طائرة أوروبية ربما تصبح أول سلاح يديره الذكاء الاصطناعي

تحالف يضم فرنسا وألمانيا وإسبانيا يتعهد بإطلاق طائرات تجريبية

time reading iconدقائق القراءة - 9
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز مع برونو فيشيفو رئيس برنامج نظام القتال الجوي المستقبلي (FCAS) في قصر الإليزيه بالعاصمة باريس- 22 يناير 2023 - Reuters
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز مع برونو فيشيفو رئيس برنامج نظام القتال الجوي المستقبلي (FCAS) في قصر الإليزيه بالعاصمة باريس- 22 يناير 2023 - Reuters
دبي-الشرق

من المتوقع أن يصبح نظام القتال الجوي المستقبلي "FCAS" أول برنامج دفاعي واسع النطاق يشتمل على الذكاء الاصطناعي بالكامل، بعد أن وعد اتحاد يضم ألمانيا، وفرنسا، وإسبانيا، مع انضمام بلجيكا بصفة مراقب العام الماضي، بإطلاق أول طائرات تجريبية صالحة للطيران من هذه الفكرة المستقبلية بنهاية العقد الجاري. 

ونقل موقع "Defense News" عن عدد من المهندسين والخبراء، قولهم إن الذكاء الاصطناعي سيلعب دوراً رئيسياً في جميع جوانب النظام الحربي تقريباً، وسيؤثر على كل شيء من تطوير المنصة، إلى قرارات سلسلة القتل، وحتى الأشياء التي يراها الطيارون.

وتعتبر الميزة الجديدة الرئيسية في هذا النظام، مقارنة بالمنصات الحالية، هي استخدام ما يسمى "الجناح المخلص"، إذ تحلق الطائرة الرئيسية المأهولة جنباً إلى جنب مع الطائرات المسيرة، التي تعمل على تعزيز المهمة، من حيث جمع المزيد من البيانات، والسماح بمزيد من القوة النارية أو "سحق دفاعات العدو" بأعداد كبيرة.

وقال توماس جروهس رئيس قسم القدرات المستقبلية في شركة "Airbus" والمهندس الرئيسي لمشروع "FCAS" إنه "حتى لا يتم التحكم في هذه الطائرات من قمرة القيادة باستخدام عصا التحكم وخانق الوقود، يتطلب وجود مستوى معين من الأتمتة والاستقلالية للتحكم في الطائرات المسيرة المرافقة".

ويعتبر بناء هذا النوع من الاستخبارات، والذي يستلزم إيجاد الدرجة المثلى لمشاركة الطيار في مواقف مختلفة، أمراً حاسماً لنجاح البرنامج ككل.

الخدمات السحابية

تتمثل مهمة الخدمات السحابية لشركة "NeuralAgent"، التي يرأسها أونور دينيز، في ضمان تدفق البيانات إلى حيث يجب أن تذهب، وتمكين كل مكون من مكونات نظام "FCAS" من البقاء على اتصال دائم.

وتتبنى الشركة الناشئة التي تتخذ من ميونيخ مقراً لها، ما سمته "نهج وكيل الذكاء الاصطناعي"، فبدلاً من خوارزمية صنع القرار المركزية القائمة على السحابة، ستستخدم كل طائرة دون طيار نماذج أصغر حجماً يجري تشغيلها محلياً للعمل بشكل مستقل، وستتبادل المعلومات مع نظيراتها باستخدام قنوات الاتصال، مثل البصرية أو الراديو ضيق النطاق أو حتى الأشعة تحت الحمراء، وستواصل بناء روابط بيانات زائدة عن الحاجة ومتغيرة باستمرار تُوفر اتصالاً دائماً.

وقال دينيز إن تلك الإمكانية تمنح قدرة سريعة جداً على بناء الشبكات الخاصة في المناطق التي تعاني من انقطاع التيار الكهربائي، أو مناطق الصراع.

