رفعت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" التكلفة المتوقعة لتجديد المئات من منشآت إطلاق الصواريخ النووية إلى 141 مليار دولار، بزيادة قدرها 30 مليار دولار عن التقدير المقدَم في يناير الماضي.
ويتضمن مشروع القوات الجوية الأميركية المعروف باسم Sentinel "استبدال الصواريخ الباليستية العابرة للقارات" التي كانت تستخدم إبان حقبة الحرب الباردة، والموجودة بمستودعات الصواريخ بطرز أحدث، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".
وأشارت الصحيفة إلى أن المجتمعات الريفية التي توجد فيها مستودعات الصواريخ قد غرقت في حالة من عدم اليقين بشأن توقيت بدء آلاف العمال مشروع الإنشاء (إذا ما كانوا سيبدؤون من الأساس)، والذي كان مقرراً أن تنطلق أعماله الصيف الجاري.
وقال القادة العسكريون مؤخراً لسكان كيمبال بولاية نبراسكا، وهي بلدة محاطة بأحد أكبر حقول الصواريخ، إن الفترة الزمنية قبل بدء العمل يمكن أن تمتد لـ5 سنوات أو أكثر.
وأشار الجنرال كولين كونور، في إحدى القاعات بالبلدة هذا الشهر إلى أن "هناك العديد من الأمور الغامضة هنا، وأتفهم ما تشعرون به من إحباط".
ويمثل Sentinel جزءاً من عملية تجديد الأسلحة النووية التي طال انتظارها، والتي يقدر مكتب الميزانية بالكونجرس تكلفتها بـ1.5 تريليون دولار على الأقل خلال السنوات الـ 30 المقبلة.
ويتساءل بعض المشرعين مثل النائب الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا جون جاراميندي، ما إذا كانت لا تزال هناك حاجة إلى الصواريخ الأرضية إلى جانب المحمولة على الغواصات والقاذفات الجديدة وأيضاً الرؤوس الحربية النووية المستحدثة.
وتجاوزت الصواريخ الموجودة في نحو 450 مستودعاً عمرها الافتراضي المقدر بـ 10 سنوات، بعقود.
وتتطلب مستودعات الصواريخ تحت الأرض مد آلاف الأميال من كابلات الألياف الضوئية الجديدة، كما تحتاج مراكز القيادة هناك إلى إعادة بناء.
وتستغرق أعمال الصيانة، التي كانت تتطلب ساعتين أو 3، الآن ضعف هذه المدة الزمنية، كما أصبح الحصول على قطع الغيار أكثر صعوبة، بحسب ما نقلته "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين في القوات الجوية.
وقال بيل لابلانت، رئيس لجنة شراء الأسلحة بالبنتاجون، للصحافيين في يوليو الماضي، بعد أن منح الضوء الأخضر لاستمرار مشروع Sentinel باعتباره "برنامجاً ضرورياً، رغم ارتفاع التكاليف"، إن "حجم المشروع ونطاقه ومدى تعقيده أمر لم نجربه كدولة منذ أكثر من 60 عاماً".
وأضاف: "تبحث القوات الجوية عن سبل للحد من تعقيدات مشروع Sentinel، ولكن اتخاذ القرارات بشأن التغييرات قد يستغرق ما يصل إلى 18 شهراً، ويمكن تسليم تحديث بشأن العملية في أوائل العام المقبل".
وتفاوضت وزارة الدفاع الأميركية بشأن ثلث الصفقات العقارية المطلوبة لتأمين الوصول إلى الأراضي الخاصة ببناء المستودعات، والكابلات التي تربطها بمراكز التحكم الموجودة تحت الأرض.
وأوضحت القوات الجوية، أن تأخير المشروع يعني أن العديد من هذه الصفقات قد يحتاج لـ"إعادة العمل" عليها.
وعلى مدى عقود، قالت وزارة الدفاع والإدارات الرئاسية المتعاقبة، إن الصواريخ النووية ضرورية للأمن القومي، وردع الصراعات العالمية. ومؤخراً ذكر مسؤولون في الجيش الأميركي والشركات التي تم التعاقد معها، أن جهود تمديد أعمار الأسلحة والبنى القائمة "بلغت حدودها القصوى".
