الصين.. هل ينجح اجتماع الحزب الشيوعي في وضع "خطة إنقاذ" اقتصادية؟

خبراء: "الجلسة الكاملة الثالثة" لن تخرج عن المسار الذي حدده شي

time reading iconدقائق القراءة - 8
الرئيس الصيني شي جين بينج في خطاب بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، بكين. 1 يوليو 2021 - REUTERS
الرئيس الصيني شي جين بينج في خطاب بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، بكين. 1 يوليو 2021 - REUTERS
دبي-الشرق

تواجه الصين عدداً من التحديات، في الوقت الذي يعاني فيه اقتصادها من أجل التعافي من أزمتي العقارات والجائحة، وذلك بالتزامن مع التحضيرات لعقد أحد أهم الاجتماعات للحزب الشيوعي خلال الشهر الجاري، وذلك في محاولة لتحديد اتجاهات سياسات بكين الاقتصادية خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

ويجتمع نحو 400 من كبار الشخصيات الحكومية، وقادة الجيش، ورؤساء المقاطعات، والأكاديميين هذا الشهر في بكين، في ما يُسمى بـ"الجلسة الكاملة الثالثة" للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، أحد أهم الاجتماعات السياسية السنوية، لتوجيه المسارين السياسي والاقتصادي للبلاد.

وقال خبراء لصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، إن حكومة الرئيس الصيني شي جين بينج، بحاجة إلى اتخاذ إجراء "شجاع" لتحفيز الطلب المحلي، ومنع ثاني أكبر اقتصاد في العالم من التردي في دوامة الانكماش. 

ولكن خلال إحدى فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي الأخيرة، والتي عُرفت باسم "دافوس الصيفي" في مدينة داليان الساحلية، أوضح رئيس مجلس الدولة لي تشيانج أنه "لن يكون هناك علاج بالصدمة في المستقبل القريب". 

كان النمو الرئيسي في الصين قوياً في الربع الأول من العام، بزيادة قدرها 5.3% عن العام السابق، مدفوعاً بالتصنيع والإنتاج الصناعي، رغم بقاء مؤشر الإنفاق الاستهلاكي في حالة غير منتظمة. 

خطط المستقبل

ويقوم المحللون بتدقيق الخطابات التي ألقاها شي وغيره من القادة في الآونة الأخيرة، لمحاولة إيجاد إشارات يمكن أن تحدد اتجاهات سياسات بكين الاقتصادية خلال الأعوام الخمسة المقبلة، أو أكثر، والتي يمكن الكشف عنها خلال "الاجتماع السري" المقرر عقده في الفترة من 15 إلى 18 يوليو.   

وتشمل مناطق التركيز "القوى الإنتاجية الجديدة عالية الجودة" التي أطلقها شي، وهو مصطح حزبي يعتقد المحللون أنه يشير إلى التكنولوجيا المتقدمة والطاقة الخضراء والتصنيع المتطور، فضلاً عن إصلاحات الرعاية المالية والاجتماعية، والتغييرات في نظام "هوكو" الخاص بتسجيل الأسر في الصين، وجهود إعادة الثقة في القطاع الخاص. 

وتعقد اللجنة المركزية، التي تتكون حالياً من 205 أعضاء كاملي العضوية، و171 عضواً بديلاً تم تعيينهم في المؤتمر العشرين للحزب في أكتوبر 2022، 7 جلسات خلال ولايتها التي تمتد إلى 5 أعوام، ويحظى الاجتماع الثالث باهتمام دولي خاص، بسبب التصريحات السابقة حول السياسة الاقتصادية.

وقال أندرو باتسون ووي هي، المحللان في مركز جافيكال للأبحاث، في مذكرة بحثية، إن "الحالة الأساسية هي أن هذه الجلسة المكتملة الثالثة لن تمثل خروجاً جوهرياً عن المسار الذي حدده شي بالفعل". 

وأضاف المحللان أن الأجندة الرسمية لهذه الجلسة تتمثل في دراسة "دفع عجلة التحديث على النمط الصيني"، وهو المصطلح الذي وضعه شي لتحقيق رؤيته الخاصة بالوصول إلى "المجد الوطني" بما يعني أن يفوق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي النمو الاقتصادي. 

وتبرز القوى الإنتاجية الجديدة كأحد الأمثلة على ذلك، فقد ربط شي هذا العام استراتيجيته للإنتاج الصناعي، التي منحت الأولوية للاستثمار في قطاعات من قبيل المركبات الكهربائية والبطاريات وأشباه الموصلات والتكنولوجيا الحيوية، بتصور إنتاجية العامل الإجمالي، وهو مقياس للناتج الاقتصادي غير المدفوع بالزيادات في المدخلات، مثل رأس المال والعمالة.   

