
مع إعلان ترشحه في انتخابات الرئاسة الأميركية، تعهد دونالد ترمب، ببناء منظومة دفاعية لحماية سماء الولايات المتحدة على غرار "القبة الحديدية" في إسرائيل.
النظام الدفاعي المُسمى بـ"القبة الذهبية"، يهدف لحماية الولايات المتحدة من الهجمات الصاروخية، واعتراضها على عدة مراحل، في ظل تنافس تسليح محموم بين واشنطن وبكين وموسكو.
وظهر ترمب، قبل أيام، في البيت الأبيض، وبجانبه ملصق يُظهر خريطة الولايات المتحدة مطلية باللون الذهبي مع رسومات فنية لاعتراض صواريخ، وقال إن "هذا التصميم سيتكامل مع قدراتنا الدفاعية الحالية، وسيكون جاهزاً قبل نهاية ولايتي، أي في غضون ثلاث سنوات ستكون القبة قادرة على اعتراض الصواريخ، سواء أُطلقت من مسافات بعيدة، أو من الفضاء".
وعلى الرغم من تقدير ترمب أن تكلفة بناء المنظومة الدفاعية ستبلغ 175 مليار دولار، فقد حذّر مكتب الميزانية في الكونجرس من أن تكلفة نشر وتشغيل مكوناتها الفضائية وحدها قد تصل إلى 542 مليار دولار خلال العشرين عاماً المقبلة.
وأكد ترمب، أن هذا النظام سيتم صناعته بالكامل في الولايات المتحدة، لأنه يعكس القوة الأميركية والتفوق التكنولوجي لبلاده"، معتبراً أن القبة الذهبية الأميركية ستكون أكثر تطوراً من تلك التي تملكها إسرائيل، في إشارة إلى "القبة الحديدية".
هل تحتاج أميركا للقبة الذهبية؟
شركة Aerospace، التي تقود الأساس التقني للهندسة المعمارية لـ"قبة ذهبية متكاملة ومرنة ومُحسنة بالكامل"، إنه مع تطور التهديدات العالمية، يُمثل مشروع الدفاع الصاروخي "القبة الذهبية" درعاً واقياً للولايات المتحدة من الهجمات الجوية المتطورة.
وأضافت أن هذه المبادرة تضمن نظام دفاع صاروخي آمناً وفعالاً، يعتمد على الرادارات الأرضية، وأجهزة الاستشعار الفضائية، والصواريخ الاعتراضية، والقدرات السيبرانية.
وتعمل شركة Aerospace على ضمان قدرة "القبة الذهبية" على التكيف والتوافق مع التغيرات المستقبلية في مواجهة التهديدات الناشئة.
ومن خلال تجاوز التحديات التقنية والتنظيمية المعقدة، قالت شركة Aerospace إنها عامل رئيسي في تمكين بنية "القبة الذهبية" التي تسعى إلى توفير إنذار عالمي دقيق وآني للصواريخ، وتتبعها، والدفاع ضدها، بما يخدم الأمن القومي للولايات المتحدة.
كيف تحمي أميركا سمائها؟
تمتلك الولايات المتحدة بالفعل واحدة من أكثر أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي تقدماً وتنوعاً في العالم، والتي تحمي من التهديدات المختلفة التي تتراوح من الطائرات المعادية إلى الصواريخ الباليستية، وفق موقع Army Recognition.
ويتألف هذا النظام من أصول برية وبحرية وفضائية تعمل معاً للكشف عن التهديدات المحتملة وتتبعها وتحييدها.
ويعتبر نظام الدفاع الأرضي في منتصف المسار (GMD) هو الدفاع الأساسي للولايات المتحدة ضد الصواريخ الباليستية العابرة للقارات بعيدة المدى (ICBMs)، التي يطلقها خصوم مثل كوريا الشمالية والصين وروسيا.
