أبلغ الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما (2009 - 2017)، حلفاؤه في الأيام القليلة الماضية، بأن مسار الرئيس جو بايدن إلى الفوز في انتخابات نوفمبر، تقلص بشكل كبير، وأنه يعتقد أن الرئيس عليه أن ينظر جدياً في فرص فوزه، وفقاً لما ذكرته عدة مصادر مطلعة على نقاشات أوباما، لصحيفة "واشنطن بوست".
ولم يتحدث أوباما مع بايدن سوى مرة واحدة منذ المناظرة الكارثية بين الرئيس الحالي ومنافسه الجمهوري دونالد ترمب في 27 يونيو الماضي، وأثارت مخاوف الديمقراطيين بشأن قدرة بايدن على الفوز بالانتخابات.
وقالت "واشنطن بوست" إن أوباما كان واضحاً في حواراته مع المقربين منه بشأن مستقبل ترشح بايدن، مشدداً على أن هذا قرار "يعود للرئيس".
وأكد أوباما أن مخاوفه تتعلق بحماية بايدن وإرثه، ورفض فكرة أنه وحده يمكنه التأثير على بايدن بشأن هذا القرار.
وخلف الكواليس، انخرط أوباما في حوارات مكثفة بشأن مستقبل حملة بايدن الانتخابية، وتلقى مكالمات من ديمقراطيين قلقين من آفاق الخسارة، بينهم رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، وتشارك معهم أفكاره بشأن التحديات التي يواجهها الرئيس، وفقاً لأشخاص مطلعين على هذه المكالمات، وتحدثوا لـ"واشنطن بوست" بشرط عدم ذكر أسمائهم.
ورفض متحدث باسم أوباما التعليق على التقرير.
ويرى أوباما أن دوره، هو تقديم المشورة لنائبه السابق، وأخبر حلفائه أنه يرغب في حماية بايدن، وفق "واشنطن بوست".
وخلال تلك الحوارات، قال أوباما إنه يعتقد أن بايدن كان رئيساً عظيماً، وعليه حماية إنجازاته، والتي قد تصبح في خطر إذا سيطر الجمهوريون على البيت الأبيض، والكونجرس بغرفتيه، النواب والشيوخ.
وفي بعض المحادثات، قال أوباما إنه يخشى أن استطلاعات الرأي تمضي بعيداً عن بايدن، وأن طريق الرئيس السابق دونالد ترمب الانتخابي يتسع، فيما يتخلى المانحون على بايدن.
وراء الأبواب المغلقة
وعلناً، لا يزال بايدن وحملته مصرين على الترشح، قائلين إن الرئيس لن يخرج من السباق، والأربعاء، اختصر بايدن توقفاً انتخابياً في لاس فيجاس، بعد إصابته بكورونا، وعاد إلى منزله في ريهوبوث بيتش بولاية ديلاوير، لعزل نفسه.
ولكن، قادة ديمقراطيين قالوا إن بايدن استسلم وراء الغرف المغلقة، للضغوط المتزايدة، واستطلاعات الرأي ذات النتائج السيئة، التي تجعل من المستحيل عليه مواصلة حملته الانتخابية. فيما ذكر ديمقراطي رفيع لشبكة CNN أن بايدن بات أكثر تقبلاً للنقاش بشأن خروجه من السباق.
وقال كوينتن فالكس نائب مدير حملة بايدن الخميس، إن الحملة تمضي قدماً، مضيفاً: "الرئيس لن يتراجع عن أي شيء، الرئيس اتخذ قراره، لا أريد أن أكون وقحاً، ولكني لا أعرف كم مرة علي أن أجيب عن هذا السؤال".
وتأتي مخاوف أوباما على خلفية تصاعد التوتر في الحزب الديمقراطي بشأن مستقبل بايدن والتأثير المحتمل على المرشحين الديمقراطيين في الكونجرس والولايات.
أدوار خلف الكواليس
وتحدث زعيما الديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ حكيم جيفريز وتشاك شومر مع بايدن وحذراه مباشرة من أن المخاوف بشأن ترشحه آخذة في الاتساع، وأن إصراره على البقاء قد يضر بفرص الحزب في الحصول على الأغلبية في المجلسين بانتخابات نوفمبر.
ولعبت بيلوسي دوراً أكثر نشاطاً خلف الكواليس، وقاومت محاولات بايدن لإنهاء النقاش بشأن مواصلة ترشحه.
وحاول أوباما وهو أكثر الديمقراطيين الذين يحظون بالتقدير والاحترام، لعب أكثر الأدوار خفوتاً في هذه الأزمة، آملاً في الاعتماد على صداقته الطويلة مع بايدن، ولكن دور أوباما كزعيم للحزب بين 2008 إلى 2016، جعله بمثابة مؤشر على مخاوف الحزب بشأن ترشح بايدن.
وواصل مستشارون سابقون لأوباما التعليق على الأحداث السياسية بشكل علني، ومن ضمنهم ديفيد أكسيلرود مستشاره السابق وعدد من المستشارين الأقل رتبة، والذين يديرون مدونة صوتية شهيرة، وباتوا من ضمن أعلى الأصوات الديمقراطية التي تقول إن بايدن لا يجب أن يترشح مجدداً لأن لا مسار أمامه للفوز.
وشاهد الديمقراطيون استطلاعات الرأي الوطنية وهي تتحرك بعيداً عن بايدن منذ المناظرة في 27 يونيو، ولكنها باتت تظهر الآن تراجع بايدن في الولايات المتأرجحة الشمالية. ويتأهب المخططون الاستراتيجيون لاحتمالية حصول ترمب على دفعة جديدة في نهاية المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، كما فعل في 2016 و2020، وكذلك زيادة التأييد له بعد محاولة الاغتيال الفاشلة السبت الماضي.
غضب في فريق بايدن
وكانت "واشنطن بوست" قد أوردت سابقاً أو أوباما أعلن مخاوفه بشأن مسار بايدن للفوز سابقاً، وأن الرئيسين تحدثا في الأيام اللاحقة.
وفي غضون ذلك، اجتاح الغضب فريق بايدن بسبب دور أوباما في تلك النقاشات، ملقين باللوم عليه لعدم الإبقاء على الحزب متحداً خلف ترشح بايدن.
وعقب المناظرة، نشر أوباما تغريدة داعمة لبايدن على منصة (إكس)، قال فيها إن ليالي المناظرات السيئة تحدث، وأن الخيار في هذه الانتخابات بين شخص حارب لأجل الناس، وشخص أمضى حياته بالكامل لا يهمه أحد سوى نفسه.
ومنذ ذلك الحين، ظل أوباما صامتاً ولم يدل بأي أحاديث علنية، ولكن مساعدي بايدن قالوا إن أوباما كان بوسعه منع نجم هوليوود جورج كلوني من نشر مقاله في "نيويورك تايمز" والتي دعا فيها بايدن إلى الانسحاب.
وحاول جيفري كاتزينبرج المسؤول بحملة بايدن والنافذ في عالم صناعة الأفلام، منع كلوني، وهو صديق قديم له، ولكنه فشل في ذلك.