رحيل حسين ماضي.. فن ازدهر بين جنوب لبنان وروما

time reading iconدقائق القراءة - 5
الفنان اللبناني الراحل حسين ماضي. - markhachem.com
الفنان اللبناني الراحل حسين ماضي. - markhachem.com
دبي-الشرق

رحل الفنان المخضرم حسين ماضي، التشكيلي والرسام والنحات اللبناني، الذي يعدّ أحد أبرز الفنانين التشكيليين في الشرق الأوسط، عن عمر ناهز 85 عاماً، الخميس، في منزله في بيروت.

 عاصر ماضي حركات وتيارات فنية في روما وباريس وبيروت، وارتكز فنه على نهج هندسي وقوالب تقوم على التكرار والتفاعل، إذ كان يبني لوحاته على الانتظام والانضباط كما لو كان يبني شبكة مترابطة متفاعلة، وهو قال في أحد معارضه: "إن التكرار في لوحاتي هو عن قصد، فهذه وسيلة لتكريم الخالق".

رسم ماضي الطيور والنساء وغيرها من الأشكال بزوايا ودوائر متساوية وحادّة، تقوم على التكرار إلى ما لا نهاية، ما يولد انطباعاً بالحركة والدينامية داخل اللوحة.

وقال في مقابلة مع صحيفة "أوريون لو جور" اللبنانية عام 2019، "هذا هو سر الخلق الذي ألهم فني. هناك وحدة في البداية تتكاثر مع الاختلافات: النوع والعدد واللون والأبعاد. فالأشياء كلها التي تولد وتموت، تستجيب لهذه الفئات الأربع".

ما يبرّر اتجاهات الفنان الروحانية في اللوحة، انشغاله في مراحل التأسيس بالتراث الحضاري المشرقي، وباكتشاف جوهر التراث العربي الإسلامي، إذ اختار موضوع أطروحته للدراسات العليا بعنوان "منشأ وتطوّر الخط العربي، الخط العربي فن قائم بذاته". ونال عليها درجة 29 من 30، (ممتاز) عام 1968.

يشرح ماضي فلسفته قائلاً: "من وجهة نظري، فإن أفضل مصدر للمعرفة الفنية يبدأ بالفهم العميق للعناصر التي نواجهها، سواء كانت طبيعة أو  إنساناً أو حيواناً". 

"الطبيعة معلمتي"

ولد حسين ماضي في بلدة شبعا الحدودية جنوب لبنان عام 1938. تأثّر بجده المزارع أثناء رحلاته معه في كنف الطبيعة، واستلهم من جمال المساحات الخضراء الكثير من أشكال لوحاته، وقال في حديث صحفي: "إن الطبيعة معلمتي، إنها مبدأ هندسي حسابي، فكل شيء في الكون مرسوم بالخطين، المستقيم والمنحني، ومبدأ التكوين، ثابت لا يتغير على مرّ الزمن". 

أضاف: "الجميع يرون الطبيعة، لكن الكثيرين لا يتقنون قراءتها، ولا يتمكنون من الدخول إلى معانيها، لأن الله خلقها قبل الإنسان". 

روما.. حلم الدراسة

 التحق ماضي بالأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (ألبا) في سن 18، وذلك رغماً عن والديه، ومن أجل إعالة نفسه ودفع الرسوم الدراسية، كان عليه أن يعمل رساماً كاريكاتورياً في صحف عدّة، مثل "دار الكفاح" وصحيفة "اليوم"، ثم في بغداد.

بعد فشله في الحصول على منحة دراسية في روما، غادر لمدة شهرين في زيارة خاصة، وبقي هناك لمدة 22 عاماً. التحق بأكاديمية الفنون الجميلة في روما عام 1963، وتم قبوله بعد فترة تجريبية مدتها شهرين، كما سُمح له بتخطّي السنة الأولى.

عام 1965 منحت وزارة التربية اللبنانية ماضي منحة دراسية لمواصلة دراسته في روما. نال جائزة النحت، وحصل حينها على 70 ألف ليرة لبنانية. كما شارك في صالون الخريف الذي نظّمه متحف سرسق، وحصل على جائزته الأولى.

يقول ماضي في حوار مع الروائي شاكر نوري: "إيطاليا صقلت ثقافتي الفنية. لم أتابع أي مدرسة أكاديمية، أو أنكب على دراسة كتب الفن، بل كنت أتعلم وأكتسب من التردّد على الغاليريهات والمتاحف، لكي أنمّي رؤيتي البصرية".

يضيف: "تعلّمت أيضاً كيف أتذوّق الموسيقى والأوبرا والمسرح، واكتشفت روما، حيث بقيت فيها نحو 20 عاماً، كما تعرّفت إلى روح تلك المدينة، وصغت علاقات مع الشوارع والساحات والنصب والتماثيل والمتاحف والكاتدرائيات".

العودة إلى الوطن

خلال إقامته في روما، واظب ماضي على زيارة بيروت كل صيف، لتنظيم معارض في صالات العرض المحلية. وبين أعوام 1972و 1987، قام ماضي بالتدريس في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية.

جاءت عودة الراحل الأخيرة إلى بيروت عام 1986، بعد أن أصبح فناناً متعدد المواهب، يتقن مجموعة من الوسائط والتقنيات في الرسم والنحت والفسيفساء واللوحات الجدارية والفنون التخطيطية.

تصنيفات

قصص قد تهمك