
تسعى كوريا الجنوبية إلى تطوير صاروخ باليستي جديد ALBM يُطلق جواً، لتنضم بذلك إلى مجموعة من الدول التي تسعى إلى إدخال هذه القدرة، أو التي تمتلك بالفعل أسلحة من هذا النوع في الخدمة التشغيلية، وحال نجاح البرنامج، قد تتمكن سول من نشر الصاروخ على متن مقاتلة KF-21 المصنعة محلياً، حسبما أفاد موقع The War Zone.
والصاروخ فرط الصوتي، هو إشارة إلى صاروخ باليستي يطلق جواً ALBM، لأن هذا النوع من الأسلحة، كغيره من الصواريخ الباليستية، يصل إلى هدفه بسرعة تفوق سرعة الصوت أو قريبة منها، إذ سيكون قادراً على بلوغ سرعات تتجاوز 10 ماخ، رغم عدم وضوح معايير الأداء الدقيقة.
وتُعرف السرعة فرط الصوتية عادة بأنها أي سرعة تتجاوز 5 ماخ، إذ قدمت القوات الجوية لكوريا الجنوبية الأسبوع الماضي بيانات حول برنامج الصواريخ الباليستية المُطلقة جواً إلى النائب يو يونج وون، عضو لجنة الدفاع الوطني في البرلمان.
ومقياس "ماخ" هو وحدة قياس سرعة الأجسام التي تسير بسرعات فائقة مثل الطائرات النفاثة، ويعادل 1062.17 كيلومتر.
وأكد تقرير القوات الجوية الكورية الجنوبية أن الخدمة تدرس بجدية تطوير صاروخ موجه جو-أرض فرط صوتي، بالإضافة إلى ما يوصف بأنه صاروخ موجه طويل المدى "يستخدم للتعتيم".
ما أهداف صاروخ ALBM؟
وتشمل الأهداف المحتملة لهذا السلاح، "المنشآت النووية والصاروخية"، إذ ستكون هذه الأهداف بالتأكيد على رأس قائمة الأهداف التي تسعى كوريا الجنوبية إلى القضاء عليها في المرحلة المبكرة من أي صراع محتمل مع جارتها كوريا الشمالية.
وظهرت تكهنات بأن كوريا الجنوبية قد تستخدم صاروخها التكتيكي الكوري أرض-أرض KTSSM القصير المدى، كأساس للصاروخ الباليستي الذي يطلق جواً، رغم وجود خيارات أخرى متاحة، بما في ذلك تعديلات الصواريخ الأخرى التي تطلق من السطح.
وعملت روسيا على تحويل نسخة من صواريخ Iskander إلى صاروخ Kinzhal الباليستي الذي يطلق جواً، فيما طورت إسرائيل عدة نسخ جوية من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى.
وبشكل عام، يوفر الصاروخ الباليستي فوائد كبيرة لتنفيذ ضربات بعيدة المدى، خاصةً ضد أهداف شديدة التحصين، وحساسة زمنياً، ومحصنة، وهي الأهداف التي يُتوقع من القوات الجوية الكورية الجنوبية استهدافها في حرب محتملة مع كوريا الشمالية.
مزايا الصواريخ الباليستية
وتصل الصواريخ الباليستية إلى سرعات فرط صوتية في المرحلة النهائية من الطيران، إذ تزيد هذه السرعة من قدرة هذه الأسلحة على اختراق الأهداف المحصنة، كما تُقلل من زمن طيرانها الإجمالي، ما يجعلها مناسبة بشكل خاص لضرب التهديدات المحصنة أو الحساسة زمنياً.
كما يعتبر اعتراض الصواريخ الباليستية سريعة الطيران أمراً بالغ الصعوبة، ولا تمنح الخصوم سوى وقت محدود للرد، إذ تتمتع العديد من الصواريخ الباليستية الحديثة بقدرة من المناورة خلال أجزاء من رحلتها، ما يُسهم في تقليل احتمالية اعتراضها.
وتُعدّ القدرة على اتباع مسار "الانزلاق المتخطي"، الذي يتضمن رفع الصاروخ فجأةً مرة واحدة على الأقل، وربما عدة مرات، ما يُنتج عدداً متساوياً من "الخطوات" نحو الأسفل، مثالاً بارزاً على هذا النوع من القدرات.
ومع إنتاج كوريا الجنوبية لمجموعة واسعة من الصواريخ الباليستية الأرضية وقذائف المدفعية، قد يُتيح ذلك مساراً سريعاً نسبياً لاكتساب قدرات الصواريخ الباليستية جو-أرض.
وما دامت كوريا الشمالية تُطور قدراتها النووية وتُعزز بنيتها التحتية العسكرية الحيوية الأخرى، فمن المرجح أن تزداد حاجة سول لمثل هذا السلاح.
