
اختارت الولايات المتحدة الاعتماد على تكنولوجيا من فرنسا لتجهيز قطاع استراتيجي من أسطولها البحري المستقل، إذ وقعت عقداً مع شركة Exail المتخصصة في الملاحة بالقصور الذاتي، لتسليم 100 نظام Phins Compact مُخصص للغواصات المسيرة (UUVs).
واعتبر موقع "Army Recognition" أن هذه الخطوة تهدف إلى تحسين أداء وموثوقية واستقلالية المهام البحرية التي يجري تنفيذها دون تدخل بشري، خاصة في البيئات التي تشهد نزاعات متزايدة.
ومن المتوقع أن تلعب الغواصات المسيرة دوراً محورياً في العمليات البحرية المستقبلية، بما في ذلك الاستطلاع السري، ومراقبة البنية التحتية الحيوية، وكشف الألغام وإبطال مفعولها، ورسم خرائط قاع البحر، والحرب ضد الغواصات.
ولضمان فاعلية هذه المهام، خاصة في حال انقطاع إشارات نظام الملاحة العالمي (GNSS) أو تعطلها، يجب أن تكون هذه المنصات قادرة على التنقل وتحديد مواقعها بشكل مستقل، وهذه تحديداً هي الإمكانية التي يوفرها نظام Phins Compact INS من شركة Exail.
ويعتمد النظام على جيروسكوبات الألياف الضوئية، ولا يحتوي على أجزاء متحركة، ما يجعله صامتاً، ومقاوماً للصدمات، ومحصنّاً إلى حد كبير ضد التداخل الكهرومغناطيسي أو الصوتي.
ويوفر دقة ملاحة دون مترية، ويمكنه توجيه غواصة مسيرة لعدة ساعات دون انحراف يُذكر.
تطوير عمليات البحرية الأميركية
يسمح تصميم هذا النظام وتوافقه مع معايير الاتصالات مثل Ethernet وCAN بالتكامل السريع عبر منصات مختلفة، بما في ذلك الأنظمة الحالية، مع الحد الأدنى من التعديلات الهيكلية.
ومن منظور القدرات، يساعد اعتماد هذا الحل البحرية الأميركية على تطوير عملياتها المستقلة تحت الماء.
ومن خلال تمكين الملاحة الدقيقة والموثوقة التي لا تعتمد على بنية تحتية خارجية، تُوسّع هذه الأنظمة نطاق العمليات بشكل كبير، حتى في الأعماق أو في بيئات الاتصالات المتدهورة.
كما تُعزز هذه الأنظمة القدرة على مواجهة الحرب الإلكترونية، وهو مصدر قلق متزايد في مسارح العمليات البحرية المعاصرة.
وتساهم العوامل اللوجستية أيضاً في قيمة النظام؛ فانخفاض استهلاكه للطاقة، بالإضافة إلى متوسط زمن ثابت بين الأعطال يتجاوز 100 ألف ساعة، يُساعد على تقليل وتيرة الصيانة وإطالة فترة التشغيل.
ويعكس هذا العقد جهداً أوسع نطاقاً للولايات المتحدة لتنويع قاعدتها التكنولوجية، بما يتجاوز قيود لوائح تنظيم تجارة الأسلحة الدولية (ITAR)، من خلال الحصول على حلول موثوقة من الدول الحليفة.
ولعب توافر نسخة من اتفاقية Phins، خالية من لوائح تنظيم تجارة الأسلحة الدولية (ITAR)، دوراً مهماً في اتخاذ القرار، إذ سهّل دمجها في البرامج الحساسة مع تقليل التبعية التنظيمية.
ومع مرور الوقت، قد يُمهد هذا الاستحواذ الطريق لتعاون تكنولوجي مُوسع بين شركة Exail، وجهات الدفاع الأميركية، سواء في الأنظمة المُدمجة، أو في برامج الغواصات المسيرة التعاونية المُستقبلية.
وبالنسبة للولايات المتحدة، يُمثل هذا استثماراً مركزاً في الاستقلالية تحت الماء، في وقت تكتسب فيه حرب الغواصات والتهديدات البحرية غير المُتماثلة، سواء في المناطق الساحلية، أو في المحيطات المفتوحة، أهميةً استراتيجية.