الروائي الجزائري أحمد طيباوي: "العشرية السوداء" فصل من فصول أزمة الهوية

time reading iconدقائق القراءة - 5
غلاف رواية باب الوادي للروائي الجزائري أحمد طيباوي - facebook/ahmed.taibaoui
غلاف رواية باب الوادي للروائي الجزائري أحمد طيباوي - facebook/ahmed.taibaoui
القاهرة-الشرق

قال الروائي الجزائري أحمد طيباوي، إن روايته "باب الوادي" التي صدرت أخيراً عن دار "الشروق" في القاهرة، تطرح سؤال الهوية لكن بصورة غير تقليدية، مشيراً إلى أن الأزمة الدامية التي شهدتها بلاده (العشرية السوداء) مجرد فصل من فصول أزمة الهوية.

وأضاف في مقابلة مع "وكالة أنباء العالم العربي": "سؤال الهوية الوطنية أصبح بحاجة لإجابة معدّلة حسبما تتطلبه حياة المجتمع وتطوره، وبالطبيعة تزداد حدّته في فترة الأزمات".

تستعرض الرواية رحلة بطلها كمال في البحث عن والده الذي لم يعرف بوجوده إلا عند موت السيدة التي تولت تربيته منذ ولادته معتقداً أنها أمه.

وحين يذهب إلى فرنسا بحثاً عن الأب الغائب بعد ملاحقات من الخال ابن الحركة الإسلاموية، يلتقي مع صديق قديم للعائلة، فيرسله الصديق إلى عبد القادر، وهو مناضل يساري يراجع معه تجارب جيل كامل تبنى أحلام التغيير، وانتهى إلى "شيخوخة يدافع فيها عن الشيء ونقيضه".

يصل كمال إلى حقيقته التي كان يجهلها، لكنه يكتشف أنه ابن امراة يهودية أحبها والده ولم يتسامح المجتمع مع تلك العلاقة وقبولها داخل النسيج.

وأشار طيباوي في المقابلة التي أجريت افتراضياً، إلى أن الرواية حاولت وضع مسألة الهوية في إطارها الأشمل، فهي زمنياً ترصد واقع الجزائر في ما بعد نهاية الحرب العالمية الثانية إلى سنوات قليلة ماضية، وتمضي مكانياً في تقصي العلاقة بين ضفتي المتوسط.

أزمة الهوية

طيباوي من مواليد عام 1980، وحصل على "جائزة نجيب محفوظ للرواية العربية" التي تمنحها الجامعة الأميركية في القاهرة في دورة عام 2021، عن روايته "اختفاء السيد لا أحد".

واعتبر في المقابلة أن الأزمة الدامية التي عاشتها بلاده في تسعينيات القرن الماضي "لم تكن سوى فصل من أزمة الهوية".

وشهدت الجزائر في التسعينيات صراعاً دموياً بين الجماعة الإسلاموية المسلحة وفصائل متعددة تتبنى أفكاراً موالية لـ"الجبهة الإسلامية للإنقاذ" والإسلام السياسي، والسلطة، أودى بحياة عشرات الآلاف في ما عرف بـ"العشرية السوداء".

ونفى مؤلف رواية "باب الوادي" أن تكون روايته محاكمة لجيل حركة التحرر الوطني، معتبراً أن إطلاق الأحكام يجب أن يستند على الحقائق القطعية والنهائية، "وهذه غير متاحة مهما كان المؤرخون منصفين"، وتساءل: "من يملك السلطة المعنوية للتأويل إذن؟".

ويؤمن طيباوي أن عملية الإدانة أو التمجيد ليست من بين وظائف الرواية أو أدوارها، كما لا ينظر إلى روايته الجديدة كوثيقة إدانة لليسار الجزائري، موضحاً: "الأفكار لا تموت مهما انحسرت، كما أنه من الصعب الإقرار بأن ثورة التحرير الجزائرية كانت ابنة اليسار وحده، فما تحقق كان خليطاً من اليسار والوطنية والقومية العربية والتيار الديني الإصلاحي".

وأضاف: "أحاول في روايتي أن أقارب الإنسان فرداً وسلوكاً وأثراً، لا أن أحاكمه، مهما كانت الشخصيات متخيّلة أو مستمدة من الواقع، ليس من الصحيح إطلاق الأحكام، لأن التاريخ ليس معطى ثابتاً".

وأوضح طيباوي أن هناك أخطاء كثيرة وقعت قبل ثورة التحرير الجزائرية وفي أثنائها وبعدها "لدرجة أن البعض يرى أنها كانت نصراً من دون ثمن، لكن مهمتي أن أرصد هذا كله، فالرواية كما أعرفها مساحة اشتباك إنساني، وليست محضر جلسات محاكمة لأي فرد".

توظيف المكان 

قال طيباوي إن اسم "باب الوادي" الذي اختاره لروايته يشير إلى حي جزائري عريق، سكنه في الفترة الاستعمارية ممثلون لتلك الهيمنة، وهو الآن أشهر حي شعبي بالعاصمة "ربما يعطي عمرانه وشكل البناء فيه صورة عن الأثر الباقي من الزمن الفرنسي".

وأضاف: "حاولت مع ذلك المضي لأبعد من ذلك، وطأة الحاضر وثقل التاريخ، وبحثت عن روح المكان كأنه الجزائر التي تتزاحم فيها الأزمنة"، لافتاً إلى أن المكان ليس بطلاً لروايته، معتبراً أنه يأتي امتداداً للإنسان بحيث يكون موجوداً بقدر ما يساعد وجوده داخل الرواية في توضيح السياقات الضرورية، مؤكداً أنه "ضد الحشو والثرثرة الزائدة عن الأماكن والأشياء من دون حاجة سردية لذلك".

وعن "جائزة نجيب محفوظ" التي حصل عليها من الجامعة الأميركية بالقاهرة عام 2021، قال إنها كانت محطة مهمة في مشواره، معرباً عن أمله في أن تحظى روايته بالنجاح الذي يأمله في مصر

وأشار طيباوي إلى أن الرواية الجزائرية تشهد ثورة إبداعية، لكنها بحاجة لتفعيل النقد والصحافة الأدبية، لفرز الجيد من الرديء أو الأقل نضجاً والأقل إبداعاً.

وأضاف: "هناك مشكلات تعرفها حركة الكتاب من الجزائر وإليها، وتوزيعه داخل الرقعة الجغرافية الواسعة، أما في ما يتعلق بالخروج لأبعد من حدودنا فهذا بات ضرورياً"، لافتاً إلى أن بلاده "ما زالت بعيدة عن تصدير الأدب الجزائري للأفق العربي كما ينبغي".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات