اقترب الاتحاد الأوروبي من الاتفاق على بنود جديدة تتعلق بالقواعد المالية للتكتل، ستمكنه من زيادة إنفاقه العسكري في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، بحسب مسؤولين مطلعين على المحادثات، وفق وكالة "رويترز".
وتدعم القواعد المالية للاتحاد الأوروبي عملة اليورو المستخدمة في 20 دولة من خلال الحد من الاقتراض الحكومي، كما أنها تحدد سقفاً لعجز الموازنة عند 3% من الناتج المحلي الإجمالي والدين العام عند 60%، ومن المفترض أن تبدأ المفوضية الأوروبية، وهي الذراع التنفيذي للكتلة، خطوات تأديبية ضد الدول التي تتجاوز هذه الحدود.
وفي الوقت الحالي، لم يحقق هدف الإنفاق الدفاعي لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، المتمثل في 2% من الناتج الوطني للدول الأعضاء، سوى 9 أعضاء في الاتحاد الأوروبي، إذ تخطت 4 دول هذه النسبة في 2023، وهي فنلندا ورومانيا والمجر وسلوفاكيا، فيما كان الإنفاق في فرنسا وألمانيا وإيطاليا، وهي أكبر اقتصادات في الاتحاد، أقل من الحد الأدنى.
وبعد انطلاق الغزو الروسي لأوكرانيا في أوائل عام 2022، دعت العديد من الدول الأوروبية المجاورة لروسيا إلى استبعاد بند الإنفاق العسكري بشكل كامل من حسابات العجز في موازنة الاتحاد الأوروبي.
وقال دبلوماسي أوروبي مطلع على المحادثات "هذا الأمر لم ينجح، ولكن هناك اتفاق على أنه في حين أن الإنفاق الدفاعي سيظل جزءاً من حسابات عجز (الموازنة)، فإن المفوضية ستصنف مثل هذه النفقات على أنها عوامل تسمح لها بعدم البدء في اتخاذ أي خطوات تأديبية حتى لو تم تجاوز الحد الأقصى البالغ 3%"، حسبما أفادت "رويترز".
والتزمت الحكومة الألمانية بهدف إنفاق الناتو بنسبة 2%، لكن سيستمر ذلك حتى عام 2027 بمساعدة صندوق خاص بقيمة 100 مليار يورو (107 مليارات دولار) لتحديث القوات المسلحة الألمانية.
ومن المحتمل أن يُستنفد الصندوق بعد ذلك، وليس من الواضح ما سيحدث بعد هذا التاريخ.
وتنبع معارضة الإعفاء الكامل للإنفاق العسكري من حسابات الاتحاد الأوروبي، من المخاوف من أن هذه الفئة من الإنفاق قد تكون واسعة للغاية بحيث تساعد في إخفاء الكثير من النفقات العادية الأخرى.
ومن خلال التوصل إلى أن الإنفاق العسكري سيكون فقط "عاملاً ذا صلة" يمكن أن يساعد في تجنب الإجراءات التأديبية، لذا فإن القواعد الجديدة ستترك حجم الإنفاق المسموح لحُكم المفوضية.
وقال دبلوماسي أوروبي آخر مطلع على المحادثات، إنه "حتى الآن لم أسمع أي معارضة على هذه القواعد الجديدة، بما في ذلك من الألمان، وآمل أن نتمكن من الاتفاق على نسبة محدودة في مجال الدفاع، خاصة بالنسبة للدول التي تتمتع بفائض مالي"، بحسب "رويترز".
وحظي الاقتراح بدعم لجنة المسؤولين الماليين من عواصم الاتحاد الأوروبي التي تبحث كيفية إصلاح قواعد الميزانية، والتي تم تعليق العمل بها منذ عام 2020 للسماح بزيادة الاقتراض العام أثناء جائحة فيروس كورونا وأزمة الطاقة، ولكن سيتم إعادتها اعتباراً من عام 2024.
ومن المقرر أن يجري وزراء مالية الاتحاد الأوروبي مناقشة أولية حول التغييرات التي ستتم في هذه القواعد الأسبوع المقبل، ثم مرة أخرى في أكتوبر المقبل بهدف التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية العام، وذلك رغم أن البعض يرى أن هذا الموعد النهائي طموح للغاية.
وتريد حكومات الاتحاد الأوروبي أيضاً أن تعكس القواعد المعدلة الحقائق الاقتصادية الجديدة المتمثلة في ارتفاع الدين العام والاستثمار اللازم لجعل الاقتصادات الأوروبية أكثر اخضراراً ورقمية.
خلافات حادة
وتسببت خلافات حادة بين دول الاتحاد الأوروبي في تعطيل تمويله لدعم أوكرانيا، وسط مخاوف بشأن الميزانيات الوطنية المنهكة، وارتفاع التكاليف في بروكسل (الاتحاد الأوروبي) ما يهدد تدفق الدعم المالي إلى كييف.
وأدت مطالب بروكسل بتمويل إضافي بقيمة إجمالية 86 مليار يورو، بهدف تخفيف الضغط على ميزانية الاتحاد الأوروبي، مع تأمين 4 سنوات من الدعم لأوكرانيا، إلى "انقسام الدول الأعضاء"، كما أثارت هذه المطالب "دعوات لخفض الدعم ووضع جدول زمني أطول متفق عليه"، بحسب ما نقلته صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن أشخاص شاركوا في المحادثات.
وقادت دول بينها ألمانيا وهولندا "عملية المقاومة"، مؤكدة أن تقشف الميزانيات الوطنية الناجم عن ارتفاع أسعار الفائدة والمطالبات بزيادة الأجور، يجب أن ينعكس أيضاً في بروكسل (ميزانية الاتحاد).
ففي يونيو، حددت المفوضية دعماً إضافياً بقيمة 66 مليار يورو للموازنة عن الفترة من 2021 إلى 2027، التي تمولها الدول الأعضاء، فيما اقترحت بروكسل بشكل منفصل تقديم 20 مليار يورو لتوفير إمدادات أسلحة لأوكرانيا.
ويشمل مبلغ الـ66 مليار يورو نحو 19 مليار يورو لتغطية تكاليف الفائدة التي فاقت كل التوقعات على الاقتراض المشترك للاتحاد، ونحو ملياري يورو لتغطية زيادات التكاليف الإدارية بما فيها زيادة رواتب المسؤولين، و15 مليار يورو للنفقات المتعلقة بتزايد الهجرة وتمويل البلدان الأجنبية، و10 مليارات يورو للإنفاق على المبادرات مثل مبادرة إنشاء صندوق جديد للابتكار.
اقرأ أيضاً: