
"وإن الماء المتساقط من السماء ليس إلا ندى النيل، يفرح البشر حين يقترب الفيضان، وحين يفي بوعده للناس".. أنشودة أبدعها المصري القديم تخليداً لنهر النيل، الذي نشأت على ضفافه الحضارة المصرية العظيمة.
مرّت القرون وبقي ارتباط المصريين بالنيل قوياً، وشاهداً على لحظاتهم السعيدة وذكرياتهم المديدة، وهو ما سعى لتوثيقه فنياً التشكيلي المصري عادل مصطفى في معرضه "أحباب النيل"، الذي تستضيفه قاعة الزمالك للفن حتى 5 يونيو .
أحباب النيل
"من البحر إلى النهر تنتقل تجربتي الفنية، متجوّلاً بين ربوع المشهد المصري، مسافراً عبر الخيال الرومانسي، الذي أبحث فيه دائماً بواسطة اللغة البصرية التشكيلية عن عذوبة الطبيعة".
بهذه الكلمات يعرّف الفنان المصري معرضه، مضيفاً: "يصحبني دائماً في تلك الرحلات التشكيلية الممتعة، أبطال عالمي الخاص، من العرائس الخشبية المصرية الزاهية الألوان، التي تذكرنا بالماضي والحنين للحالة المصرية الشعبية، وتوقظ سعادة الطفولة في داخلنا".
الدخول إلى قاعة المعرض يأخذك في جولة على ضفاف النيل، بمشاهده المتنوّعة ومراكبه النيلية المضاءة، لترسم عالماً مليئاً بالجمال، مروراً بمشاهد الحياة اليومية حول ضفاف النهر الخالد، فضلاً عن العرائس الخشبية التي تمثّل نماذج تراثية للمصريين بالجلباب التقليدي.
وعن تجربته في معرض "أحباب النيل" يقول: بدأت العمل على المعرض منذ فترة في الإسكندرية، المحافظة التي نشأت فيها، حيث رسمت لسنوات المراكب الراسية في البحر المتوسط، المحمّلة بالورود، كنوع من الفانتازيا والخيال" .
يضيف: "قررت بعد ذلك تكرار التجربة، لكن على شواطىء النيل، فهو عنصر من عناصر الحياة المهمّة في مصر، بُنيت على ضفافه حضارة مصر العظيمة، ونحن نعيش من خيره" .
وأشار إلى أن عناصر إلهامه "كلها من النيل، مثل الأشجار والنخيل والنباتات والمباني المتواجدة على ضفافه، كما رسمت بعض المباني التراثية، وبعض المراكب المضاءة ليلاً بانعكاساتها المبهجة في المياه" .
وأكد حرصه على "تنويع الألوان الفضية والذهبية والرمادية والأخضر بتدرجاته ودلالاته، كما أن اللون الفضي هنا، يلعب دوراً مهماً في تفاعل المتلقي للعمل، فاللوحة في حالة من التغيّر الدائم" .
اكتشف الفنان موهبته مبكراً في الرسم، فالتحق بكلية الفنون في الإسكندرية، وتخرّج منها عام 2002، ويعمل حالياً عضو هيئة التدريس في قسم التصوير بالكلية.
في تلك الفترة حاول البحث عن هويته الفنية وقام بتجربة العديد من الأساليب، منها تجربة فن الكولاج وطريقة استخدام الصور مع الرسومات، كما جرّب الفنون المعاصرة بأشكالها المختلفة، واتخذ الفنان المصري القديم كمثل أعلى في مسيرته الفنية، وخصوصاً وأن المصريين القدماء أبهروا العالم بحضارتهم.
شارك مصطفى في العديد من المعارض الجماعية في مختلف أنحاء العالم، كما نظّم 10 معارض خاصة بدأت بمعرضه في روما بالمركز الثقافي المصري عام 2012، وشارك في عدد من الملتقيات والورش الفنية في عدد من الدول، مثل اليونان وبولندا ومقدونيا والمغرب والإمارات وكينيا والهند وإيطاليا وتركيا .