شهدت شوارع العاصمة المصرية القاهرة، مساء السبت، رحلة "الموكب الملكي" غير المسبوقة، لنقل مومياوات 18 ملكاً و4 ملكات من عصر الدولة القديمة، بينها رمسيس الثاني، والثالث، وحتشبسوت، وسقنن رع، وتحتمس الثالث، وسيتى الأول، وميرت آمون، وأحمس نفرتاري، من المتحف المصري بميدان التحرير، إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بالقاهرة.
افتتاح متحف الحضارة
وأعطى الرئيس عبد الفتاح السيسي، إشارة انطلاق الموكب، من داخل المتحف القومي للحضارة بمنطقة الفسطاط، وهي أول عاصمة إسلامية لمصر، وأطلقت المدفعية طلقات للترحيب بموكب المومياوات، أثناء وصوله متحف الحضارة.
واستقبل السيسي، على باب المتحف، أول 8 سيارات تقل مومياوات أقدم 8 ملوك من المجموعة المنقولة، أبرزها مومياء سقنن رع، أقدم ملوك المجموعة، من الأسرة 17 (القرن الـ16 قبل الميلاد).
وافتتح السيسي، متحف الحضارة بشكل كامل، بعد افتتاحه جزئياً عام 2017. وقدم وزير السياحة والآثار، خالد العناني، شرحاً إلى الرئيس، بشأن المتحف ومحتوياته، وأهداه أول تذكرة لزيارة المتحف، موضحاً أن حجز التذاكر سيكون إلكترونياً.
وأضاف أن المتحف يتكون من 3 طوابق، أحدها للإدارة والترميم، والثاني يحتوي على قاعات العرض المتحفي، مؤكداً افتتاح المتحف للجمهور في 18 أبريل الجاري، الذي يوافق اليوم العالمي للتراث.
وبعد افتتاح المتحف، تم عرض فيلم تسجيلي بعنوان "مصر الحضارة"، لخص أبرز مشروعات تطوير الآثار خلال السنوات الماضية. وأفاد بافتتاح أكثر من 20 متحفاً، وترميم أكثر من 100 موقع آثري.
وأعلن العناني، عن توالي الافتتاحات خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى تقدم العمل في "قصر محمد علي" شمالي القاهرة، وطريق الكباش في الأقصر، إلى جانب الاستعداد لافتتاح "المتحف المصري الكبير" بجوار الأهرامات في الجيزة، بحضور عدد من زعماء العالم.
السيسي يدعو العالم للمتابعة
وكان السيسي، أعرب قبل انطلاق الموكب، عبر حسابه في "تويتر"، عن تطلعه "بكل الفخر والاعتزاز لاستقبال ملوك وملكات مصر بعد رحلتهم من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية".
وأضاف: "هذا المشهد المهيب لدليل جديد على عظمة هذا الشعب الحارس على هذه الحضارة الفريدة الممتدة في أعماق التاريخ".
ودعا السيسي "كل المصريات والمصريين والعالم أجمع، لمتابعة هذا الحدث الفريد، مستلهمين روح الأجداد العظام، الذين صانوا الوطن وصنعوا حضارة تفخر بها كل البشرية، لنكمل طريقنا الذي بدأناه.. طريق البناء والإنسانية".
عربة لكل ملك
وتألف الموكب من عربات حربية أعدت خصيصاً لهذا الحدث الذي استعدت له مصر طوال عام كامل، مزينة على الطراز الفرعوني، وتحمل أسماء الملوك تباعاً بحسب الترتيب الزمني لفترات حكمهم، يتقدمها الملك سقنن رع، من الأسرة 17 (القرن الـ16 قبل الميلاد)، وفي نهايتها الملك رمسيس التاسع، من الأسرة الـ20 (القرن الـ12 قبل الميلاد).
خط السير
وتحرك الموكب، من المتحف المصري في أقصى شمال ميدان التحرير، والذي كانت تستقر فيه المومياوات منذ أكثر من قرن، مروراً بجنوب الميدان حيث الحديقة الدائرية التي زينت بمسلة الملك رمسيس الثاني، تحيطها 4 كباش تم نقلها من الأقصر، أقصى جنوب مصر، ومن ميدان التحرير، إلى ميدان "سيمون دي بوليفار" في حي غاردن سيتي، ومنه إلى كورنيش النيل في مسافة تصل إلى 7 كيلومترات، وصولاً إلى منطقة الفسطاط، التي تعتبر من أقدم المناطق التاريخية في العاصمة إذ بناها عمرو بن العاص، بعد فتح مصر.