وتعاقد "البنتاجون" مع شركة Northrop Grumman عام 2020 للإشراف على برنامج Sentinel والقيام بأعمال الهندسة والتصميم الأولية.
وكانت Northrop، بمساعدة شركة Bechtel، وهي شركة عملاقة في مجال الإنشاءات، هي الوحيدة التي قدمت عطاءً بعقد أولي بقيمة 13.3 مليار دولار بعد انسحاب بوينج.
وأوضح مسؤولون في "البنتاجون"، أن تقديرات التكلفة السابقة أثبتت أنها "لا يمكن الاعتماد عليها" و"غير واقعية"، فيما أضاف التضخم في البناء وتكاليف المواد الخام إلى الفاتورة المحتملة.
وواجهت وزارة الدفاع الأميركية ومقاولوها تحديات جسيمة في إصلاح الخرسانة، والوصول إلى الأسلاك وتحديث أنظمة الاتصالات.
وقالت مادلين كريدون المسؤولة السابقة بوزارة الطاقة و"البنتاجون"، والتي ترأست اللجنة المفوضة من الكونجرس بشؤون مستقبل القوات التقليدية والنووية الأميركية، إن "معظم الأشخاص الذين قاموا بذلك في المرة الأخيرة لم يعودوا موجودين الآن. ومن ثم فإن إعادة إنشاء كل ذلك بات مشكلة كبيرة".
كما أن إغلاق المستودعات ومراكز القيادة بشكل كامل لإعادة بنائها ليس ممكناً، لأن أنظمة الصواريخ يُتوقع أن تكون متاحة دائماً. وتم مسح بعض المستودعات باستخدام "الليدار" لتوفير صور ثلاثية الأبعاد للداخل ولاختبار بطاناتها الخرسانية بحثاً عن أي أضرار.
ولاكتشاف مخاطر البناء المحتملة، قامت شركة Northrop Grumman بحفر وبناء مستودع صواريخ Minuteman وهمي في ولاية يوتا على نفقتها الخاصة. واقتصرت الشركة على استخدام المستودعات المعطلة لتقييم نطاق العمل.
واعترف المسؤولون، أن بعض المستودعات "قد يكون من المستحيل تجديدها" و"يجب بناؤها من الصفر"، وفق ما أوردت "وول ستريت جورنال".
وبينما استمر عمل Northrop، قالت القوات الجوية إنها قد تجري منافسة جديدة على أجزاء من مشروع Sentinel بعد مراجعته عندما تتوصل إلى فكرة أوضح بشأن توقيت البدء في أعمال البناء الرئيسية. وقالت Northrop إنها مستمرة في الوفاء بمتطلبات عقدها.
تشعر البلدات المتضررة بالراحة إزاء التقدم البطيء في مشروع Sentinel في الوقت الذي تتأهب فيه للاضطرابات المتوقعة الناجمة عن أعمال البناء.
وقال جون موريسون عمدة كيمبول، بولاية نبراسكا، إن تراجع القوات الجوية "ليس أقل من نعمة لنا".
وبينما يدعم موريسون التحديث، قال إنه ينبغي منح تأثير المشروع على الاقتصادات المحلية المزيد من الدراسة
وبينما كان "البنتاجون" يفكر في تأخير برنامج Sentinel، قررت شركة محلية لإدارة النفايات التوسع في عمل يوفر 250 وظيفة في كيمبال.
وقد تسبب هذا المشروع في إجهاد مشروعات الإسكان والبنية التحتية. وعقد مسؤولو القوات الجوية وNorthrop اجتماعات عامة في البلدات الممتدة عبر حقول الصواريخ على مدى العامين الماضيين في الوقت الذي كانت تستعد فيه الحكومة لشراء الأراضي اللازمة، وإعداد معسكرات العمل وبدء الإنشاءات.
ورغم أنه من المتوقع أن تُعقد الاجتماعات التالية مع المجتمعات المحلية في وقت مبكر من العام المقبل، قالت القوات الجوية، الاثنين، إنه سيتم استئناف الاجتماعات في بعض المجتمعات "خلال الخريف المقبل".
وقالت Northrop: "نحن نقدر فرص الانضمام إلى شركائنا في القوات الجوية للتحدث مع المجتمعات المحلية بشأن تلك القدرة الأمنية الوطنية المهمة".