اعتبر كتّاب وروائيون أن الجوائز الأدبية انعكست بشكل إيجابي على سوق الأدب، إذ منحت الكاتب جواز مرور نحو الشهرة، وأجبرت الأسواق العالمية على تقبل أعمال مختلفة.
وقال الكتّاب الذين شاركوا في ندوة "ما بعد البوكر"، ضمن فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، إن الجوائز لفتت الانتباه إلى أقلام قد لا تكون معروفة قبل الفوز بالجائزة.
شارك في الندوة الروائي والشاعر العراقي أحمد سعداوي، والروائي والشاعر الأردني جلال برجس الفائز بجائزة بوكر للرواية العربية 2021 عن روايته "دفاتر الوراق"، وأدارت الندوة الأكاديمية السعودية نورة القحطاني.
نجوم في الأدب
الروائي أحمد سعداوي قال إن الجوائز الأدبية "تضع معياراً معيناً يوحي للمتلقي أو مستهلك الروايات بأن هناك تفضيلات معينة لأنواع محددة من الروايات أو أساليب بعينها"، مؤكداً أنه "لا مفر من هذه التأويلات".
واعتبر أن الجوائز "ليست النوع المحدد النهائي لما يجب أن تكون عليه الرواية المهمة والعظيمة، فهناك روايات لم تحصل على جوائز، لكن القارئ العادي جعلها في الصدارة، في حين تراها النخبة ذات مستوى متدنٍّ".
وأشار سعداوي إلى أن ظهور جائزة "البوكر" كان بمثابة الحجر الذي حرك بركة سوق الرواية الراكدة، مشيراً إلى أن من آثار هذه الجائزة أنها "أدخلت استهلاك الروايات ضمن موضة الاستهلاك العام لمجالات الإبداع ليصبح الروائي مثل الفنان من حيث الحصول على الضوء والاهتمام، كما كرّست نجوماً في الأدب العربي نافسوا ما يطرح من أعمال مترجمة".
ولفت إلى وجود آثار سلبية للجوائز الأدبية أبرزها "ما تعطيه للكتاب من إيحاء بالنموذج، فيحاولون مجاراة الأعمال الفائزة".
"فرض قالب روائي"
واعتبر الروائي جلال برجس أن التفضيلات في جائزة البوكر تمثل "اختلاقاً إعلامياً صحيحاً من جانب وخاطئاً من آخر، لأننا إذا نظرنا إلى تلك الروايات التي فازت من حيث أساليبها وتقنياتها الروائية، سنجد أنه ليس هناك رابط مستمر بينها منذ بدء الجائزة، وهذا يدحض الفكرة التي تقول إن هناك سعياً لفرض قالب روائي معين".
وفي تصريحات لـ"الشرق" قال برجس إن الجائزة "منحتني طريقاً جميلاً نحو القراء، والحقيقة أن الجائزة العالمية تمنح النجومية لكل الروائيين الذين حصلوا عليها، وهذا أمر إيجابي لكن يجب أن أعود لطاولة الكتابة وعزلتها بعيداً عن الأضواء".
وأضاف: "الانصياع لشرط القارئ، والضغط الذي يواجهه الكاتب بسبب فوزه ربما يدفعه لكتابة عمل قد لا يكون بالمستوى المطلوب والمقنع، وكل ما سأفعله هو الإنصات لصوتي الداخلي لأكتب على ضوئه. قد ينجح العمل وقد لا ينجح وهذا رهين بمدى اجتهادي في الكتابة".
ولم يستبعد برجس إمكانية تحويل روايته "دفاتر الوراق" إلى عمل درامي، وقال: "تلقيت مجموعة من العروض اعتذرت عنها لكن هناك عرض ما زال تحت الدراسة. وفي كل الأحوال لن يكون ذلك هذا العام".
تبعات الفوز بـ"البوكر"
هل بالفعل يتواري الكتّاب بعد الفوز بجائزة البوكر؟ أجاب برجس بأن أكثر ما يقلقه في هذه المرحلة التي تكثر فيها المتابعات الإعلامية هو عمله الروائي القادم، مشيراً إلى أنه يراهن على العودة إلى النقطة الأولى التي دفعته لكتابة الرواية، لافتاً إلى إدراكه أن العمل القادم قد لا يقارن بالسابق، إذ إن لكل كاتب روائي قطعته الفنية الفريدة.
في المقابل قال سعداوي إنه منذ الساعات الأولى لفوزه بالجائزة لم يستطع العودة إلى حالته السابقة، إذ قيّدته الرواية وأصبح رهينة خدمتها والتسويق لها. وحين استجدت لديه الإرادة للكتابة مرة أخرى اضطر للتضحية بالكثير من جوانب حياته التي تغيّرت بعد فوزه.
وبخصوص تأثير الجائزة على تعامل النقاد مع الفائز، أكد برجس أن الفائز "ينبغي أن ينظر إلى ما يكتب عن روايته عن بعد وألا يقول شيئاً، لأن أي حديث سيحسب عليه"، معتبراً أن النقد العربي "في حالة تراجع موجعة، وما يقدم الآن تحت مسمى نقد هو وجهات نظر شخصية أكثر من كونها نقداً".
اقرأ أيضاً: