تنطلق قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" في واشنطن، الثلاثاء، وهي القمة التي يحتفل فيها قادة الدول الأعضاء بمرور 75 عاماً على تأسيس الحلف، ويتوقع أن تحتل مسألة الإنفاق الدفاعي للدول الأعضاء، مساحة كبيرة من الاجتماعات التي تستمر على مدار 3 أيام، في مناخ أمني عالمي وصفه البعض بأنه "الأخطر منذ انتهاء الحرب الباردة".
تتباين الخلافات بين بعض الدول الأعضاء على الوصول إلى إنفاق دفاعي يتخطى نسبة 2% من الناتج الإجمالي المحلي لكل دولة، وهو هدف وضعه الحلفاء قبل نحو عقد من الزمان، بينما تتفق كافة الدول الأعضاء على موازنة الحلف المدنية والعسكرية.
ويملك الحلف كمنظمة، موازنة تشغيلية مستقلة تقرها الدول الأعضاء سنوياً، وبلغت آخر موازنة في عام 2024 والتي تم إقرارها في ديسمبر الماضي، نحو 3.5 مليار يورو، تتحمل الولايات المتحدة منها نحو 16%، وهو ما يوازي نحو 0.3% من الإنفاق الدفاعي لدول الحلف والبالغ نحو 1.47 تريليون دولار، نصيب الولايات المتحدة منها يتجاوز الثلثين.
وجرى تخصيص 438.1 مليون يورو للموازنة المدنية للحلف، و2.03 مليار يورو للموازنة العسكرية، و1.3مليار يورو لبرنامج الناتو للاستثمار الأمني.
وينقسم تمويل الحلف إلى:
مساهمات وطنية غير مباشرة للموازنة الخاصة بالحلف: وهي أكبر مصدر للتمويل وتتحمله الدول الأعضاء، وتشمل القوات والعتاد والقدرات التي تملكها كل دولة عضو، والتي يمكنها أن توفر للحلف قدرات الردع والدفاع والعمليات العسكرية.
المساهمات المباشرة: توفر تلك المساهمات التمويل لموازنة الناتو وبرامجه وقدراته لدعم الأهداف والأولويات، والنشاطات التي تخدم مصالح الحلف ككل، ولا يمكن أن تتحملها دول واحدة، مثل عمليات التحالف ومهام الناتو أو الدفاعات الجوية للناتو وقدراته وأنظمة التحكم.
وتساهم دول الحلف في تمويل الناتو باستخدام معادلة متفق عليها لتقسيم الأعباء، مستقاة من الناتج الإجمالي للدول الأعضاء.
بنود وآليات تمويل الناتو كمنظمة
الموازنة المدنية (438.1 مليون يورو في 2024): ويغطي تمويل المقر الرئيسي للناتو، والرواتب والعمليات التشغيلية، ونفقات برامج مقر الناتو في بروكسل والموظفين الدوليين.
الموازنة العسكرية (2.03 مليار يورو في 2024): نفقات مقر هيئة قيادة الناتو، والعمليات والمهام حول العالم.
برنامج الناتو للاستثمار الأمني (1.3 مليار يورو في 2024) : تمويل البنية التحتية العسكرية والقدرات، وهي برامج ومبادرات يمكن تمويلها بشكل مشترك والتي تعني أن الدول المشاركة يمكنها تحديد أولويات وترتيبات التمويل، فيما يمكن للناتو أن يوفر الإشراف السياسي.
ويحكم التمويل العام للناتو، آليات حوكمة يقررها التحالف بشكل جماعي، تشمل مؤهلات التمويل، وكيفية إنفاقه كل عام.
ويشرف مجلس التحالف شمال الأطلسي، على عملية التمويل العامة، والتي يحكمها مجلس سياسة الموارد والتخطيط، ولجنة الموازنة، ولجنة الاستثمار.
الإنفاق على العمليات
حين يقرر مجلس التحالف الأطلسي وهو أعلى هيئة سياسية في الحلف، بالإجماع، الدخول في عمليات أو مهام، فلا يوجد أي إلزام على كل الدول بالمساهمة في تلك العمليات، ما لم تكن تندرج تحت المادة 5 من ميثاق الحلف.
وفي كل الحالات، فإن الناتو كمنظمة، لا يملك قوات مسلحة مستقلة، لذا يلتزم الحلفاء بتوفير القوات والعتاد على أساس تطوعي.
ويمكن أن تختلف المساهمات في الشكل والحجم، على سبيل المثال، يمكن للحلفاء اختيار المساهمة بعدد قليل من الجنود أو آلاف القوات لمهمة ما أو عملية للناتو، ويمكن أن تشمل المساهمات العتاد أو الدعم، أو العربات المدرعة والسفن الحربية.
وهذه المساهمات الفردية يقدمها الحلفاء بشكل فردي وتؤخذ من قدراتهم الدفاعية لتشكيل قدرات مجمعة للحلف، مع تولي كل عضو في الحلف، كلفة نشر تلك القوات.
قواعد الإنفاق الدفاعي
وفي عام 2006، اتفق وزراء دفاع حلف الناتو على الالتزام بإنفاق حد أدنى 2% من الناتج المحلي الإجمالي GDP، لمواصلة ضمان جاهزية الحلف، لكن الأزمة المالية العالمية في (2007 - 2008) حالت دون الالتزام بهذا الهدف، إلى أن صادق الحلف في عام 2014 على تعهد الاستثمار الدفاعي، والذي دعا الحلفاء إلى زيادة الإنفاق إلى 2%.