وظهرت تكهنات بالفعل بأن منصة الإطلاق المحتملة للصاروخ الباليستي جو-أرض ستكون طائرة KF-21، ما يُسهل عملية التكامل، إذ يُمكن إجراؤه محلياً دون الحاجة إلى مُصنع معدات أجنبي.
وكبديل، تُشغل القوات الجوية الكورية الجنوبية طائرة F-15K Slam Eagle، التي تتميز بقدرة هائلة على حمل الأسلحة، ويمكن تسليحها أيضاً بالصواريخ الباليستية جو-أرض، شريطة أن تدعم شركة "بوينج" والحكومة الأميركية هذا الجهد.
كما يمتلك سلاح الجو الكوري الجنوبي أسطولاً كبيراً من طائرات F-16، يُمكن استخدامه لإطلاق صواريخ باليستية جو-أرض صغيرة إلى متوسطة الحجم.
استخدامات متعددة
وقد تستخدم كوريا الجنوبية الصواريخ الباليستية التي تطلق من الجو بشكل أساسي، لتعطيل إمدادات الطاقة للمنشآت الاستراتيجية الكورية الشمالية، مثل محطات الطاقة الفرعية التي تدعم مراكز القيادة الوطنية.
كما سيتمتع السلاح بمدى بعيد، ما يسمح بإطلاقه من خارج نطاق الدفاعات الجوية المحيطة بالأهداف شديدة التحصين.
ولدى الجيش الأميركي تاريخ طويل نسبياً في استخدام هذه الأنواع من الأسلحة ضد البنية التحتية للطاقة، إذ في عام 1991، أطلقت البحرية الأميركية صواريخ Tomahawk الهجومية البرية على العراق.
وأسقطت هذه الصواريخ بكرات من أسلاك ألياف الكربون عالية التوصيل فوق محطات الطاقة وعقد التوزيع، ما تسبب في حدوث تماس كهربائي.
ورغم قلة التفاصيل الأخرى المتاحة حول هذا التكوين، يُقال إن هذه الصواريخ كانت مسؤولة عن تدمير توليد الطاقة العراقية خلال الحرب.
وفي عام 1999، نفذت المقاتلات الشبحية F-117 Night Hawk الشيء نفسه في صربيا، ولكن هذه المرة باستخدام قنابل عنقودية خاصة مليئة بالذخائر الصغيرة من طراز BLU-114/B.
وسرعان ما أطلقت الصحافة على هذه الأسلحة، التي لم يُكشف عنها سابقاً، والمليئة بخيوط الجرافيت، اسم "القنابل الناعمة"، و"قنابل التعتيم".
وتدرك كوريا الجنوبية بوضوح إمكانية استخدام أسلحة من هذا النوع ضد كوريا الشمالية، ويتوافق هذا المفهوم مع خططها الحربية ضد جارتها، والتي ستعتمد على تعطيل أنظمة الاتصالات والقيادة العسكرية لبيونج يانج، ما يُعمي جيشها ونظامها فعلياً ويُعطل دورة اتخاذ القرار لديها.
وتجدر الإشارة إلى أن كوريا الجنوبية تعمل على تطوير هذه الأنواع من الأسلحة منذ فترة، إذ تعمل وكالة سول على تطوير الدفاع (ADD) "قنابل التعتيم" منذ عام 2012.
ويعني ذلك أن قنبلة السقوط الحر الحالية من هذه الفئة ستُزود بمدى بعيد من خلال دمجها مع نظام الدفع الخاص بصاروخ Cheonryong الذي يطلق من الجو، وهو صاروخ كروز صغير نسبياً، يُمكن إطلاقه من طائرة مقاتلة خفيفة من طراز FA-50، ويمكنه أيضاً تسليح طائرة KF-21.
ويمكن لهذه الأنواع من الأسلحة أيضاً استخدام الطاقة الموجهة، وهو مجال نشط فيه الجيش الأميركي.
في عام 2012، ظهر مشروع الصواريخ المتقدمة عالية القدرة المضادة للإلكترونيات، أو CHAMP، وعلى عكس الأسلحة السابقة، يتميز هذا الصاروخ الكروز البعيد المدى بباعث موجات ميكروويف قوي قادر على تعطيل الإلكترونيات بشعاعه النابض.
وقد تسعى كوريا الجنوبية أيضاً إلى تطوير حمولة من هذه الفئة، إذ يتوقع أن يُنتج هذا تأثيرات أكثر اتساقاً وقابلية للتكرار، بالإضافة إلى تضييق نطاق تركيز الهجوم بالقرب من الهدف نفسه، والحد من أي تأثير جانبي.