"مدمنون على التفجير".. وحدة عسكرية إسرائيلية مهمتها تدمير بيوت غزة

time reading iconدقائق القراءة - 8
مدرعة إسرائيلية بالقرب من الحدود مع قطاع غزة. 1 ديسمبر 2023 - Reuters
مدرعة إسرائيلية بالقرب من الحدود مع قطاع غزة. 1 ديسمبر 2023 - Reuters
دبي -الشرق

بينما يدعو المجتمع الدولي إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة الذي يشهد أزمة إنسانية غير مسبوقة، تستمر وحدة إسرائيلية، تابعة لقوات الهندسة العسكرية بالجيش الإسرائيلي، في هدم منازل الفلسطينيين في القطاع، بشكل متعمد، بما يرقى إلى "جريمة حرب" محتملة، وفقاً لتقارير أممية.

ووصف بالاكريشنان راجاجوبال، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في السكن الملائم، الهجمات المنهجية واسعة النطاق على مساكن المدنيين والبنية التحتية في غزة بأنها "إبادة جغرافية".

وأكد راجاجوبال في تصريحات لموقع مؤسسة Bellingcat غير الربحية، أنه حتى مع الهجمات ضد مبانٍ فردية، فإن كل مبنى يتم قصفه أو تدميره يجب تقييمه قانونياً.

وأضاف راجاجوبال أن العبء يقع على عاتق الجيش الإسرائيلي لإثبات أن لديه أدلة لهدم المبنى، وأن الهجوم "متناسب وضروري".

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 50% من مباني غزة دُمِّرت أو تضررت، وأن ما يقرب من 1.7 مليون شخص شُرِّدوا منذ بدء الهجوم. 

وعملت Bellingcat مع موقع Scripps News للتحقيق في هدم المنازل المتعمد في غزة، والصراعات المستمرة على الأراضي في الضفة الغربية.

وخلص التحقيق إلى أن وحدة هندسية عسكرية متخصصة تعمل تحت مسمى "8219 commando" تابعة للجيش الإسرائيلي، أُسند إليها مهمة تدمير وهدم المنازل في غزة، لتحول أحياء كاملة في القطاع إلى أنقاض.

مدينة من الأنقاض

استخدمت مؤسسة Bellingcat وسائل التواصل الاجتماعي لتتبع كتيبة هندسة قتالية تحت مسمى 8219 commando التابعة للجيش الإسرائيلي، أثناء تحركها عبر غزة، وهدم الأنفاق والمنازل والمساجد.

وتعمل هذه الوحدة الهندسية تحت لواء 551 وكجزء من الفرقة 98 بالجيش الإسرائيلي. 

ولجأت المؤسسة غير الربحية، إلى منشورات لجنود من الوحدة الهندسية كشفوا بشكل علني عن تجاربهم داخل غزة، ما تعد نظرة "نادرة" بداخل ما يخفيه الجيش الإسرائيلي.

وكتب أحد العاملين بالوحدة 8219، وهو نقيب إسرائيلي لم تكشف Bellingcat هويته، منشورات عن تجربته في شكل مذكرات حربية، موضحاً مكان وجودهم وما دمروه.

وتتضمن هذه المنشورات، بالإضافة إلى منشورات وسائل التواصل الاجتماعي لأعضاء آخرين في 8219، مقاطع فيديو وصور وبيانات تصف تجربة الوحدة في الحرب. 

وحددت Bellingcat الموقع الجغرافي لكل مقطع فيديو، أو صورة لعملية الهدم، وتحققت من مكان حدوثها. 

واستخدمت بعد ذلك صور الأقمار الاصطناعية من Planet Labs لتحديد وقت حدوث الهدم.

وجرت عملية الهدم الأولى التي شاركت فيها وحدة 8219 في 13 أو 14 نوفمبر الماضي. ودمر أعضاء الوحدة مبنى من طابقين يطل على البحر الأبيض المتوسط، دون تقديم أي مبرر لعملية الهدم.

وارتفعت من بعدها وتيرة وحجم عمليات الهدم بشكل كبير. وفي الفترة ما بين 20 و23 نوفمبر الماضي، شاركت الوحدة في عدة عمليات هدم لبنايات سكنية بجوار مستشفى القدس مباشرة في حي تل الهوى بمدينة غزة.

وتظهر صور الأقمار الاصطناعية لهذا الحي أن ما لا يقل عن 34 مبنى سكنياً دُمِّر كلياً أو جزئياً خلال هذه الفترة. 

"أصبحنا مدمنين على التفجير"

وفي 19 نوفمبر الماضي، كتب النقيب بالوحدة الهندسية الإسرائيلية، أنه تم العثور على صواريخ وطائرة بدون طيار في موقع واحد، ولكن لم يوضح لماذا يتطلب هذا الاكتشاف تدمير العديد من المجمعات السكنية.

وجرى هدم مبنى آخر في قطاع غزة خلال الفترة ما بين 7 و10 ديسمبر.

وتم هدم مسجد الإصلاح ومبنى مجاور، في الفترة ما بين 10 و15 ديسمبر الماضي، بالرغم من أن المباني الدينية تتمتع بوضع الحماية بموجب القانون الإنساني الدولي. 

وفي 19 فبراير الماضي، نشرت صفحة المسجد على "فيسبوك" صورة للمبنى المدمر، وقد انهارت مئذنته.

وقال النقيب في وحدة 8219 في منشور بتاريخ 28 ديسمبر الماضي: "لقد أصبحنا مدمنين على التفجير".

