسمان، عضو البرلمان الأوروبي الذي قاد قائمة اليسار الفرنسي في انتخابات البرلمان الأوروبي الشهر الماضي، إنه يعتبر الجولة الثانية استفتاء بسيط حول ما إذا كانت "عائلة لوبان ستتولى إدارة هذا البلد". وذكر لإذاعة "فرانس إنتر"، الأسبوع الماضي، أن "فرنسا على حافة الهاوية ولا نعرف ما إذا كنا سنقفز".
ورأت لوبان لقناة "تي.إف1"، الأربعاء، أن "الشعب الفرنسي لديه رغبة حقيقية في التغيير"، مضيفة أنها "واثقة للغاية" في الحصول على أغلبية برلمانية.
وحتى لو فشل حزب التجمع الوطني، يبدو مستعداً للحصول على أكثر من ضعف المقاعد التي فاز بها في انتخابات عام 2022 البالغ عددها 89 مقعداً ويصبح اللاعب المهيمن في برلمان غير حاسم سيجعل من الصعب حكم فرنسا.
ومن شأن مثل هذه النتيجة أن تنذر بجمود سياسي حتى تنتهي رئاسة ماكرون في عام 2027، عندما يكون من المتوقع أن تطلق لوبان محاولتها الرابعة لرئاسة فرنسا.
خطوة ماكرون التالية
فاجأ ماكرون البلاد وأغضب العديد من حلفائه السياسيين ومؤيديه عندما دعا إلى انتخابات مبكرة بعد الهزيمة التي تكبدها حزبه أمام حزب التجمع الوطني في انتخابات البرلمان الأوروبي، في يونيو، على أمل أن يفوز على منافسيه في الانتخابات التشريعية.
وأياً كانت النتيجة النهائية فإن أجندته السياسية تبدو الآن ميتة، قبل 3 سنوات من نهاية رئاسته.
ويقول بارديلا إن حزب التجمع الوطني سيرفض تشكيل حكومة إذا لم يفز بالأغلبية، على الرغم من أن لوبان قالت إنها قد تحاول إذا فشلت في ذلك.
ورفض رئيس الوزراء جابرييل أتال، الذي يبدو من المرجح أن يفقد منصبه في التغييرات التي تعقب الانتخابات، اقتراحات بأن الوسطيين في حزب ماكرون قد يسعون لتشكيل حكومة مشتركة بين الأحزاب في حالة وجود برلمان معلق. وبدلاً من ذلك، فهو يرغب في أن يقوم المعتدلون بتمرير التشريعات على أساس كل حالة على حدة.
ومن شأن حصول حزب التجمع الوطني على أغلبية أن يجبر ماكرون على الدخول في "تعايش" محرج مع بارديلا كرئيس للوزراء، في ظل صراعات دستورية شائكة وتساؤلات على الساحة الدولية حول من يتحدث حقاً باسم فرنسا.
وإذا حُرم حزب التجمع الوطني من الأغلبية ورفض تشكيل الحكومة، فستجد فرنسا المعاصرة نفسها في منطقة مجهولة. وسيكون بناء التحالف صعباً على أي من الكتل نظراً للاختلافات السياسية بينها.
ومن شأن حكومة يقودها حزب التجمع الوطني أن تثير تساؤلات كبيرة حول الاتجاه الذي يتجه إليه الاتحاد الأوروبي نظراً لدور فرنسا القوي في التكتل، على الرغم من أنه من شبه المؤكد أن قوانين الاتحاد الأوروبي ستقيد خططه لمكافحة الهجرة.
وبالنسبة للكثيرين في مجتمعات المهاجرين والأقليات في فرنسا، فإن صعود حزب التجمع الوطني أرسل بالفعل رسالة واضحة وغير مرحب بها.
وقالت سلمى بوزيان، وهي طالبة سينما تبلغ من العمر 20 عاماً، في سوق في بلدة جوسانفيل القريبة من باريس "إنهم يكرهون المسلمين، يكرهون الإسلام. إنهم ينظرون إلى الإسلام ككبش فداء لجميع مشاكل فرنسا. لذا فمن المحتم أن يكون لذلك تأثير سلبي على المجتمع المسلم".
وتعهد حزب التجمع الوطني بالحد من الهجرة وتسهيل التشريعات الخاصة بطرد المهاجرين غير الشرعيين وتشديد القواعد المتعلقة بلم شمل الأسرة. وتقول لوبان إنها ليست معادية للإسلام لكن الهجرة خارجة عن السيطرة وإن الكثير من الناس يستفيدون من نظام الرعاية الاجتماعية في فرنسا والخدمات العامة المتداعية.