الكتاب السعودي يبحث عن آفاق عالمية

time reading iconدقائق القراءة - 6
شعار وزراة الثقافة السعودية - moc.gov.sa/ar
شعار وزراة الثقافة السعودية - moc.gov.sa/ar
الرياض-حسن رحماني

تسعى المملكة العربية السعودية لتعزيز مكانتها الثقافية من خلال خلق واستغلال الفرص المتاحة، إضافة إلى فتح بوابات جديدة تؤدي لمساحات أكثر رحابة، ودعماً لهذا الاتجاه أعلنت هيئة الأدب والنشر والترجمة، التابعة لوزارة الثقافة السعودية، مؤخراً عن إطلاق "دار النشر السعودية".

وتعد "دار النشر السعودية" أول مؤسسة نشر تطلقها وزارة الثقافة من خلال ذراعها "هيئة الأدب والنشر والترجمة"، ولكنها ليست أول دار نشر حكومية في السعودية؛ إذ يوجد هناك دور نشر سبقتها بالظهور، على غرار دور النشر التابعة للجامعات السعودية.

وبالرغم من أن دار النشر السعودية تأتي كامتداد للهيئة، إلا أنها تتمتع باستقلالية اعتبارية ومالية، ونظام حوكمة مستقل.

"داعمة لا منافسة"

بظهور دار نشر حكومية، يقفز سؤال إلى الأذهان عن الدُور السابقة التي تحتل السوق منذ عدة سنوات وما مصيرها، وما إذا كانت الدار الجديدة "الحكومية" منافِسة لها.

ويجيب عن هذا السؤال الرئيس التنفيذي لـ"هيئة الأدب والنشر والترجمة"، الدكتور محمد حسن علوان، في تصريحات خاصة لـ"الشرق" أكد فيها أن المملكة تسعى لتمكين وتحفيز دور النشر السعودية الحالية والمستقبلية.

وتهدف الدار  إلى "صناعة نشر متطورة" عن طريق خلق نموذج عمل احترافي في سوق النشر السعودي، كما تسعى لإنشاء قناة دعم للناشرين السعوديين للاستثمار في التقنيات الحديثة والمواهب الجديدة، إضافة للمساهمة في إيصال المنتج الأدبي السعودي إلى السوق العالمية بالتعاون مع دور النشر المحلية.

وبحسب علوان، فإن نشر وتوزيع الكتاب السعودي محلياً وعالمياً من أهم مستهدفات الدار، وهو ما سيتم التركيز عليه بشكل مكثف، ليس من خلال مشاريع الدار المختلفة فحسب، بل من خلال هيئة الأدب والنشر والترجمة أيضاً.

هوية سعودية 

ويؤكد علوان أن استراتيجية الدار الجديدة تتمثل في دعم صناعة المحتوى الأدبي المحلي عبر تطوير قدرات الكُتّاب السعوديين.

وتتطلع أيضاً لتصدير الهوية الأدبية السعودية إلى خارج أسواقها المحلية، وذلك من خلال الوصول للقراء في جميع أنحاء العالم.

وتابع علوان أن الدار الجديدة تسعى إلى الاستثمار في العناوين الثقافية عالية التكلفة، ومنخفضة العوائد، والتي تهدف إلى تحقيق مستهدفات الهيئة بدعم انتشار الكتاب السعودي محلياً وعالمياً، مما يتيح لها التوسع في أوعية النشر بما يتلاءم مع احتياجات السوق، وتطوير قدرات دور النشر السعودية ورفع تنافسيتها إقليمياً وعالمياً، وبالتالي زيادة حجم الاستثمار في سوق النشر السعودي.

تفاؤل أدبي

يعتبر عدد من الكتاب السعوديين أن هذه الخطوة ذات أهمية بالغة في المشهد الثقافي السعودي، وأنها بمثابة نافذة يطل منها الكاتب السعودي على أرجاء العالم.