وتم نشر النظام في ألاسكا وكاليفورنيا، مع 44 صاروخاً اعتراضياً مصمماً للتعامل مع التهديدات القادمة من خارج الغلاف الجوي للأرض أثناء الطيران.
ومع ذلك، تعرض نظام الدفاع الأرضي في منتصف المسار لانتقادات؛ بسبب نتائج الاختبارات غير المتسقة والقدرة المحدودة ضد الصواريخ أو الطعوم الواردة المتعددة.
وجرى نشر نظام الدفاع الصاروخي الباليستي (Aegis BMD) على المدمرات والطرادات التابعة للبحرية الأميركية، ويمكنه اعتراض الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى.
ويستخدم النظام، صواريخ اعتراضية من طراز SM-2 وSM-3 وSM-6 ، وهو أمر بالغ الأهمية للدفاع عن الأسطول الأميركي والحلفاء الرئيسيين مثل اليابان وكوريا الجنوبية.
وتعمل منشآت Aegis Ashore في رومانيا وبولندا كمواقع دفاع صاروخي برية ضد التهديدات الإقليمية.
وفي الوقت نفسه، تم تصميم نظام الدفاع الصاروخي للمناطق ذات الارتفاعات العالية الطرفية THAAD لاعتراض الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى في مرحلتها النهائية قبل الاصطدام.
ويتم نشره في مواقع مثل جوام وكوريا الجنوبية والبر الرئيسي للولايات المتحدة، ما يوفر حماية إضافية للمنشآت العسكرية الرئيسية.
وعلى عكس "القبة الحديدية" الإسرائيلية، لا يتصدى نظام THAAD للتهديدات قصيرة المدى مثل الطائرات المسيرة والمدفعية.
ويُستخدم نظام (Patriot Advanced Capability-3 PAC-3 ) على نطاق واسع للدفاع ضد الصواريخ الباليستية التكتيكية وصواريخ كروز والطائرات المعادية.
وتم نشر صواريخ Patriot في أوروبا والشرق الأوسط ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، لمواجهة التهديدات من الخصوم مثل إيران وكوريا الشمالية.
ومع ذلك، لا تزال فعاليتها ضد الصواريخ الأسرع من الصوت مصدر قلق.
وبالنسبة للدفاع الجوي قصير المدى، يتم استخدام نظام الصواريخ أرض-جو المتقدم الأميركي NASAMS للدفاع عن العاصمة واشنطن والمواقع الرئيسية، ضد صواريخ كروز والطائرات بدون طيار والطائرات.
ويوفر نظام Avenger، المثبت على مركبات Humvee، حماية متنقلة على ارتفاعات منخفضة ضد الطائرات بدون طيار والمروحيات.
وبعيداً عن الدفاعات الأرضية، يوفر نظام الأشعة تحت الحمراء الفضائي (SBIRS) تحذيراً مبكراً من الصواريخ، من خلال اكتشاف التوقيعات الحرارية من عمليات الإطلاق حول العالم.
وستعمل أجهزة الاستشعار الفضائية المستقبلية للتتبع الأسرع من الصوت والصواريخ الباليستية (HBTSS) على تعزيز تتبع واستهداف الأسلحة الأسرع من الصوت.
ما هي مكونات "القبة الذهبية"؟
تهدف التوجيهات الجديدة التي أصدرها ترمب، إلى إنشاء نظام دفاعي أكثر شمولاً، يتجاوز الدفاعات الإقليمية والاستراتيجية القائمة حالياً.
وعلى النقيض من "القبة الحديدية" الإسرائيلية، المتخصصة في اعتراض الصواريخ قصيرة المدى والمدفعية، من المتوقع أن تتناول نسخة ترمب الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الأسرع من الصوت وصواريخ كروز بعيدة المدى.
وقد يتضمن النظام أسلحة طاقة موجهة (بالليزر) وصواريخ اعتراضية فضائية لتحييد التهديدات في وقت مبكر. وتركز الدفاعات الحالية على المنشآت العسكرية والمواقع الاستراتيجية.