وتعمل هذه القواعد وفق موقع الحلف، كمؤشر على الإرادة السياسية في كل بلد للمساهمة في جهود الناتو الدفاعية العامة، إذ أن القدرات الدفاعية لكل دولة على حدة تؤثر في مصداقية الحلف كمنظمة سياسية عسكرية.
ويساوي الناتج الإجمالي المحلي للحلفاء مجتمعين بدون الولايات المتحدة، الناتج الإجمالي المحلي لأميركا تقريباً، ولكن إنفاق الحلفاء على الدفاع مجتمعاً أقل من نصف ما تنفقه الولايات المتحدة وحدها على الدفاع.
وهذ الخلل كان أمراً ثابتاً مع تغيّرات عبر تاريخ الحلف، ولكنه أصبح أكثر بروزاً بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 في نيويورك، والتي أجبرت الولايات المتحدة على زيادة موازنتها الدفاعية.
ويشكل الإنفاق الدفاعي للولايات المتحدة تقريباً ثلثي إنفاق دول الحلف على الدفاع ككل (66% تقريباً)، ولكن هذه ليست النسبة التي تنفقها الولايات المتحدة على العمليات التشغيلية للحلف، والتي يتشاركها الدول الأعضاء عبر بند التمويل المشترك.
ويغطي الإنفاق الدفاعي الأميركي تمويل عمليات خارج المنطقة الأوروبية الأطلسية، ولكن تجدر الإشارة إلى أن الحلفاء يعتمدون على الولايات المتحدة في جزء من القدرات الأساسية بما في ذلك الاستخبارات ومهام المراقبة والاستطلاع، والتزود بالوقود في الجو، والدفاع الجوي الصاروخي الباليستي، ومهام الحرب الإلكترونية.
قائمة الإنفاق الدفاعي لدول حلف الناتو في 2024*:
- الولايات المتحدة: 968 مليار دولار
- بريطانيا: 82.1 مليار دولار
- ألمانيا: 97.68 مليار دولار
- فرنسا: 63.4 مليار دولار
- إيطاليا: 32.6 مليار دولار
- كندا: 30.495 مليار دولار
- بولندا: 34.975 مليار دولار
- هولندا: 21.4 مليار دولار
- إسبانيا: 18.9 مليار دولار
- تركيا: 22.7 مليار دولار
- السويد: 13.4 مليار دولار
- النرويج: 10.6 مليار دولار
- رومانيا: 9.11 مليار دولار
- اليونان: 7.70 مليار دولار
- بلجيكا: 7.44 مليار دولار
- فنلندا: 7.06 مليار دولار
- التشيك: 6.47 مليار دولار
- المجر: 5.61 مليار دولار
- الدنمارك: 5.47 مليار دولار
- البرتغال: 3.07 مليار دولار
- سلوفاكيا: 2.82 مليار دولار
- بلغاريا: 2.18 مليار دولار
- ليتوانيا: 2.11 مليار دولار
- إستونيا: 1.69 مليار دولار
- كرواتيا: 1.24 مليار دولار
- لاتفيا: 1.19 مليار دولار
- سلوفينيا: 1.15 مليار دولار
- لوكسمبورج: 0.684 مليار دولار
- ألبانيا: 0.474 مليار دولار
- مقدونيا الشمالية: 0.300 مليار دولار
- مونتينجرو: 0.141 مليار دولار
- أيسلندا: 0.0491 مليار دولار
وأصبح التقدم المحرز تجاه تحقيق هدف إنفاق دول الحلف 2% من الناتج المحلي الإجمالي، منذ عام 2022 بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، أكثر وضوحاً.
زيادة كبيرة في الإنفاق منذ 2014
ووفقاً للبيانات التي نشرها الحلف بشأن النفقات العسكرية، فإن 23 دولة ستصل أو تتجاوز هدف إنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي خلال 2024، مقارنة بـ7 دول فقط في 2022، و3 دول فقط في 2014.
كما تظهر البيانات أن الإنفاق العام التراكمي لدول الحلف يتجاوز هدف 2% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي الكلي لدول الحلف.
وأصبح عام 2024 علامة فارقة في تاريخ الحلف من حيث الدول التي وصلت إلى هدف الإنفاق الدفاعي المنشود، كما زاد إنفاق الناتو الكلي بنسبة 11% في 2024، مقارنة بنمو 3% فقط في 2023، وفقاً للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية IISS.
وأصبح النمو في الإنفاق الدفاعي، أقوى بين الأعضاء الأوروبيين، والذين زادوا من إنفاقهم العسكري المجتمع بنسبة 19% في عام 2024، عقب نسبة ليست بالقليلة أيضاً في عام 2023 بلغت 9%، وتعد هذه النسب كبيرة نظراً إلى أن متوسط النمو بين 2014 إلى 2022 كان حوالي 3% فقط، وهو مؤشر واضح على تدهور البيئة الاستراتيجية في أوروبا.
وفي 2023، أظهرت البيانات أن بولندا أنفقت 3.9% من ناتجها المحلي الكلي على الدفاع، وتلتها الولايات المتحدة بـ3.5%، وحلت اليونان ثالثة بـ3%.