سباق التسلح النووي.. الصين الأسرع نمواً وأكبر المخزونات لدى أميركا وروسيا

معهد ستوكهولم لأبحاث السلام: إسرائيل تسارع في تحديث ترسانتها

time reading iconدقائق القراءة - 11
رأس "تيتان" النووي في منشأة تصنيع أسلحة نووية بولاية أريزونا الأميركية. 12 مايو 2015 - AFP
رأس "تيتان" النووي في منشأة تصنيع أسلحة نووية بولاية أريزونا الأميركية. 12 مايو 2015 - AFP
دبي -الشرق

حذّر تقرير أصدره معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، الاثنين، من الانزلاق نحو صراع نووي، في ظل مواصلة كافة الدول النووية التسع تقريباً، تحديث برامجها بشكل مكثف في عام 2024، وإضافة إصدارات أحدث، بعد عقود من الهدوء، شهدت تراجعاً في حجم الترسانات النووية حول العالم.

والدول التسع النووية هي الولايات المتحدة، وروسيا، وبريطانيا، وفرنسا، والصين، والهند، وباكستان، إضافة إلى كوريا الشمالية، وإسرائيل. 

ومن إجمالي المخزون العالمي الذي يُقدر بـ12241 رأساً حربياً في يناير 2025، كان هناك حوالي 9614 رأساً في المخزونات العسكرية للاستخدام المحتمل، إذ يُقدر أن 3912 من هذه الرؤوس الحربية، نُشرت مع الصواريخ والطائرات، بينما كان الباقي في مخازن مركزية، بحسب المعهد. 

كما كشف المعهد، أن حوالي 2100 من الرؤوس الحربية المنشورة وُضعت في حالة تأهب تشغيلي قصوى على الصواريخ الباليستية، وكانت جميعها تقريباً مملوكة لروسيا أو الولايات المتحدة، لكن الصين قد تحتفظ الآن ببعض الرؤوس الحربية على الصواريخ خلال أوقات السلم.

ومنذ نهاية الحرب الباردة، تجاوز التفكيك التدريجي للرؤوس الحربية المستخدمة من قبل روسيا والولايات المتحدة عادةً، نشر الرؤوس الحربية الجديدة، ما أدى إلى انخفاض الإجمالي السنوي للمخزون العالمي من الأسلحة النووية، لكن من المرجح أن ينعكس هذا الاتجاه في السنوات المقبلة، مع تباطؤ وتيرة التفكيك، وتسارع نشر الأسلحة النووية الجديدة.

ويُحلل الإصدار الـ 56 من الكتاب السنوي للمعهد، التدهور المستمر للأمن العالمي خلال العام الماضي، فقد استمر الغزو الروسي لأوكرانيا وكذلك الحرب الإسرائيلية على غزة، وأماكن أخرى، ما أدى إلى تفاقم الانقسامات الجيوسياسية، إلى جانب تكاليفها البشرية الباهظة. 

علاوة على ذلك، خلق انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مزيداً من حالة عدم اليقين في أوروبا وخارجها، بشأن الاتجاه المستقبلي للسياسة الخارجية الأميركية وموثوقية الولايات المتحدة كحليف أو مانح أو شريك اقتصادي.

وبالإضافة إلى التغطية التفصيلية المعتادة لقضايا ضبط الأسلحة النووية ونزع السلاح ومنع الانتشار، يقدم الكتاب بيانات وتحليلات حول تطورات الإنفاق العسكري العالمي، وعمليات نقل الأسلحة الدولية وإنتاجها، وعمليات السلام متعددة الأطراف، والنزاعات المسلحة، والتهديدات السيبرانية والرقمية، وحوكمة أمن الفضاء، وغيرها.

الحد من التسلح وسط سباق جديد

وفي مقدمة الكتاب السنوي لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) لعام 2025، حذر مدير المعهد، دان سميث، من التحديات التي تواجه الحد من التسلح النووي واحتمالات نشوب سباق تسلح نووي جديد، إذ أشار إلى أن الحد من التسلح النووي الثنائي بين روسيا والولايات المتحدة دخل في أزمة منذ بضع سنوات، وهو الآن على وشك الانتهاء. 

وأصدر سميث، تحذيراً صارخاً، بشأن مخاطر سباق تسلح نووي جديد، قائلاً: "تشير الدلائل إلى أن سباق تسلح جديد يستعد، وهو ينطوي على مخاطر وعدم يقين أكبر بكثير من السباق السابق". 

