الولايات المتحدة تهيمن على واردات الأسلحة لدول "الناتو" في أوروبا

time reading iconدقائق القراءة - 6
طائرة مقاتلة من طراز F-35 خلال مشاركتها في معرض برلين الدولي للفضاء بألمانيا. 5 يونيو 2024 - Reuters
طائرة مقاتلة من طراز F-35 خلال مشاركتها في معرض برلين الدولي للفضاء بألمانيا. 5 يونيو 2024 - Reuters
دبي-الشرق

كشفت بيانات جديدة أن نحو ثلثي الأسلحة التي استوردتها الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) خلال السنوات الخمس الماضية، تم إنتاجها من قِبَل الولايات المتحدة، ليؤكد البحث الذي أجراه معهد ستوكهولم لأبحاث السلام (SIPRI)، اعتماد القارة العميق على الأسلحة الأميركية في الوقت الذي تسعى فيه لتحقيق استقلاليتها في شؤون الدفاع، وفق صحيفة "فاينانشيال تايمز".

وتضاعفت واردات الأسلحة من الدول الأوروبية بأكثر من الضعف بين عامَي 2020 و2024 مقارنة بالسنوات الخمس السابقة، حيث اضطرت المنطقة للتعامل مع الحرب الروسية الأوكرانية في عام 2022، وفقاً لبيانات المعهد التي أظهرت أن الولايات المتحدة قدمت 64% من هذه الأسلحة، ارتفاعاً من 52% بين عامَي 2015 و2019.

أوروبا تبحث عن الاستقلالية

وقال ماثيو جورج، مدير برنامج نقل الأسلحة في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام في تصريحات لـ"فاينانشيال تايمز"، إن الدول مضت قدماً في قرارات شراء الأسلحة الأميركية على الرغم من الدعوات العامة "لاتخاذ خطوات للحد من اعتمادها على واردات الأسلحة وتعزيز صناعة الأسلحة في أوروبا".

وتؤكد الأرقام حجم التحدي الذي يواجه القادة الأوروبيين وهم يسعون إلى الحد من اعتمادهم العسكري على الولايات المتحدة، حيث طالب الرئيس دونالد ترمب أوروبا بأن تتحمل مسؤولية أكبر عن أمنها.

ورغم أن الحلفاء في "الناتو" كانوا يتطلعون إلى تعزيز قدراتهم منذ الحرب الروسية الأوكرانية قبل 3 سنوات، فإن عودة ترمب إلى البيت الأبيض أضافت زخماً جديداً.

وأقرَّ زعماء الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي مبادرات تمويل دفاعية جديدة اقترحتها بروكسل، بما في ذلك أداة من شأنها أن توفر 150 مليار يورو في شكل قروض لعواصم لإنفاقها على القدرات العسكرية.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الأحد، إنها تريد استخدام القروض للحد من الاعتماد على الأسلحة التي يتم شراؤها من خارج الكتلة.

وأضافت فون دير لاين أنه "من المهم للغاية" أن يتم استخدام الميزانية لتحقيق "البحث والتطوير والوظائف الجيدة هنا في أوروبا".

خلافات داخلية

وأصبح الصندوق الذي تبلغ قيمته 150 مليار يورو نقطة خلاف جديدة في معركة طويلة الأمد بين فرنسا وألمانيا بشأن حملة إعادة تسليح القارة وما إذا كان ينبغي أن يشمل دولاً خارج الكتلة.

وتعتقد رئيسة المفوضية أن من المهم التحلي بـ"الذكاء" والحفاظ على علاقات جيدة مع النرويج والمملكة المتحدة.

وردد المسؤولون التنفيذيون في قطاع الصناعات الدفاعية الأوروبي دعوات إلى تقليل الاعتماد على الموردين غير الأوروبيين من أجل تعزيز مرونة القطاع، وذلك في ظل مخاوف متزايدة من أن الولايات المتحدة قد تقرر حتى حجب الدعم الضروري لأنظمة الأسلحة الرئيسية، مثل طائرة F-35 المقاتلة المتقدمة.

