جهاد الأطرش: "جريندايزر" العائد بعد غياب يحمل القيم نفسها

time reading iconدقائق القراءة - 6
الممثل اللبناني جهاد الأطرش أمام مجسّم جريندايزر في معرض الكتاب بجدة - الشرق
الممثل اللبناني جهاد الأطرش أمام مجسّم جريندايزر في معرض الكتاب بجدة - الشرق
الرياض-حسن رحماني

لعلّ أكثر ما علق في ذاكرة جيل الثمانينات هو صوت "دوق فليد" بصرخاته المميزة التي أدّاها الممثّل اللبناني القدير جهاد الأطرش، في المسلسل الأشهر "مغامرات الفضاء - جريندايزر".

المسلسل الذي حقّق نجاحاً منقطع النظير في العالم العربي، تمّت دبلجته إلى العربية بين عامي 1978 و1979، وعُرِض في بداية الثمانينات، فحظي بشعبية كبيرة لم يحظ بها في نسخته الأصلية اليابانية.

وعلى خلفية الانتشار الكبير لـ "جريندايزر"، "أطلقت "مانجا العربية" التابعة لـ (SRMG) أخيراً لعبة "مغامرات الفضاء جريندايزر"، لتعيد إلى ذاكرة جيل الثمانينات، صرخة "الدوق فيلد" الشهيرة.

"الشرق" التقت الفنان جهاد الأطرش أو "دوق فليد"، صاحب التجربة الفنية الممتدّة لأكثر من 62 عاماً، والموزعّة بين الإذاعة والتلفزيون، وفتحت معه ملف "جريندايزر"، واستعادت برفقته ذكريات المرحلة.

"جريندايزر.. انطلق"

دعنا نبدأ من المحطة الرئيسة التي عرفك الكثير من خلالها "جريندايزر"، فقد مضى خمسة عقود منذ إطلاق النسخة العربية منه ومع كل ما تملكه من تجربة إعلامية وفنية في الإذاعة والتلفزيون، ما زالت شخصية "الدوق فليد" هي الأيقونة الملتصقة بك.

صحيح، وهذا الأمر ربما يعود إلى محبة الناس واهتمامهم بالشخصية التي تمثّل الخير والبطولة والشهامة.

كذلك هناك قيمة العلم أيضاً، فكوكب فليد كما أشير إليه دائماً، هو كوكب متطوّر علمياً، أنتج هذه الآلة "جرايندايزر" التي لم يهزمها أي تطوّر علمي آخر، وأركز هنا على الدكتور "آمون" الذي كان يمثّل دور العلم وأهميته في الدفاع عن الخير، فالطفل الذي أحبّ "جرايندايزر" هو في الحقيقة أحب وأعجب بثمرة العلم المتطوّرة والخيّرة، فضلاً عن قيمة الوطن.

إن شخصية "الدوق فليد" الذي أصبح "دايسكي" أحبّ الأرض، وأصبحت له وطناً، فأصبح يدافع عنها. هذه قيمة مهمة نزرعها في نفوس الأطفال، للتعلق بالوطن والدفاع عنه، والتضحية من أجله، وأستطيع القول إن "جرايندايزر" كان يلخّص قيمة الحق والعدل والعلم.

عُرض المسلسل في 74 حلقة قبل نحو 50 عاماً ماذا عن تلك الفترة؟ 

لم تكن سهلة بالنسبة للمشرفين على إنتاج "جرايندايزر"، فعندما دمّر الأعداء "كوكب فليد" في الرواية، كنا نستشعر وكأنها "نكبة فلسطين"، وما زاد هذا الشعور أننا في لبنان كنا نعيش بدايات الحرب الأهلية، كنا نذهب للعمل تحت القصف، وكنا نعيش الحرب في الواقع، وفي مشاهد المسلسل.

كيف كنتم تعملون في ظل غياب التقنية؟

كان الدوبلاج حينذاك يعتمد على ما يسمّى بالمشهد، كنا في ذلك الوقت نقف عشرة ممثلين إذا كان المشهد يتطلب ذلك، لتأدية الأصوات، وإذا حدث خطأ بسيط، حتى لو كان في آخر حرف، كنّا نضطر لإعادة المشهد من بدايته.

كانت تستغرقنا دبلجة الحلقة الواحدة من ثلاثة إلى أربعة أيام، قبل عملية المونتاج والميكساج، أما اليوم وفي ظل وجود التقنية، يستطيع كل ممثل أن يؤدي المهمّة المسندة إليه بمفرده. 

كيف كان يتم اختيار الأصوات وماذا عن المعايير المطلوبة آنذاك؟

 حُشدت أصوات مهمة للعمل، والركيزة الأساسية التي تم الاختيار على أساسها هي جدارة الممثّل وقوّة أدائه ومدى استيعابه للشخصية. كان الممثل يستنفر إحساسه وشعوره ليُخرج أفضل ما لديه، وساعدنا كثيراً أننا في الأصل كنا ممثلين إذاعيين نعتمد على الصوت بشكل كامل.

هل توقعتم النجاح الكبير الذي حقّقه العمل في الدول العربية؟

عندما بدأ العرض، لاحظنا وجود طبقات اجتماعية مختلفة تتابع العمل، ومن أعمار مختلفة. أعتقد أن الموضوع كان شائقاً، وكانت هناك براعة في حبك القصة، حتى اليابانيين أنفسهم كانوا يعتبرون "جريندايزر" محطّة مهمّة جداً لهم، توالت بعدها الأعمال اليابانية على لبنان من أجل الدبلجة.

بين الأمس واليوم

ما الذي تغيّر في قطاع الدبلجة بين الأمس واليوم؟

تغيرّت أشياء كثيرة، إذ يعد هناك مسؤولية تجاه ما يقدّمونه للأطفال اليوم. كانت توجد في السابق معايير لا يمكن أن نتجاوزها، قيمة الإنسانية وقيمة الخير هي الأساس.

للأسف ما يُعرض اليوم يسهم في تنمية العنف في نفوس الأطفال، لم يكن هذا العنف موجوداً في المجتمعات قبل 50 سنة، أصبحنا نسمع اليوم في دول كثيرة عن حالات انتحار نتيجة هذا العنف.

هل كنتم تتدخّلون مع المنتج أو الكاتب لدواعي تعديل النص؟

نعم سواء على مستوى اللغة أو المحتوى، كنا نراقب الكلمة بحذر، ونحذف ما لا يصلح أن يقال للأطفال من كلمات جارحة أو مسيئة أحياناً. كنا نحرص على اختيار الكلمات بدقّة، فمثلاً لا يصحّ أن يخاطب الرجل زوجته أمام أبنائه بقوله (أنت كاذبة)، كنا نحاول استبدال الكلمة غير المناسبة بكلمة مرادفة، ونبتعد عن الألفاظ العامّية.

كشفت "مانجا العربية" التابعة لـ(SRMG) "عن إطلاق "مغامرات الفضاء جريندايزر"، كيف شعرت إزاء هذه العودة وخصوصاً أنك تتولى الدور نفسه؟

ما أبهجني حقاً أن شخصية "الدوق فليد" ما زالت على خطها المعهود، المعروف بالخير، ولو كانت غير ذلك كنت سأعتذر عن التسجيل. أعتبر هذه العودة بمثابة الجائزة التي حصلت عليها بعد كل هذه السنوات، فأنا لم أضع صوتي على مسلسل كرتوني بعد "جراندايزر" إطلاقاً، وذلك لأني أحببت "جراندايزر" وأخلصت له.

تصنيفات

قصص قد تهمك