وقد يتضمن اقتراح ترمب أنظمة دفاع جوي محلية للمدن الكبرى مثل نيويورك ولوس أنجلوس والعاصمة واشنطن.
كما يمكن أن تتضمن الخطة دمج الذكاء الاصطناعي وشبكات الرادار المتقدمة، للكشف عن التهديدات الواردة وتحييدها بشكل أسرع.
كيف تعمل "القبة الذهبية"؟
موقع First Post، قال إنه من المقرر أن تعمل القبة الذهبية عبر أربع مراحل رئيسية من رحلة الصاروخ: مرحلة ما قبل الإطلاق، ومرحلة التعزيز، ومرحلة منتصف المسار، ومرحلة الهبوط النهائي.
ويهدف المفهوم إلى تحييد التهديدات في أي نقطة في مسارها، وهو ما من شأنه أن يوفر درعاً واسع النطاق ضد مجموعة متنوعة من الهجمات الصاروخية، بما في ذلك الأنظمة الأسرع من الصوت المتقدمة التي تطورها الصين وروسيا.
ولقيادة هذا المسعى، عيّن ترمب مايكل جيتلين، نائب رئيس عمليات الفضاء حالياً، للإشراف على تنفيذ البرنامج وتطويره.
وسيتم استخلاص مكونات "القبة الذهبية" من أنظمة الدفاع الصاروخي الأميركية الحالية، بما في ذلك بطاريات صواريخ Patriot، ونظام THAAD، ونظام Aegis للدفاع الصاروخي الباليستي، ونظام الدفاع الأرضي في منتصف المسار (GMD).
ولطالما شكلت هذه الأنظمة العمود الفقري للدفاع الأميركي ضد تهديدات الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز.
ومع ذلك، ستُميز "القبة الذهبية" صواريخها الاعتراضية الفضائية، وهو "تطور ثوري" من شأنه أن يُطلق أسلحة جديدة إلى المدار.
وقد تشمل هذه الأسلحة، أنظمة طاقة موجهة، مثل الليزر، قادرة على تدمير الصواريخ بعد إطلاقها بفترة وجيزة.
مخاطر محتملة؟
ذكر مركز أبحاث "تشاتام هاوس" البريطاني، أن السعي وراء القبة الذهبية ينطوي على مخاطرة بإعطاء الأولوية لنظام باهظ الثمن بقدرات غير مثبتة على قدرات أكثر إلحاحاً وقابلية للتحقيق، مثل تحسين الدفاعات الصاروخية الإقليمية والمرونة السيبرانية لمواجهة التهديدات الناشئة مثل الطائرات بدون طيار.
وللخطة أيضاً عواقب استراتيجية خطيرة محتملة. فالنظام الذي يطمح إلى جعل الولايات المتحدة محصنة ضد الهجمات الصاروخية سينظر إليه خصومها بالتأكيد على أنه محاولة لتقويض منطق الردع النووي. وإذا ما اعتُبرت واشنطن بصدد تطوير درع يمكنه يوماً ما تحييد ضربة نووية انتقامية، فإنها تخاطر بإشعال سباق تسلح عالمي خطير.
وسبق لبكين وموسكو أن انتقدتا مشروع القبة الذهبية، واصفتين إياه بأنه "مزعزع للاستقرار بشكل كبير"، وقد تردّان عليه بمجموعة من الإجراءات المضادة، بما في ذلك توسيع ترساناتهما الهجومية أو تطوير أنظمة إطلاق جديدة.
كما أن سباق التسلح هذا قد يحفز نشر أسلحة فضائية في وقت لا يزال فيه الفضاء يعاني من نقص خطير في التنظيم. وبالتالي، قد تُقوّض القبة الذهبية الأمن العالمي، مما يجعل العالم مكاناً أكثر خطورة، بما في ذلك على الولايات المتحدة، وفق المعهد.