وفي عمليات المحاكاة الحاسوبية التي اختبرت المفهوم استناداً إلى سيناريوهات العالم الحقيقي، حافظ هذا النهج على الاتصال في بيئات الحرب الإلكترونية المعاكسة لأكثر من 95% من الوقت.

وبالمقارنة، شهدت النماذج التي تدار مركزياً، والمستندة إلى التخزين السحابي معدل نجاح أقل من 0.5% في اختبارات "NeuralAgent".

وتوقع دينيز أن يكون البرنامج جاهزاً للدمج في الأجهزة الحالية، بنهاية عام 2025، لافتاً إلى أن البرنامج مكون إضافي يمكن وضعه في أي مكان، وتزعم الشركة أن نماذجها تتسم بكفاءة عالية في استخدام الموارد.

وفي حين أن التركيز الحالي في تطوير نظام "FCAS" من "NeuralAgent" ينصب على الشبكات، يتوقع دينيز أن تكون الخطوة التالية استخدام التكنولوجيا للتخطيط لمهام أكثر تعقيداً، وهذا يشمل اتخاذ القرارات بناءً على بيئة القتال، ونقل الأصول لتحسين الاتصالات، وتحقيق الأهداف.

إعادة تعريف دور الطيار

قال جروهس كبير مهندسي شركة "Airbus"، إن مجموعة الطائرات المأهولة، وغير المأهولة التي تعمل معاً، ستتطلب إعادة تعريف جذرية لدور الطيار.

وأضاف أن الجلوس في قمرة القيادة للطائرة المقاتلة الأوروبية القادمة لن يقتصر على قيادة الطائرة فحسب، بل سيتحول إلى مشغل للمهمة، مشيراً إلى أن قيادة الطائرة قد لا يكون لها سوى دور ثانوي تماماً، إذ تهدف الخطة إلى منح الطائرات المأهولة خيار الطيران بمفردها بالكامل للسماح للطيارين بالتركيز على إدارة المهمة.

وأوضح جروهس أن هدف المشروع هو السعي إلى الاستقلالية، إذ يتم تكليف "المساعدين المخلصين" بمهمة عالية المستوى، وفي حدود محددة، يمكن للأصول العمل بشكل مستقل.

وبالمقارنة مع الأتمتة، والتي عرفها جروهس على أنها نظام يُنفذ تلقائياً سلسلة محددة مسبقاً من الأحداث، فإن الاستقلالية تشمل اتخاذ القرار، واصفاً التنفيذ المتصور بأنه يتيح للطيار اختيار الإجراء الذي يريد اتخاذه دون الحاجة إلى إصدار "ضغطة زر محددة".

وأضاف أن مثل هذه القدرة ستكون سريعة التنفيذ، لافتاً إلى حقيقة أن "طيارين مماثلين للذكاء الاصطناعي حلقوا بالفعل في الولايات المتحدة".

نماذج الذكاء الاصطناعي

أكد جروهس أنه في البداية على الأقل ستكون جميع نماذج الذكاء الاصطناعي في نظام التحكم في الطيران المقاتل "مجمدة"، ما يعني أنه لن يتم إجراء أي تعلم آلي أثناء المهام، كما سيتم تطوير الخوارزميات، سواء لمعالجة بيانات المستشعر أو لاتخاذ القرارات بشأن ضرب الأعداء مسبقاً، وإعادة تدريبها خارج الطائرة. 

وأوضح كبير مهندسي شركة "Airbus" أنه في مرحلة ما ربما يتم دمج التعلم الآلي في المنصات المحمولة جواً نفسها، مؤكداً في إشارة إلى إطار عمل "OODA Loop"، الذي تم ترويجه في كتب القيادة العسكرية الأميركية، أن الذكاء الاصطناعي سيلمس كل عنصر من عناصر حلقة المراقبة، والتوجيه، واتخاذ القرار، والتصرف.

وقال إن الخوارزميات ستقترن بأجهزة استشعار لتحسين جودة الصور، على سبيل المثال، ولكنها ستلعب أيضاً دوراً في تطوير خطط العمل، موضحاً أن المدى الذي ستتمكن فيه نماذج الذكاء الاصطناعي من اتخاذ قرارات الاستهداف من تلقاء نفسها لا يزال موضع نقاش.

وعلى الرغم من أن التفاصيل المتعلقة بمظهر وقدرات "FCAS" لا تزال نادرة، إلا أن الموارد المستثمرة في المشروع كبيرة، ويعمل في "Airbus" وحدها، أكثر من 1400 شخص حالياً على منصة القتال الجوي الأوروبية من الجيل التالي، وفقاً لما ذكره كريستيان دور، المتحدث باسم الشركة. 

وتلعب شركة الطيران الأوروبية العملاقة دوراً تنسيقياً رئيسياً في جعل المشروع ينبض بالحياة، جنباً إلى جنب مع شركة "Dassault" للطيران في فرنسا.

ولفت جروهس إلى أن العديد من تطبيقات الخوارزميات القائمة على الذكاء الاصطناعي موجودة بالفعل في شكل ما، وإن كان ذلك بمعزل عن بعضها البعض.

وقال سيمون فايفر المدير المساعد للبرامج في شركة الذكاء الاصطناعي "Helsing" ومقرها ميونيخ إن عملية دمج تطبيقات الذكاء الاصطناعي مع عدد لا يحصى من الشركات وآلاف المهندسين الذين يعملون على المشروع، تنطوي على خطر أن تصبح غير قابلة للإدارة.

وبحسب تقرير موقع "Defense News"، تعمل شركة "Helsing" مع الشركاء على إنشاء "قاعة تجميع رقمية" لوضع كل ذلك معاً، بهدف اعتماد نماذج الذكاء الاصطناعي على بعضها البعض وعلى البيانات التي تستوعبها.

وقال ممثلو الشركة إنه من خلال بيئة سحابية للمطورين، يُمكن تحسين سير العمل، وتبادل البيانات، وضمان التشغيل البيني، مع الالتزام بالقيود الحساسة بشكل خاص للعمل في قطاع الدفاع، 

وأوضحت شركة "Helsing" أنه يتم استخدام المنصة عبر الإنترنت بالفعل من قبل أكثر من 50 مساهماً يعملون في مشروع "FCAS"، وتم تطويرها خصيصاً له، ويستخدم المهندسون بالفعل الذكاء الاصطناعي لدمجه في أسلحة الجيل التالي.

وظهر برنامج مكافئ لـ"Chat GPT" خاص بنظام "FCAS" لمساعدة المهندسين في أداء وظائفهم.

الروبوتات القاتلة؟

وحذرت المنظمات غير الحكومية وخبراء الأسلحة ذاتية التشغيل من تفويض قدر كبير من السلطة للآلات، وتشمل المخاوف عدم موثوقية الرؤية الآلية، والطبيعة الغامضة في كثير من الأحيان لعملية اتخاذ القرار، وخطر تطبيق الحكم الذاتي لعقلية تكتيكية على الأسئلة ذات الآثار الاستراتيجية.

وأعرب بعض المحللين عن قلقهم من أنه حتى إذا لم يُسمح لنظام الأسلحة افتراضياً بالقتل بشكل مستقل، فإن تغيير هذا قد يستلزم فقط تبديلاً بسيطاً للبرمجيات، وستكون الحوافز لهذا التبديل قوية.

ولم يستبعد جروهس أن يكون لدى "FCAS"، قدرة على التبديل بين مثل هذه الأوضاع، اعتماداً على "قواعد الاشتباك التي ربما تنطبق على الصراع المعني".

وأضاف أنه لا يعتقد بوجود فرق كبير بين القرارات المستقلة، والقرارات البشرية، فلا ينبغي الافتراض أن قرار الذكاء الاصطناعي أو القرار البشري صحيح بنسبة 100% دائماً.

تصنيفات

قصص قد تهمك