وتابع أن التطور والتطبيق السريع لمجموعة من التقنيات، على سبيل المثال في مجالات الذكاء الاصطناعي، والقدرات السيبرانية، والأصول الفضائية، والدفاع الصاروخي، يُعيد تعريف القدرات النووية والردع والدفاع بشكل جذري، مما يُنشئ مصادر محتملة لعدم الاستقرار. 

ولفت إلى أن التقدم في الدفاع الصاروخي ونشر تكنولوجيا الكم في المحيطات قد يكون له تأثير في نهاية المطاف على هشاشة العناصر الرئيسية في الترسانات النووية للدول، ما يزيد خطر اندلاع صراع نووي نتيجة سوء التواصل أو سوء الفهم أو الحوادث التقنية.

وبينما لا تزال معاهدة New Start، آخر معاهدة متبقية للحد من التسلح النووي، والتي تُقيد القوات النووية الاستراتيجية الروسية والأميركية، سارية المفعول حتى أوائل عام 2026، لا توجد أي مؤشرات على مفاوضات لتجديدها أو استبدالها، أو على رغبة أي من الجانبين في ذلك. 

وأصرّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال ولايته الأولى، وحتى الثانية، على أن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يتضمن أيضاً قيوداً على الترسانة النووية الصينية، وهو أمر من شأنه أن يُضيف مستوى جديداً من التعقيد إلى المفاوضات الصعبة أصلاً.

ويشير تجدد النقاشات الوطنية في شرق آسيا وأوروبا والشرق الأوسط، حول الوضع النووي واستراتيجيته إلى وجود إمكانية لدى المزيد من الدول لتطوير أسلحتها النووية الخاصة.

أميركا وروسيا تمتلكان أكبر مخزونات الأسلحة النووية

وتمتلك روسيا والولايات المتحدة معاً، حوالي 90% من جميع الأسلحة النووية، إذ يبدو أن أحجام مخزونات الأسلحة العسكرية لكلٍّ من الدولتين (أي الرؤوس الحربية الصالحة للاستخدام) قد استقرت نسبياً في عام 2024، إلا أنهما تُنفّذان برامج تحديث واسعة النطاق من شأنها أن تزيد من حجم ترساناتهما وتنوعها مستقبلاً.

وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد للحد من مخزوناتهما، فمن المرجح أن يزداد عدد الرؤوس الحربية التي تنشرها الدولتان على الصواريخ الاستراتيجية بعد انتهاء صلاحية معاهدة "ستارت الجديدة" الثنائية لعام 2010، بشأن تدابير زيادة خفض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية والحد منها في فبراير 2026.

ويشهد برنامج التحديث النووي الشامل للولايات المتحدة تقدماً ملحوظاً، لكنه واجه في عام 2024 تحديات في التخطيط والتمويل قد تُؤخر الترسانة الاستراتيجية الجديدة وتزيد كلفتها بشكل كبير، علاوة على ذلك، فإن إضافة أسلحة نووية غير استراتيجية جديدة إلى الترسانة الأميركية سيزيد من الضغط على برنامج التحديث.

ويواجه برنامج التحديث النووي الروسي، تحدياتٍ أخرى، منها فشل في اختبارٍ عام 2024، وتأخير إضافي في إطلاق صاروخ "سارمات" الباليستي العابر للقارات الجديد، وتباطؤ في ترقيات أنظمة أخرى مقارنةً بالتوقعات.

علاوةً على ذلك، لم تتحقق حتى الآن الزيادة في الرؤوس النووية غير الاستراتيجية الروسية التي توقعتها الولايات المتحدة عام 2020.

ومع ذلك، يُرجَّح أن تزداد عمليات نشر الأسلحة النووية الروسية والأميركية في السنوات المقبلة، وستُعزى هذه الزيادة الروسية بشكلٍ رئيسي إلى تحديث القوات الاستراتيجية المتبقية لحمل المزيد من الرؤوس الحربية على كل صاروخ، وإعادة تحميل بعض الصوامع التي فُرِّغت سابقاً. 

أما الزيادة الأميركية، فقد تُعزى إلى نشر المزيد من الرؤوس الحربية على منصات الإطلاق الحالية، وإعادة تنشيط منصات الإطلاق الفارغة، وإضافة أسلحة نووية غير استراتيجية جديدة إلى الترسانة. 

