تسلم عبد الرزاق جرنه، الاثنين، جائزة نوبل للآداب التي فاز بها في أكتوبر الماضي تقديراً لمؤلفاته عن الهجرة والاستعمار، وذلك خلال مراسم في بريطانيا، حيث يعيش الروائي المولود في زنجبار منذ أكثر من نصف قرن.
وبسبب قيود كورونا، سُلِّمت جوائز نوبل للعلوم والآداب للسنة الثانية على التوالي دون مظاهر الاحتفال الاعتيادية، في بلدان إقامة الفائزين.
ونال عبد الرزاق جرنه جائزته وشهادة الفوز من السفيرة السويدية في لندن في مقر إقامتها الرسمي. وتُرفق الجائزة بمكافأة مالية قدرها 10ملايين كرونة سويدية (1.1 مليون دولار).
كتابة لا تساوم بالحقيقة
وعبد الرزاق جرنه البالغ من العمر 72 عاماً، هو أول كاتب من أصل إفريقي ينال جائزة نوبل للآداب منذ عام 2003، حين فاز بها الجنوب إفريقي جون ماكسويل كوتزي.
ويُعدّ جرنه خامس كاتب مولود في إفريقيا ينال "نوبل للآداب"، بعد النيجيري وولي سوينكا عام 1986، والمصري نجيب محفوظ عام 1988، والجنوب إفريقية نادين جورديمير عام 1991، ومواطنها جون ماكسويل كوتزي عام 2003.
وفاز جرنه بهذه المكافأة الأدبية الأبرز عالمياً تقديراً لرواياته عن حقبة الاستعمار، وما تلاها في شرق إفريقيا ومعاناة اللاجئين العالقين بين عالمين.
وقد كوفئ بالجائزة تقديراً لسرده "المتعاطف والذي يخلو من أي مساومة لآثار الاستعمار ومصير اللاجئين العالقين بين الثقافات والقارات"، بحسب لجنة التحكيم التي أشادت بـ"تمسكه بالحقيقة وإحجامه عن التبسيط".
مهاجر من الاضطهاد
وُلد عبد الرزاق جرنه في عام 1948 في أرخبيل زنجبار قبالة سواحل الشرق الإفريقي والتابع حالياً لتنزانيا، ولجأ إلى إنجلترا في نهاية ستينات القرن العشرين، بعد بضع سنوات على استقلال هذه المستعمرة البريطانية السابقة، في وقت كان المجتمع العربي فيها يتعرض للاضطهاد.
وبدأ الكتابة في سن 21 عاماً في بريطانيا، التي حاز جنسيتها، مستلهماً ذكرياته وتجربته كمهاجر.
وقال جرنه، خلال مؤتمر صحافي أقيم في لندن غداة إعلان فوزه بالجائزة مطلع أكتوبر: "أريد الكتابة عن التفاعلات الإنسانية، وما يمرّ به الناس عند إعادة تشكيل حياتهم من جديد".
ولا يزال جرنه يحتفظ بروابط قوية بمسقط رأسه تغذّي مؤلفاته الصادرة بالإنجليزية. وقال: "أنا من زنجبار. ما من التباس في الأمر بالنسبة إليّ. أما عملي وحياتي، فقد بنيتُهما هنا (في بريطانيا)، لكن هذا ليس كل ما يشكل حياتكم الخيالية أو حياتكم المتخيلة".
كتابة بدافع التعبير
في مقال نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية عام 2004، كشف عبد الرزاق جرنه أنه "وقع في شباك الكتابة" بحسب تعبيره، دون أن يكون قد خطّط لذلك، موضحاً: "بدأت أكتب بلامبالاة وبشيء من الخوف دون أي تصوّر، مدفوعاً برغبة في الإفصاح عن المزيد".
ونشر روائي نوبل منذ عام 1987، 10 روايات، فضلاً عن قصص قصيرة. وهو يكتب بالإنجليزية رغم أن السواحلية هي لغته الأم.
وتتطرّق رواياته الثلاث الأولى "ذاكرة الرحيل" Memory of Departure (1987) و"طريق الحجاج" Pilgrims Way (1988) و"دوتي" Dottie (1990) إلى تجارب المهاجرين في المجتمع البريطاني المعاصر.
وتميز خصوصاً بروايته الرابعة "الجنة" Paradise التي تجري أحداثها في شرق إفريقيا خلال الحرب العالمية الأولى. ورُشّحت الرواية لجائزة "البوكر" الأدبية البريطانية العريقة.
"سأستمر بالكلام"
يعيش جرنه حالياً في مدينة برايتون جنوب شرقي إنجلترا، ودرّس الأدب في جامعة "كنت" حتى تقاعده.
ويؤكد الروائي أنه سيستمر بعد فوزه بجائزة "نوبل" بالحديث صراحة عن مسائل طبعت مسيرته الأدبية ورؤيته للعالم. وقال: "هذه طريقتي في الكلام، أنا لا أؤدي دوراً بل أقول ما أفكر به".
وينتقد جرنه تشدد الحكومات الأوروبية مع المهاجرين الآتين من إفريقيا والشرق الأوسط، واصفاً هذه السياسة بأنها "قاسية وغير منطقية".
ونُشرت روايته الأخيرة في عام 2020 تحت عنوان "الحياة بعد الموت" Afterlives، ويتطرّق فيها إلى الاستعمار الألماني لإفريقيا.
وكانت 2021 سنة حافلة بالنجاحات للأدب الإفريقي، إذ حصد 3 كتّاب أفارقة جوائز "نوبل" و"البوكر" و"جونكور" لهذا العام.
اقرأ أيضاً: