
ينقل الفنان اللبناني البريطاني لورنس أبو حمدان، أصوات توربينات الرياح المقرّر تنفيذها في مرتفعات الجولان إلى أوسلو، من خلال معرضه "زفزافة"، وهي كلمة قديمة تعني الريح العاتية التي تهزّ كل شيء في طريقها.
يقام المعرض في متحف "مانش" النرويجي، ويحمل طابعاً سياسياً، يستكشف من خلاله الفنان كيف يمكن للصوت أن يكون احتفاءً بالحياة، وأداة للنزوح في آنٍ واحد.
تتمحور الأعمال حول التأثير الذي سيخلفه 31 توربيناً هوائياً، مخططاً لإنشائه من قِبل الاحتلال الإسرائيلي، على السكان الأصليين في مرتفعات الجولان.
وقال أبو حمدان: "بالنسبة لسكان الجولان، تمثّل التوربينات، فصلاً آخر من نضال طويل بدأ باستيلاء إسرائيل على ثلثي أراضيهم في حرب الأيام الستة عام 1967. بينما تزعم شركة "إنرجكس" للطاقة المتجددة، أن التوربينات ستشغّل مساحة تقل قليلاً عن ميل واحد".
لكن التحقيق الذي أجراه أبو حمدان يؤكد أن بصمتها الصوتية أكبر بتسعة أضعاف، أي ما يقرب من ربع الأرض التي لا تزال متاحة لشعب الجولان اليوم. كما أن بعض التوربينات ستكون قريبة من المنازل بمسافة تصل إلى 115 قدماً، ما يجعل هذه المساحات غير صالحة للسكن بمجرد تشغيلها.
تمتزج في أعمال الفنان البصرية والسمعية، أصوات توربينات الرياح التي يبلغ ارتفاعها 250 متراً، مع أصوات الحياة اليومية وتأثيرها على المجتمع المحلي. ويأخذك في جولة استكشافية عبر المناظر الطبيعية، يتخللها هدير التوربينات الميكانيكي مع تسجيلات لأطفال يلعبون، وأزيز النحل، وتغريد الطيور.
كما يُضمّن في أعماله فيديو لعازف الساكسفون عمرو مداح، وهو يعزف من شرفة أحد منازل المنطقة الصغيرة. إذ تشكّل هذه العناصر معاً، صورة صوتية لمرتفعات الجولان، تحذيراً من التهديد بالضياع، وشاهداً على صمود المجتمع.
الحركة الخضراء
يتناول المعرض قضايا جوهرية تتعلق بالحركة الخضراء، وبعملية الانتقال إلى ما يُسمى بالطاقة النظيفة. كما يكتسب أهمية خاصة في ظل الاحتجاجات الحالية المناهضة لتوربينات الرياح في النرويج أيضاً.
استخدم أبو حمدان صيغة الفيديو الشائعة على الإنترنت "جولات ألعاب الفيديو"، كأداة تأطير لإنشاء لعبته الخاصة، وهي لعبة تُعيد تمثيل مباني وأصوات منطقة الجولان المحتلة، بالإضافة إلى التوربينات المخطط لإنشائها.
اللعبة مفتوحة المصدر ومتاحة على الإنترنت، وتتيح لأي شخص استكشاف المنطقة وتجربة التأثير الصوتي لهذه الهياكل المستقبلية، التي تغطي على أصوات الحياة الثقافية.
قال أبو حمدان خلال تقديمه للعرض في 18 سبتمبر: "حالياً، تُعدّ "اللعبة" المكان الوحيد الذي يُمكنك فيه تشغيل التوربينات ومحاكاة أصواتها. ولكن في المستقبل، قد تكون المكان الوحيد الذي يُمكنك فيه إطفاءها وتذكّر كيف كانت الحياة في الماضي".
صوت الماء
كان صوت الماء هو الأكثر تأثيراً على أبو حمدان، ولأن الدولة الإسرائيلية صادرت الوصول إلى جميع مصادر المياه، فقد بنى سكان الجولان شبكة مستقلة من الأنابيب والبرك والخزانات والمضخّات. "إنه نصر صغير، ولكنه حيوي ضد الاحتلال العسكري". بحسب أبو حمدان.
أضاف: "بطريقة ما، فإن الاستماع إلى هذه الأصوات لا يقتصر على الاستماع إلى تلك البيئة، بل يتعلق بالاستماع إلى أعمال المقاومة ضد الاحتلال".
يصف الفنان لورانس أبو حمدان (مواليد 1985) نفسه بأنه "مُنصت خاص"، نيابة عن الأشخاص الذين يتعرّضون لهجمات من قِبل السلطات، مثل الجنود الإسرائيليين في فلسطين، والشرطة الباريسية، والتعذيب في السجون السورية.
عُرضت أعماله في تقارير الطب الشرعي، وفي محاضرات، وعروض حيّة، وأفلام، ومنشورات، ومعارض حول العالم.
يُدير أبو حمدان منظمة "earshot.ngo"، وهو حاصل على جائزة إدوارد مونش للفنون عام 2019. وأجمعت لجنة تحكيم الجائزة، على تقديرها لممارسات أبو حمدان الفنية، والتزامه بحقوق الإنسان، وعلى أصالة أعماله وعمق تساؤلاته.