ورأى القاص والروائي عمرو العامري، في تصريح لـ"الشرق"، أن هذه الخطوة تدعو للتفاؤل، وأضاف: "نحن متفائلون جداً ولا نرى ما يمنع تحقيق تلك الأهداف المعلنة".

ولفتت الكاتبة والروائية رحاب أبو زيد، في تصريح لـ"الشرق"، إلى أن الإعلان عن المشروع بحد ذاته في هذا الوقت الحرج، هو مبادرة تطوير باعثة على تعزيز الثقة بسوق النشر والحركة التجارية التي تحيط به.

ووصف الروائي الشاب والمشرف على الصفحة الثقافية بإحدى الصحف المحلية، جابر مدخلي، في تصريح لـ"الشرق"، هذه الخطوة بأنها "حلم" وقال: "أن تجيء دار تحمل اسم الوطن، وتعنى بمنجزاته الإبداعية من رواية وقصة، وقصيدة ومسرحية، هو حلم طال انتظاره".

وتابع مدخلي: "إن المشهد الثقافي السعودي، ورغم كثرة دور النشر، إلا أنه ضخم ويتسع لهذه الخطوة العملاقة".

معايير النشر

في مقابل هذا التفاؤل الموشى بالتطلعات، يتسلل خيط رفيع من التوجس، خوفاً من أن تصبح التجربة الجديدة استنساخاً لتجارب سابقة، أو سيراً في الطريق الأولى ذاتها المليئة بالعقبات التي واجهها الكُتّاب.

وتقول أبو زيد في الصدد: "نرجو أن تُحفظ للكتاب قيمته الأدبية والعلمية بحيث تكون هناك شروط ومعايير معقولة تحد من النشر الرديء، وتتيح الفرصة أمام المواهب والكُتّاب الجادين لأخذهم على محمل الجد ومساعدتهم في خوض غمار تجربة طويلة الأمد".

وتلخص أبو زيد العقبات التي يواجهها الكاتب السعودي في تكاليف النشر وتردي التصميم أو التدقيق في مراحل ما قبل النشر، انتهاء بضعف التوزيع وعدم توفر الكتب في المنصات المتعارف عليها، وتحكم بعض المنصات بالعرض والطلب، مؤكدة أن العلاقة بين الكاتب ودار النشر علاقة زواج طويلة، نجاحها يبرز تألق كلا الطرفين.

وتضيف: "نأمل كذلك أن تلعب دار "نشر" دوراً جوهرياً في نمذجة أنماط الناشرين، ما لهم وما عليهم، لتصبح الشكل المثالي الذي يطمح لبلوغه كل العاملين في دور النشر المحلية والعربية.

"حماية المنتج"

ويتشاطر العامري التوجس والمخاوف مع أبو زيد إذ يقول: "دائماً ما يأتي الشيطان في التفاصيل كما يقال، ولا نعرف عن آلية وتفاصيل ومعايير النشر والطباعة والترجمة، آملين أن تختلف عن تلك المتبعة في الأندية الأدبية مثلاً، والتي سقطت في المجاملات والتسويف وتغليب الكم على النوع، والنشر لأسماء غير سعودية".

ورأى أن "بعض الأكاديميين عطلوا المشهد الثقافي بالكامل عبر ثقافة الإقصاء وتكريس الأكاديمية المملة وحماية وتدوير المصالح الشخصية".

وأضاف: "نتمنى على الهيئة ووزارة الثقافة بالمجمل العمل على حماية المبدع السعودي، وخاصة الشباب، من الوقوع في فخ سماسرة دور النشر الخارجية، والتي أوقعت بالعشرات منهم وذلك لندرة خبرتهم ولانسداد القنوات المحلية".

وقال: "يجب على القائمين على مشروع حيوي كهذا أن يقرؤوا آراء الكُتّاب ويولوها العناية لأنهم أكثر من عانوا خلال الحقب المنصرمة من دور النشر الداخلية ومن بعدها الخارجية".