أثار تحطم المقاتلة الأميركية "F-35B" في ولاية كارولينا الجنوبية، الأحد، العديد من الأسئلة بشأن الأسباب التي دفعت الطيار إلى القفز منها، وكيف تمكنت الطائرة الحربية التي تبلغ قيمتها 100 مليون دولار، من الاستمرار في التحليق من دون قائد لمسافة 60 ميلاً (100 كيلو متر) قبل الاصطدام.
بحسب تقرير نشرته وكالة "أسوشيتد برس"، كان طيار تابع لمشاة البحرية الأميركية يقود مقاتلة من طراز "F-35B Joint Strike Fighter" ذات مقعد واحد، عندما واجه عطلاً اضطره إلى القفز من الطائرة.
وقال مسؤول في مشاة البحرية، تحدث شريطة عدم كشف هويته: "كانت الطائرة على ارتفاع حوالي 1000 قدم (300 متر) فقط، وعلى بعد حوالي ميل (أقل من 2 كيلو متر) شمال مطار تشارلستون الدولي، في منطقة مأهولة بالسكان، عندما اضطر قائد الطائرة إلى الهبوط بالمظلة في فناء خلفي لأحد المنازل".
ما سبب خروج الطيار من المقاتلة؟
ويختلف طراز "F-35" الذي بحوزة سلاح مشاة البحرية الأميركي، عن نظيريه في القوات الجوية والبحرية، إذ أنه يمكن الإقلاع والهبوط مثل المروحية، ما يسمح للطائرة بالعمل على السفن الهجومية البرمائية، كما يختلف هذا الطراز في أنه الوحيد من بين الطرازات الثلاثة الذي يحتوي على القذف التلقائي للطيار من المقعد الخاص به، وفقاً لشركة تصنيع المقعد "مارتن بيكر".
ولذلك أُثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان العطل الذي تعرضت له الطائرة، كان في المقعد نفسه.
وقال دان جرازيير، وهو كابتن سابق في مشاة البحرية وكبير الباحثين لشأن سياسة الدفاع في "مشروع الرقابة" الحكومية: "في القوات الجوية والبحرية يجب على الطيار أن يقوم هو بقذف نفسه، أما في طراز المقاتلة الخاص بمشاة البحرية تقوم الطائرة بقذفه تلقائياً بهدف توفير حماية أفضل للطيار في حالة حدوث خطأ ما في الطائرة خلال وضع التحليق".
لكن هل تم تشغيل هذه الخاصية ما أدى إلى خروج الطيار من الطائرة؟" يقول جرازيير: "هناك الكثير من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها".
وفي ديسمبر الماضي، تحطمت طائرة من طراز "F-35B" أيضاً، عندما كانت في وضع التحليق فوق المطار، ثم حدث الاصطدام أثناء الهبوط على المدرج، قبل أن يقفز الطيار في الهواء.
وفي يوليو 2022، أوقفت القوات الجوية الأميركية إحدى مقاتلات "F-35 مؤقتاً بسبب مخاوف تتعلق بالمقعد القاذف. وفي حين أن طائرة "F-35A" لا تحتوي على وظيفة القذف التلقائي، إلا أنه تم اكتشاف مشكلات تقنية تتعلق بهذه العملية.
وفي ذلك الوقت، تم فحص جميع المقاعد الخاصة بطائرة "F-35"، بما في ذلك متغيرات سلاح البحرية ومشاة البحرية، حيث يستمر فحصها أثناء الصيانة القياسية للطائرة، وفق ما ذكر مكتب البرنامج المشترك.
مقاتلة تطير من دون قائد
تشمل الأسئلة الرئيسية الأخرى، وفقاً للعقيد المتقاعد مارك كانسيان: "كيف واصلت المقاتلة التحليق لمسافة 60 ميلاً قبل أن تتحطم في أحد حقول ولاية كارولينا الجنوبية، ولماذا تم قذف الطيار إذا كانت الطائرة قادرة على الاستمرار في التحليق لهذه الفترة الطويلة؟".
وأضاف الضابط الأميركي السابق الذي خدم في قوات الاحتياط لمشاة البحرية ويعمل حالياً كبير مستشاري مركز الأمن الاستراتيجي والدولي: "إذا طارت المقاتلة إلى هذا الحد، فهل كان بإمكان (الطيار) أن يهبط بها في مكان ما؟ لماذا قذف نفسه في ذلك المكان؟".
واستمرت عمليات البحث عن الطائرة أكثر من يوم بقليل، قبل أن يتم تحديد موقع الحطام، الاثنين، بواسطة مروحية تابعة لقوات إنفاذ القانون بولاية كارولينا الجنوبية.
وقال مسؤول في مشاة البحرية إنه لا يستطيع تقديم أية تفاصيل إضافية عن سبب استغراق وقت طويل للعثور على الطائرة، مستشهداً بالتحقيق المستمر.
ونقلت شبكة "إن بي سي نيوز" عن جيريمي هوجينز المتحدث باسم قاعدة تشارلستون قوله، إن المقاتلة كانت تُحلق في وضع الطيار الآلي عندما خرج قائدها؟
وأضاف: "بمجرد تحديد موقعها، تم إرسال فريقين من مشاة البحرية، أحدهما لتأمين الحطام، والآخر تولى التحقيق في الحادث".
طائرة المستقبل
أوضحت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية أن الطائرة التي تنتجها شركة "لوكهيد مارتن"، تُعد المقاتلة الأكثر تقدماً في الترسانة الأميركية، إذ تم بالفعل صناعة أكثر من 972 طائرة حربية، ويجري التخطيط لإنتاج أكثر من 3500 طائرة أخرى على مستوى العالم.
وتعتمد وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" على خدمات "F-35" منذ عقود، كمقاتلة أساسية لكل من الولايات المتحدة ومجموعة من الحلفاء، تماماً مثل الدور الذي شغلته لعقود مقاتلة "F-16 Flying Falcon".
وقال كانسيان إن الطائرة "تُمثل مستقبل" القوة الجوية للبلاد.
ومضى نحو 22 عاماً عندما فازت شركة "لوكهيد مارتن" بعقد صناعة المقاتلة "F-35"، إذ أنتجت 3 أنواع مختلفة هي: "F-35A" التابعة للقوات الجوية، وتُعتبر النسخة الأكثر إنتاجاً وبيعاً للحلفاء، والمقاتلة "F-35B" التابعة لقوات مشاة البحرية وتتمتع بالقدرة على الإقلاع والهبوط عمودياً والتحليق مثل المروحية، أما الطراز الثالث فهو المقاتلة "F-35C" التابعة للبحرية، ويمكنها الهبوط على حاملة طائرات.
وسلّمت شركة "لوكهيد مارتن" 190 نسخة مختلفة من طراز "F-35B" إلى مشاة البحرية، بتكلفة تبلغ حوالي 100 مليون دولار لكل منها. ومع ذلك، واجه البرنامج تحديات كبيرة في التكاليف وتأخير في عملية الإنتاج.
وذكرت الوكالة الأميركية أنه "بينما تم إنتاج العديد من الطائرات، يبحث البرنامج بالفعل استبدال محرك F-35".