ويدفع المدافعون عن الطاقة النووية في الولايات المتحدة، باتجاه هذه الخطوات، رداً على عمليات النشر النووية الجديدة التي تقوم بها الصين.

الصين الأسرع نمواً في الترسانة النووية

ويُقدّر معهد ستوكهولم، أن الصين تمتلك الآن ما لا يقل عن 600 رأس نووي، إذ تنمو ترسانة الصين النووية بوتيرة أسرع من أي دولة أخرى، بنحو 100 رأس نووي جديد سنوياً منذ عام 2023.

وبحلول يناير 2025، كانت الصين قد أنجزت، أو شارفت على إكمال، حوالي 350 منصة جديدة للصواريخ الباليستية العابرة للقارات في ثلاثة حقول صحراوية واسعة شمال البلاد وثلاث مناطق جبلية شرقها. 

وبناءً على هيكلة قواتها، من المحتمل أن تمتلك الصين عدداً من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات يعادل على الأقل ما تمتلكه روسيا أو الولايات المتحدة بحلول نهاية العقد. 

ومع ذلك، حتى لو وصلت الصين إلى الحد الأقصى المتوقع وهو 1500 رأس نووي بحلول عام 2035، فإن ذلك سيظل يمثل حوالي ثلث المخزونات النووية الحالية لكل من روسيا والولايات المتحدة. 

ورغم أنه لا يُعتقد أن بريطانيا زادت ترسانتها من الأسلحة النووية في عام 2024، إلا أنه من المتوقع أن ينمو مخزونها من الرؤوس الحربية مستقبلاً، بعد أن أكدت مراجعة التحديث المتكاملة لعام 2023 الخطط السابقة لرفع سقف أعداد الرؤوس الحربية. 

وفي عام 2024، واصلت فرنسا برامجها لتطوير غواصة صواريخ باليستية من الجيل الثالث وصاروخ كروز جديد يُطلق من الجو، بالإضافة إلى تجديد وتحديث الأنظمة الحالية، بما في ذلك صاروخ باليستي مُحسّن مع تعديل جديد للرأس الحربي.

ويُعتقد أن الهند قد وسّعت ترسانتها النووية بشكل طفيف مرة أخرى في عام 2024، وواصلت تطوير أنواع جديدة من أنظمة إيصال الأسلحة النووية. 

وقد تكون صواريخ الهند الجديدة canistered missile، والتي يُمكن نقلها برؤوس حربية مُقترنة، قادرة على حمل رؤوس حربية نووية في أوقات السلم، وربما حتى رؤوس حربية متعددة على كل صاروخ، بمجرد أن تصبح جاهزة للتشغيل. 

إسرائيل تحدّث ترسانتها

كما واصلت باكستان تطوير أنظمة إطلاق جديدة وتجميع المواد الانشطارية في عام 2024، ما يُشير إلى أن ترسانتها النووية قد تتوسع خلال العقد المُقبل.

أما كوريا الشمالية فإنها تواصل إعطاء الأولوية لبرنامجها النووي العسكري كعنصر أساسي في استراتيجيتها للأمن القومي. 

ويقدر معهد ستوكهولم، أن بيونج يانج جمعت الآن حوالي 50 رأساً حربياً، وتمتلك ما يكفي من المواد الانشطارية لإنتاج ما يصل إلى 40 رأساً حربياً إضافياً، وتعمل على تسريع إنتاج المزيد من المواد الانشطارية. 

وفي يوليو 2024، حذر مسؤولون كوريون جنوبيون، من أن كوريا الشمالية في "المراحل النهائية" من تطوير سلاح نووي تكتيكي، إذ في نوفمبر 2024، دعا الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونج أون، إلى توسيع "لا حدود له" للبرنامج النووي للبلاد.

وبالنسبة لإسرائيل، الدولة التي لا تعترف علناً بامتلاكها أسلحة نووية، فقد كشف التقرير أنها تعمل على تحديث ترسانتها النووية.

وفي عام 2024، أجرت تجربة على نظام دفع صاروخي قد يكون مرتبطاً بصواريخ "أريحا" الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية، كما يبدو أن إسرائيل تعمل على تحديث موقع مفاعل إنتاج البلوتونيوم في مفاعل "ديمونا".

تصنيفات

قصص قد تهمك