وقال الباحث في معهد SIPRI بيتر ويزمان، إنه في مواجهة "روسيا العدوانية بشكل متزايد والضغوط عبر الأطلسي خلال ولاية ترمب الأولى، اتخذت دول الناتو الأوروبية خطوات للحد من اعتمادها على واردات الأسلحة وتعزيز صناعة الأسلحة الأوروبية".

وشدد على "الجذور العميقة" لعلاقة الأسلحة بين أوروبا وواشنطن، مشيراً إلى أن عواصم الناتو الأوروبية لديها "ما يقرب من 500 طائرة مقاتلة والعديد من الأسلحة الأخرى لا تزال تحت الطلب من الولايات المتحدة".

وخلال فترة ما بعد الحرب الروسية الأوكرانية، أنفقت الحكومات الأوروبية بسخاء على الأسلحة الأميركية باهظة الثمن، واعتبرت هذا ثمن الحفاظ على التزام واشنطن بأمن القارة.

واشنطن ترسخ صدارتها

في وقت سابق الشهر الماضي، قال وزير الدفاع البولندي فلاديسلاف كوسينياك كاميش، للصحفيين: "يجب على أوروبا أن تستثمر أكثر في الأمن للحفاظ على وجود الأميركيين في أوروبا، وليس استبدالهم".

وأضاف كاميش أن "سياسة التأمين" هذه من شأنها أن تظهر للإدارة الجديدة أنها تلبي الشرطَين اللذين يشدد عليهما ترمب بشكل متكرر مقابل الدعم الأميركي، رفع الإنفاق الدفاعي و"الفائدة الاقتصادية المتبادلة للأعمال التجارية الأميركية".

كما أكد التحليل السنوي الذي أجراه معهد ستوكهولم الدولي للأسلحة على كيفية ترسيخ الولايات المتحدة لمكانتها كأكبر مصدر للأسلحة في العالم، حيث زادت حصتها من الصادرات من 35% إلى 43% خلال فترة السنوات الخمس.

وفي الوقت نفسه، أصبحت أوكرانيا أكبر مستورد للأسلحة الرئيسية في العالم خلال تلك الفترة الزمنية، حيث ارتفعت الواردات بنحو 100 مرة مع سعي البلاد إلى صد القوات الروسية.

ولأول مرة منذ عقدين من الزمان، ذهبت أكبر حصة من الأسلحة الأميركية إلى أوروبا.

وأشار معهد ستوكهولم الدولي للأسلحة إلى أن الولايات المتحدة ظلت المورد المفضل لقدرات الضربات بعيدة المدى المتقدمة مثل الطائرات المقاتلة.

تراجع الصادرات الروسية

وأظهرت البيانات أيضاً أن أكبر 10 مصدرين للأسلحة في السنوات الخمس الماضية كانوا نفس أولئك في الفترة السابقة، لكن روسيا تراجعت إلى المركز الثالث خلف فرنسا مع انخفاض الصادرات، فيما قفزت إيطاليا من المركز العاشر إلى المركز السادس.

وانخفضت صادرات الأسلحة الروسية بنسبة 64% بين عامَي 2015 و2019، وبين عامَي 2020 و2024، حيث "سرَّعت" حرب أوكرانيا من تراجع قدرة موسكو على تصدير الأسلحة.

ولفت ويزمان إلى أن هذا يرجع إلى حاجة روسيا إلى الاحتفاظ بمزيد من إنتاجها المحلي لاستخدامه في ساحة المعركة، فضلاً عن تحدي العقوبات والضغوط الغربية على الدول الأخرى لعدم الشراء من موسكو.

ووفقاً للبحث، فإن ثلثي صادرات الأسلحة الروسية ذهبت إلى الهند والصين وكازاخستان.

وانكمشت واردات الصين من الأسلحة بنسبة 64% بين الفترتين حيث استبدلت البلاد بشكل متزايد الواردات، وخاصة من روسيا، بأنظمة أسلحة مصممة ومنتجة محلياً.

ومن المرجح أن تستمر واردات الصين من الأسلحة في الانخفاض مع نمو قدرة صناعة الأسلحة المحلية، وفقاً لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام.

تصنيفات

قصص قد تهمك