وجرت عملية الهدم الأخيرة في قلب مدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، في منتصف شهر يناير الماضي.

ونشر النقيب في الجيش الإسرائيلي، بشكل مطول عن إحدى العمليات على موقع فيسبوك، بما في ذلك الحصول على أكثر من 300 لغم لاستخدامه في عملية الهدم. 

ويقول مقطع فيديو من وحدة 8219، إنه تم تدمير 49 نفقاً و662 مبنى خلال 84 يوماً من القتال. 

وأكد أحد العاملين بالوحدة 8219، يوناتان سيجال، أن الوحدة التي يعمل بها، حتى مغادرته لها، فجَّرت أكبر عدد من المنازل في غزة.

وقال النقيب في وحدة 8219 إنه تم تدمير آلاف المباني، مشيراً، في منشور بتاريخ 13 يناير الماضي، إلى أن قائده أخبره أنه لا توجد سابقة لتلك العمليات في الجيش الإسرائيلي.

ولم يقدم الجنود في الجيش الإسرائيلي أحياناً أي تفسير بشأن سبب عمليات الهدم. 

وقال سيجال، إنه لم ينشر أي تعليقات على عمليات الهدم في غزة على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكنه احتفظ بمقاطع فيديو على هاتفه، لافتاً إلى أن "الانتقام" كان أحد الدوافع لتفجير المباني.

إبادة جماعية

أكد راجاجوبال، أن عمليات الهدم التي قامت بها الوحدة 8219 كانت ذات صلة بقضية محكمة العدل الدولية بشأن "الإبادة الجماعية"، ما يدعم قضية جنوب إفريقيا بأن إسرائيل، تجعل غزة غير صالحة للسكن. 

وأشار إلى أنه حتى لو لم يكن من الممكن إثبات نية الإبادة الجماعية، فإن الدمار الواسع النطاق الذي يجعل المكان غير صالح للسكن يمكن أن يرقى إلى مستوى "جريمة ضد الإنسانية".

وأوضح راجاجوبال أن "المنطقة العازلة" التي يقوم الجيش الإسرائيلي بتطهيرها على طول الحدود مع غزة لا تتناسب مع تعريف هذه المناطق في اتفاقيات جنيف، وهي في الواقع "استيلاء على الأراضي".

وقالت ميراف زونسزين، كبيرة محللي شؤون إسرائيل وفلسطين بمجموعة الأزمات الدولية التي تراقب الصراع، إن الصراع الحالي لم يكن المثال الوحيد على هدم منازل الفلسطينيين ولكنه كان "على نطاق لم نشهده من قبل".

وأضافت أن هناك عدة أسباب وراء حدوث عمليات الهدم، بينها "الانتقام".

وأوضحت زونسزين أن الجيش الإسرائيلي لديه "سياسة الردع" التي تعني أنه إذا أطلق شخص ما النار تجاه أحد جنوده، فسيرد عليه بقوة أكبر بـ10 مرات.

وأكدت أن الهدف الأساسي من الهجوم هو "تفكيك حماس ككيان"، لكن الجيش الإسرائيلي لا يميز، ما أدى إلى تدمير البنية التحتية وتغيير النسيج الحضري من خلال عمليات الهدم، قائلة "إنهم (الجيش الإسرائيلي) يحاولون تفكيك المجتمع".

في المقابل، أكد الجيش الإسرائيلي أنه يحرص على "تدمير البنى التحتية الإرهابية" المتمركزة في المناطق المدنية، دون تقديم تفسير واضح عن عمليات هدم المباني في قطاع غزة.

وقال الجيش الإسرائيلي في تصريحات لـ Bellingcat، إنه في بعض الحالات يتم تحويل أجزاء كبيرة من الأحياء إلى مجمعات قتالية. 

وأضاف أن الجيش يعمل في قطاع غزة لمنع أنشطة حركة حماس "التي تهدد المواطنين الإسرائيليين"، وتنفيذ خطة دفاعية لتحسين الأمن في جنوب إسرائيل.

وحدة العمق

تتبع الوحدة 8219 الكتيبة الهندسية للواء الاحتياط 551، وهي جزء من الفرقة 98 في الجيش الإسرائيلي.

وتصنف هذه الكتيبة، وفقاً لموقع Israel Defense، على أنها "كتيبة عسكرية لعمليات العمق" على الخطوط الخارجية، ولديها قدرات إضافية تتعلق بالعمل في أرض العدو. 

وقال قائد الكتيبة السابق، مئير دوفدفاني، في تصريحات لـ Israel Defense، في فبراير 2021، إن عمل الكتيبة مخصص للتخطيط، واستخدام القوة، وقيادة العمليات الخاصة ومتعددة الأسلحة في المنطقة المحددة بالعمق الاستراتيجي في الدول المعادية لإسرائيل.

وتعد كتيبة الهندسة، التابعة للواء الاحتياط 551 في الفرقة 98 حالياً، الكتيبة العسكرية الوحيدة في الجيش الإسرائيلي التي تحمل لقب "وحدة العمق".

ويتم تدريب أفراد هذه الكتيبة على تجميع العبوة الناسفة، وكيفية اقتحام المنازل، وتدمير المبنى، بالإضافة إلى اكتشاف الألغام وتفجيرها.

ويتدرب مقاتلو الكتيبة أيضاً على القتال في منطقة حضرية مكتظة بالمباني والسكان.

تصنيفات

قصص قد تهمك