دور الدولة

ووفقاً لـ"فاينانشيال تايمز"، أدّى ذلك إلى انتعاش الأمل لدى الاقتصاديين المؤمنين بالمقاربة المدفوعة بقوى السوق لتحقيق النمو.

ولكن مركز أبحاث جافيكال أكد أنه "لا يوجد ما يشير إلى أن الدولة ستقلص دورها في الاقتصاد"، فبكين لا تزال تريد "توجيه الموارد لتحقيق أهداف سياسة التحديث الصناعي والابتكار التكنولوجي"، وفق ما قاله باتسون ووي.   

من جانبهم، قال محللون في بكين للصحيفة البريطانية إن الإصلاح المالي هو أحد المجالات الذي يمكن أن يحدث التغيير.

ويبلغ نصيب الحكومة المركزية في الصين نحو 10% فقط من إجمالي الإنفاق الحكومي، مقابل متوسط عالمي يبلغ حوالي 20%.

ومع ذلك تسيطر بكين على قدر غير متناسب من الإيرادات مقارنة بالحكومات المحلية، ما ساهم ذلك في خلق أزمة ديون لدى الكثير من الحكومات المحلية، التي كافحت من أجل زيادة الإيرادات في خضم الأزمة العقارية.  

وقال خبراء اقتصاديون في مركز أبحاث مرتبط بالحكومة الصينية لـ"فاينانشيال تايمز" إن "الاتجاه الرئيسي لتحقيق الإصلاح يتمثل في كيفية زيادة حصة إنفاق الحكومة المركزية في الإنفاق العام للبلاد".

فعلى صعيد إصلاح معاشات التقاعد، ستترقب الشركات عن كثب صدور أي إشارة بشأن تأخير سن التقاعد، الذي يأتي في الصين ضمن أقل المعدلات في العالم، عند 60 عاماً للرجل و55 عاماً للمرأة في الأعمال المكتبية، و50 عاماً للمرأة في الأعمال اليدوية. 

وحذر الخبراء من أنه مع بدء التدهور الديموغرافي، حيث تقلص عدد سكان الصين للعام الثاني على التوالي، فإنه يتعين على صناع السياسات في بكين "إيجاد السبل لتخفيف العبء المالي المتنامي على معاشات التقاعد". 

على الجانب الآخر، يمكن أن يؤدي المزيد من التخفيف في نظام هوكو لتسجيل الأسر، الذي يمنع الصينيين من الوصول بشكل كامل إلى الخدمات الحضرية خارج مدنهم الأصلية، إلى المزيد من التوسع الحضري ومساعدة سوق العقارات المتعثرة.

ولكن بعض المراقبين أكدوا أنه من غير المرجح أن يفكك شي بشكل كامل نظام هوكو الذي يمنع التكدس في مدن الدرجة الأولى، وبخاصة بكين وشنغهاي، ويمد الحزب بأدوات السيطرة على التدفقات السكانية. 

ويأمل بعض أصحاب المشروعات في حصول القطاع الخاص على بعض المحفزات، مثل رفع القيود عن المساهمة الأجنبية في بعض الصناعات، لإنعاش الروح المعنوية التي أثقلتها حملات القمع ضد قطاعي العقارات والتجارة الإلكترونية. 

ولا يزال آخرون يبحثون عن استجابة حاسمة لأزمة العقارات، فقد أطلقت الحكومة برامج للتدخل المباشر في السوق عن طريق شراء العقارات غير المباعة، ولكن هذه الإجراءات فشلت في زيادة الثقة، ويرى بعض المحللين أن الجلسة الثالثة يمكن أن تمثل "منتدى جيداً" لصدور إعلان قوي بشأن العقارات. 

الاستثمار في التكنولوجيا

في هذا السياق، قال ييفان هو، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة UBS Global Wealth Management لإدارة الثروات العقارية إنه "في سيناريو مزلزل يمكن الإشارة إلى أو حتى الإعلان عن سياسات قوية في الجلسة الثالثة".

ولكن معظم المراقبين يقرون بأن هذا التوجه "غير مرجح"، ويشددون على أن التركيز الرئيسي يجب أن ينصب على "الاستمرارية"، في الوقت الذي تحاول فيه بكين "الانتقال من نموذج اقتصادي مرتفع النمو تغذيه الديون ومدفوع بالعقارات والبنية التحتية إلى نموذج يقوم على الاستثمار في صناعات التكنولوجيا الفائقة والتحول الأخضر". 

 

وقال أحد الخبراء الاقتصاديين البارزين في مركز أبحاث حكومي لـ"فاينانشيال تايمز": "لا ينبغي أن نتوقع الكثير في الجلسة الثالثة"، مضيفاً أن الأسواق تتوقع بالفعل "اجتماعاً غير مؤثر".

وانخفضت مؤشرات الأسهم في شنتشن (شنجن) وشنغهاي بنسبة 1.6%، منذ أن أدلى لي تشيانج بتصريحاته في داليان.

تصنيفات

قصص قد تهمك