حضور مسؤولين
رافق الموكب، عدد كبير من المسؤولين المصريين، والفنانين، والرياضيين، ونجوم المجتمع، إلى جانب الضيوف الأجانب الذين وجهت إليهم وزارة السياحة والآثار، دعوات لحضور الحدث العالمي، بينهم المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو"، أودري أزولاي، والأمين العام لمنظمة السياحة العالمية، زوراب بولوليكاشفيلي، وسط متابعة من 400 وسيلة إعلام محلية ودولية، بحسب وزير السياحة والآثار.
إجراءات أمن وطرق بديلة
استغرقت الرحلة نحو 40 دقيقة، وشهدت إجراءات أمنية مشددة، إذ أعلنت الحكومة إغلاق محطة مترو الأنفاق في ميدان التحرير، من الساعة 12 ظهراً إلى 9 مساءً (غرينيتش +2)، وأعدت وزارة الداخلية قائمة بالطرق والشوارع البديلة أمام حركة المرور، جراء إغلاق الطرق والشوارع التي يمر بها الموكب.
غلاف نيتروجين
المومياوات نقلت في غلاف يحوي نيتروجيناً، حتى تكون في ظروف مماثلة لتلك التي كانت تُحفظ بها داخل صناديق العرض في المتحف المصري، كما زودت العربات بتجهيزات خاصة لاستيعاب الصدمات.
إشادة
المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، أودري أزولاي، قالت إن نقل المومياوات "نتاج عمل طويل للحفاظ عليها وعرضها بشكل أفضل".
وأضافت، في بيان، مساء الجمعة: "أمام أعيننا يمر تاريخ الحضارة المصرية".
تاريخ المومياوات
واكتُشف معظم المومياوات المنقولة، بالقرب من الأقصر اعتباراً من عام 1881، ولم تغادر المتحف المصري في ميدان التحرير منذ بداية القرن العشرين. ومنذ خمسينيات القرن الماضي، كانت معروضة واحدة بجانب الأخرى، في قاعة صغيرة من دون شرح كاف لكل منها.
متحف الحضارة
المتحف القومي للحضارة المصرية، هو مبنى حديث في مدينة الفسطاط التاريخية بمنطقة مصر القديمة في القاهرة، يفتح أبوابه، الأحد، بعدما فُتح بشكل جزئي في عام 2017. لكن الجمهور لن يتمكن من رؤية المومياوات الملكية إلا اعتباراً من 18 أبريل الجاري، حيث ستُعرض داخل صناديق حديثة مزودة بتقنيات "لضبط درجة الحرارة ومستوى الرطوبة، أكثر تقدماً من الموجودة في المتحف المصري"، بحسب ما قالت لوكالة "فرانس برس" سلمى إكرام، أستاذة المصريات في الجامعة الأميركية بالقاهرة، والمتخصصة في التحنيط.
وستُعرض المومياوات كل منها منفردة الى جانب التابوت الخاص بها، بطريقة تشبه المقابر المدفونة تحت الأرض للملوك، مع نبذة تعريفية عن كل ملك وكل القطع الأثرية المرتبطة به، والدراسات التي أجريت عليها، داخل وسائل عرض حديثة تضع الزائر في رحلة خاصة مع المومياوات.
7 حضارات
المتحف يضم آثار 7 حضارات مرت على مصر، بداية بالعصر الحجري، مروراً بالفرعوني، واليوناني، والروماني، والقبطي، وصولاً إلى العصرين الإسلامي، والحديث.
موكب سابق
وشهدت مصر منذ 140 عاماً، احتشاد المواطنين على ضفتي نهر النيل في صعيد مصر لمدة 3 أيام لوداع أهم ملوك مصر القديمة، خلال مرور موكب المومياوات الملكية من الأقصر إلى متحف بولاق في القاهرة.